اهدموا الجدار هي مبادرة هولندية شعبية تهدف إلى الدعاية وإنجاح الحملة المناهضة للجدار العازل الذي تقيمه إسرائيل لعزل الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويقول القائمون على الحملة الهولندية لهدم الجدار، إن هذا الأخير وصمة عار ويتنافى مع القانون الدولي، ويمثل عقبة في وجه السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين والعرب. تحاول هذه المبادرة جمع أكثر من أربعين ألف توقيع من الهولنديين في الداخل والخارج. وإذا تمكنت من ذلك فإنها ستتمكن من إعادة طرح الموقف الهولندي من الجدار أمام البرلمان في لاهاي. إذاعة هولندا العالمية حاورت الناطق الرسمي باسم المبادرة المدنية لهدم الجدار الدبلوماسي الهولندي السابق يان فاينبارخ. حاوره: عبد العالي رقاد
*ما الذي تقصدونه أولا بمبادرة "أهدموا الجدار" بالتحديد؟
- مجلس النواب الهولندي شرّع لما اسماه "المبادرة المدنية" التي يمكن للمواطنين أن يؤثروا من خلالها على نقاشات البرلمان والقرارات التي يتخذها، وبهذا يمكن للمواطن في هولندا أن يؤثر بطريقة غير مباشرة في قرارات الحكومة نفسها. وتعتبر الحملة الشعبية لهدم الجدار واحدة من المبادرات المدنية وفقا لهذا القانون، وقد انشأناها بغرض المساهمة في تحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين على أساس القانون الدولي.
*ما هي الخطوات الأساسية التي تمر بها المبادرة المدنية من هذا النوع للوصول الى تحقيق الهدف المقصود منها؟
- في البداية هناك قواعد صارمة ومحددة من قبل الغرفة الثانية في البرلمان للتقدم بأي سؤال أو مقترح، وعلى سبيل المثال هل تدخل القضية في اختصاص البرلمان أم لا، ثم يجب أن يكون موضوع المبادرة لا علاقة له بالدستور الهولندي، ولا مجال الضرائب العامة، ثم يجب أن يكون موضوع المبادرة لم يطرح للنقاش في البرلمان على الأقل في السنتين اللتين تسبقان طلب اعتماد المبادرة. وباختصار تهدف المبادرة المدنية قانونيا الى حث البرلمان على تسليط الأضواء على القضايا التي لم تحظ بالاهتمام اللازم من قبل أعضاء البرلمان في هولندا.
*هناك كثير من الهولنديين من أصل عربي في الداخل والخارج، ما هو النداء الذي توجهونه لهذه الفئة؟
- دعني أقل إن السؤال الأساسي الذي نطرحه نحن كمواطنين هولنديين على البرلمان هو كالتالي: أيها البرلمان، هلا تفضلت، بناء على القانون الدولي باتخاذ قرار منك تعتبر فيه أن جدار الفصل الذي شرعت إسرائيل في تشييده هو جدار لا شرعي، خاصة وأن محكمة العدل الدولية قررت من جهتها أنه يجب هدمه وتعويض كل المتضررين من جراء هذا الجدار. الحكومة الهولندية لا تقوم بما فيه الكفاية للضغط على إسرائيل، التي تستمر في بناء الجدار. ولهذا أيضا نوجه مبادرتنا إلى البرلمان كي يأمر الحكومة بفرض عقوبات مشددة على إسرائيل في حالة لم تشرع في هدم جدارها.
*ما الذي يمكن للمواطنين الهولنديين في الخارج أن يفعلوه، للمشاركة في هذه المبادرة، خاصة وأن كثيرا منهم من أصل عربي؟
- الجميل في موقعنا على الإنترنت هو سهولة الوصول إليه لكل الناس والمعنيين بالمسألة وذلك من خلال الرابط التالي:www.sloopdemuur.nl ومن خلاله يمكن التوقيع على مبادرتنا. وهنا يوجد طريقتان للتوقيع، الأولى خاصة بالهولنديين في داخل البلاد، والثانية بالهولنديين المقيمين في الخارج، أما الشرط الأساسي للتوقيع فهو أن يكون الشخص يحق له الإنتخاب وأن يكون في سن الثامنة عشرة أو أكثر.
*هل تعني المبادرة المدنية أن السياسة في هولندا فشلت في اتخاذ موقف صائب من الجدار؟
- عندما ينطلق المرء من الدستور الهولندي الذي يقول أن الحكومة يجب أن تدعم تطورات القانون الدولي، فانه يتوصل الى نتيجة أن ما تقوم به الحكومة الحالية هو تجاهل تام لما يحدث من قضايا تتعلق بالصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأنها تترك إسرائيل تفعل ما تشاء وتخرق القانون الدولي دون محاسبة، وقضية الجدار هي مثال على ما نقول. أذا أردنا أن يتحقق السلام بين الطرفين فانه يجب اتخاذ عديد من القرارات على أساس القانون الدولي، وهدم الجدار الإسرائيلي هو واحد من تلك القرارات.
*هولندا معروفة تقليديا بدعم إسرائيل على الساحة الدولية، بالرغم من وجود علاقات تاريخية لليسار الهولندي مع الفلسطينيين، كيف تعلق عن السياسة الهولندية والقضية الفلسطينية؟
- أولا يتحدث الناس في الغالب عن القضية الفلسطينية، لكن في رأيي لا توجد قضية فلسطينية بل ما هو موجود هو مشكلة إسرائيل مع الفلسطينيين. وقد أصبحت هذه المشكلة واضحة المعالم منذ شروع إسرائيل في توسيع المستوطنات أو بنائها على الأراضي المحتلة وأصبح واضحا أيضا إن إسرائيل هي من يتسبب في المشكلة وليس الفلسطينيون. القضية الأساسية هنا هي إذا أردنا تحقيق السلام بناء على القانون الدولي فانه يتوجب النظر في سلوك إسرائيل أولا وتغييره. أما الحكومة الهولندية فلديها أسباب تاريخية تجعلها تختار دعم المواقف الإسرائيلية على حساب الفلسطينيين الى غاية اللحظة، وهنا يجب تغيير هذا الوضع، لكن ليس بمعاداة إسرائيل، بل بالتصدي لسياساتها الحكومية التي تحاول تدمير المجتمع الفلسطيني بطريقة تحاول من خلالها منع هولندا من التضامن مع الشعب الفلسطيني أو تبني مواقفه.
*ما هو الفرق بالتحديد بين مواقف الطبقة السياسية في هولندا على اختلافها، وموقف الرأي العام الهولندي؟
- من الناحية التاريخية يمكن أن نقول بأن الرأي العام الهولندي وقف متضامنا جدا مع إسرائيل، لكن هناك تغير تدريجي وجد طريقه إلى أذهان الناس ومواقفهم خاصة بعد الحربين الإسرائيليتين الأولى على لبنان في 2006 والهجوم الأخير على قطاع غزة أواخر العام الماضي ومطله العام الحالي. هذان الحدثان سببا تصدعاً في مواقف الرأي العام الهولندي التي أمست أقرب إلى النقد والتنديد منها إلى التأييد كما كانت في السابق.
السياسيون الهولنديون لا يزالون يركضون جاهدين لدعم اسرائيل ولا يعرفون أن الزمن تغير. هناك تحرك ملحوظ في مواقف الاحزاب السياسية وبالأخص الحزبين الكبيرين (حزب العمل والحزب المسيحي الديمقراطي). والوسيلة التي نعتمدها في المبادرة الشعبية لهدم الجدار تساعد أيضا في التأثير على مواقف هذه الأحزاب وبالتالي التأثير أيضا في البرلمان الهولندي، ونعتقد أننا سنغير رأي البرلمان في هولندا ونطرح القضية للنقاش مجددا. إذاعة هولندا العالمية