بالرغم من أن رئيس الجمهورية صرّح في مناسبات عديدة بأن الانتخابات القادمة ستكون ديمقراطية ونزيهة وستعامل كل الأحزاب على قدم المساواة فإن الواقع يعاكس ذلك تماما. ما نلاحظه هو أن مؤسسات الدولة من وزارات وشركات ودواوين تتلقّى تعليمات غير مكتوبة لتعطيل الديمقراطي التقدّمي بالذات. لنبدأ بالإعلام. جريدة الموقف وهي جريدة الحزب لا تتلقى أي دعم من الدولة بخلاف جرائد أحزاب الموالاة. وكالة الاتصال الخارجي توزّع الإشهار العمومي على كل الجرائد والمجلاّت حتى التي لا يقرؤها أحد وتحرم منها جريدة الموقف. شركة صوتيبراس تعمد إلى التقليص من توزيع الجريدة على الأكشاك عندما تصدر لها التعليمات الشفوية. ديوان البريد التونسي لا يوزّع نسخ المشتركين في الجريدة رغم دفعنا لمعلوم التوزيع حسب القانون. الحكومة تشن حربا ضروسا على الديمقراطي التقدّمي في ميدان الإنترنات، فقد عمدت الوكالة التونسية للإنترنات إلى غلق موقع الحزب الذي اشترينا اسمه منها دون تقديم أي تفسير في تجاوز صارخ للسلطة. أحزاب الموالاة لم تحرم من مواقعها. موقع الحزب الموجود بالخارج محجوب ولا يمكن للتونسيين زيارته. كما تحجب الوكالة النسخة الرقمية من الموقف. ولم تكتف الحكومة بهذه الاعتداءات على المواقع فقد أعطت التعليمات الشفوية لشركة اتصالات تونس لكي تحوّل وجهة وصلة الربط بالإنترنات التابعة للمقر المركزي للحزب ولكل أعضاء المكتب السياسي تقريبا لتربطها بمسدي خدمات سرّي يحرمها من استعمال البريد الإلكتروني ومن زيارة الموقع الاجتماعي فيسبوك وغير ذلك من خدمات الإنترنات العادية. كل هذه التعليمات الشفوية التي تحرم الديمقراطي التقدّمي وحده من إمكانية الاتصال بالمواطنين تناقض التصريحات الرسمية لرئيس الجمهورية الذي يقول أن الأحزاب ستعامل نفس المعاملة. الحكومة تباشر على الديمقراطي التقدّمي ضغطا أمنيا مباشرا. فمقرّات الحزب مراقبة بصورة متواصلة على مدار الساعة وخاصة مقره المركزي الذي يحرسه ما لا يقل عن ثمانية أعوان بلباس مدني لا يفعلون شيئا آخر في حياتهم إلا مراقبة من يدخل ومن يخرج والتثبت من هوية من يدخل لأول مرّة. حتى يوم العيد تجدهم منذ الفجر أمام المقر الشيء الذي يحرمهم من قضاء الأعياد الدينية بين أهاليهم. السلط الجهوية تضغط على مالكي المقرات لإخراج جامعات الحزب منها وقد نجحت في ذلك. منذ أن قرر الديمقراطي التقدّمي المشاركة في الانتخابات والسلطة تمنع الحزب من عقد اجتماعاته العامة أو الخاصة في فضاء عمومي لمنعه من الاتصال بالمواطنين بينما تمنح الحزب الحاكم مقرات السيادة التي هي ملك لكل الشعب ليجتمع بها. عديد الوُلاّة يعتبرون أنفسهم ممثلي حزب التجمّع الحاكم قبل أن يكونوا ممثلين لرئيس الجمهورية في ولايتهم. فتراهم يترأسون اجتماعات لجان التنسيق التجمّعية واجتماعات التعبئة التي يحضرها مدير الحزب وحتى اجتماعات بعض الشّعب التجمّعية المتنفّذة. كما تراهم يعلّقون معلّقات الدعاية الانتخابية لمرشّحي الحزب الحاكم في مقرّ الولاية (ولاية زغوان مثالا) وفي الطرقات العمومية (ولاية بن عروس مثالا). المرصد الحكومي الذي عيّنه الحاكم لا ينبس ببنت شفة ربّما لأن تراثنا السياسي الأمني وتجاربنا الانتخابية السابق تجعله لا يعرف شروط الحياد. د.أحمد بوعزّي الصورة: 8 أعوان يحرسون باب المقر المركزي في ثاني أيام العيد وفي يوم ممطر لم يكن فيه أي اجتماع عمومي مبرمج من الحزب. 17 تشرين الأول (أكتوبر) 2009,