محدودية الوعي الثقافي لمصالي الحاج وشعبويته أديا إلى تأخير اندلاع الثورة الجزائر:قال محمد مشاطي، إن عدم امتلاك مصالي الحاج لمستوى فكري وثقافي، جعل الثورة تتأخر لردح من الزمن. واعتبر أن الزعيم ''كان يتحسس من المثقفين، فأحاط نفسه برجال من مستواه. وهذا لم يكن بإمكانه أن يحمل نتائج إيجابية لحزب الشعب''. وأضاف مشاطي أن حب الزعامة التي كانت لدى مصالي، انتقلت عدواها إلى محمد بوضياف. وتجلى ذلك خلال التحضير لاجتماع ''سالم باي''، أو ما يعرف باجتماع ال 22 التاريخي، حيث وقع أول انقلاب عسكري. اعتبر محمد مشاطي، خلال نزوله ضيفا على ندوة ''الخبر'' الثقافية، بمناسبة صدور مذكراته هذا الأسبوع عن منشورات ''الشهاب'' بعنوان ''مسار مناضل''، أن الشعب الجزائري كان يملك وعيا ثوريا ورغبة في تفجير الثورة، إلا أن غياب التنظيم وعدم قدرة حزب الشعب على اكتساب ''وعي تنظيمي وتصور إيديولوجي''، جعل الوقت يمضي في الكلام وفي شعار ''حرروا مصالي الحاج''. وأوضح مشاطي أن مصالي لم تعجبه النتائج التي تمخضت عن حزب الشعب انتصار الحريات الديمقراطية سنة 1953، فقام بتفجير الحزب، وأحاط نفسه برجال ''عديمي التكوين وبدون ثقافة سياسية''. وقال مشاطي ''لا أنكر أن هذه الجماعة كانت مع تفجير الثورة، لكنها لم تكن تملك وعيا فكريا بالثورة''. وعاد مشاطي لظروف إعادة بعث المنظمة الخاصة (لوس) بعد أن اكتشفت السلطات الاستعمارية أمرها سنة 1950، مما أدى الى إلقاء القبض على مسؤولها العسكري أحمد بن بلة. أما مسؤولها السياسي، فهو حسين لحول الأمين العام لحزب الشعب انتصار الحريات الديمقراطية. وقد شرع الحزب بعدها في التفكير في إعادة بعث المنظمة، فقام حسين لحول باستدعاء محمد بوضياف (المساعد العسكري الأول لبن بلة على رأس المنظمة الخاصة) الموجود حينها بفرنسا، وطلب منه خلال اجتماع انعقد بمدرسة الرشاد بالجزائر العاصمة بأن يعيد تفعيل ''لوس''، فتشكلت لجنة تتكون من سيد علي عبد الحميد، ورمضان بوشبوبة (نشر مؤخرا مذكراته عند منشورات ''الفا'' بعنوان ''دروب مناضل''، لكنها توقفت للأسف عند سنة 1950 بسبب رحيله سنة 1999 بدون إتمامها)، إضافة إلى بشير دخلي وكلاهما عضو في اللجنة المركزية للحزب. كما ضمت اللجنة كل من محمد بوضياف ومصطفى بن بولعيد بصفتهما عضوين في ''لوس''. وعلى إثر اجتماع هذه اللجنة ظهرت ''اللجنة الثورية للوحدة والعمل'' للإعداد لتفجير الثورة. ويعتقد محمد مشاطي أن الأحداث التي تلت إنشاء هذه اللجنة، وتأثير فكر الزعامة على محمد بوضياف سوف تؤدي إلى وقوع أول انقلاب عسكري. وقبل الخوض في تفاصيل هذا الانقلاب، فضّل مشاطي التوقف عند عدة قضايا، منها حالة الشك التي بدأت تظهر لدى الفئات الشعبية المناصرة لمصالي الحاج بشكل يكاد يكون أعمى، بسبب المقالات التي كانت تنشر في جريدة ''الباتريوت'' التي أنشأتها اللجنة الثورية للوحدة والعمل عقب تأسيسها، بسبب ميلها لأطروحات اللجنة المركزية لحزب الشعب انتصار الحريات الديمقراطية، والمتكونة من قيادة ترفض مطلقا تلبية رغبة مصالي في الحصول على ''زعامة مطلقة، ومدى الحياة على رأس الحزب''. ويستفيض مشاطي في حديثه عن هذه الظاهرة كالتالي ''في خضم الصراع بين المناصرين لمصالي وأعضاء اللجنة المركزية للحزب، كنت أميل لأطروحات اللجنة المركزية، بينما كانت بلاد القبائل، والأوراس ومنطقة الغرب موالية لمصالي. أما في الشرق الجزائري، فقد فضّل المناضلون البقاء في الحياد، فاستقبلوا التيارين بقسنطينة للحوار والتشاور وتجسيد أفكار اللجنة الثورية للوحدة والعمل التي تنص على تجاوز الخلافات''. وأضاف مشاطي ''لقاء مناضلي الشرق مع المصاليين، لم يرض محمد بوضياف، الذي تعرض للاعتداء من قبل المصاليين قبل هذا التاريخ بالجزائر العاصمة، بينما كان رفقة رابح بيطاط. ولما التقيت به بجسر سيدي راشد أبدى غضبا شديدا، وأظهر امتعاضه من تصرفات مناضلي الشرق، بسبب لقائنا بالمصاليين. وعلمت لاحقا أن بوضياف ظل يشك في نوايا مناضلي قسنطينة، وهذا ما أدى إلى وقوع الانقلاب العسكري الذي تحدثت عنه في مذكراتي''. ويعتقد مشاطي أن محمد بوضياف استدعى الجماعة التي يثق فيها لاجتماع ال ,22 لكن من غريب الصدف أن الاجتماع الذي جرى في بيت دريش بسالم باي، حضره ستة عشرة مناضلا من الشرق، أربعة مناضلين من الجزائر العاصمة ومناضل واحد من الغرب. وأضاف ''لكن المسؤولية لم تسند إلى أي مناضل مما أصبح يسمى بجماعة قسنطينة خلال تفجير الثورة، بما في ذلك عبد الرحمان غراس، المعروف بقدرته على التنظيم والعضو البارز في المنظمة الخاصة ومسؤولها على مستوى الشرق بسبب تحسس بوضياف من انتقاداته الشديدة له. فتأكدنا أن بوضياف كان يناور ويبحث عن تزعم الثورة من منطلق مسؤوليته على ''لوس'' كعسكري، فانقلب على حسين لحول وفجّر الثورة بدون السياسيين''. ويفهم من كلام مشاطي أن بوضياف فجّر الثورة بدون مسؤوله المباشر، حسين لحول، الذي استدعاه من باريس لهذا الغرض. وقال مشاطي ''لقد فعل ذلك لكي يتزعم الثورة ويعطي لنفسه دورا رياديا'' ''لقاء مناضلي الشرق مع المصاليين، لم يرض محمد بوضياف، الذي تعرض للاعتداء من قبل المصاليين قبل هذا التاريخ بالجزائر العاصمة، بينما كان رفقة رابح بيطاط. ولما التقيت به بجسر سيدي راشد أبدى غضبا شديدا، وأظهر امتعاضه من تصرفات مناضلي الشرق، بسبب لقائنا بالمصاليين.
وكتب مشاطي في الصفحة سبعين من مذكراته ما يلي: ''حينما دخلت الى غرفة الاجتماع، وجدت بعض الأشخاص قد سبقوني، منهم بوضياف الذي استقبلني، وطلب مني أن أجلس بين سويداني بوجمعة وأحمد بوشعيب. وكان بوضياف يحمل أفكارا مسبقة... فقام بتشتيت عناصر قسنطينة الذين يرتاب منهم ... وبعدما حرص على تعيين أماكن المجتمعين بنفسه، توجه للجلوس إلى جانب بن بولعيد وبن مهيدي وديدوش مراد ورابح بيطاط. وهؤلاء كانوا جالسين على بطانية ومتكئين الى الحائط''. ويضيف مشاطي'' وجدنا أنفسنا أمام جماعة صغيرة برزت على شكل ''مكتب'' لتسيير أشغال الاجتماع، وكان يضم خمسة أشخاص، وهم بوضياف، بن بولعيد، بن مهيدي، رابح بيطاط وديدوش مراد''. ويفهم من كلام مشاطي أن بوضياف فجّر الثورة بدون مسؤوله المباشر، حسين لحول، الذي استدعاه من باريس لهذا الغرض. وقال مشاطي ''لقد فعل ذلك لكي يتزعم الثورة ويعطي لنفسه دورا رياديا''. وعقب اجتماع ''سالم باي''، عاد منضالي قسنطينة واجتمعوا مع مسؤولهم المباشر عبد الرحمان غراس، فتم اقتراح عقد اجتماع آخر حضره كل من مشاطي، غراس، حباشي، بن عبد المالك رمضان، ملاح سليمان باجي مختار، لخضر بن طوبال وبوعلي سعيد، وحضر ديدوش كممثل لبوضياف، واتفقوا على الاتصال بالدكتور لمين دباغين بسطيف لإقناعه بضرورة التحضير لاجتماع آخر بالعاصمة، لكن ديدوش مراد رفض الفكرة، فقال ''اللي مشى، أمشى واللي لم يمشي يروح للحبس''. ويضيف مشاطي ''لهذا السبب قررت جماعة بوضياف معاقبة جماعة قسنطينة وعدم إبلاغها بتاريخ اندلاع الثورة''.