أياً تكن حمولة السفينة “فرانكوف” وجنسيتها، فإن ما قامت به “إسرائيل” هو ممارسة مكشوفة ومفضوحة لعملية قرصنة تقوم بها دولة عضو في الأممالمتحدة، في عرض البحر وعلى مبعدة 160 كيلومتراً من شواطىء فلسطينالمحتلة. إنها عملية قرصنة موصوفة تتعارض مع قوانين البحار ومع كل القوانين الدولية الأخرى، وتتماثل مع عمليات القراصنة على سواحل الصومال، ومع تلك التي كان يمارسها القراصنة في القرون الماضية، يوم كانت البحار ساحة مفتوحة لأعمال السلب والنهب وبلا ضابط أو رقيب أو حسيب. “إسرائيل” تمارس الأساليب أياها وكأن لا قوانين تكبح أو تحاسب، أو كأنها هي من تملك هذه القوانين وتطبقها كما تريد ووفق مصالحها، فترسل وحداتها الخاصة البحرية والجوية آلاف الأميال في أعالي البحار فتأسر وتصادر سفينة محملة من دولة إلى دولة. فلتكن السفينة “فرانكوف” محملة بالسلاح، وهناك مئات السفن تمخر عباب المحيطات والبحار محّملة بالسلاح، ومن بينها بالتأكيد أسلحة إلى “إسرائيل”، فمن أعطى لهذا الكيان حق اعتراضها وأسرها؟ ماذا لو عمدت دول أخرى إلى القيام بمثل ما قامت به “إسرائيل”. وهل هناك من أعطى لها تفويضاً بمصادرة السفن المحملة بالأسلحة، باستثناء التي تخصها؟ إن “إسرائيل” المدججة بكل أنواع الأسلحة التقليدية وأكثر منها أسلحة الدمار الشامل، والتي لا تتورع عن استخدامها متى شاءت، وقد استخدمتها بشكل واسع في لبنان وغزة وارتكبت بها المجازر، تدّعي أن حمولة السفينة تمثل “جريمة حرب” يجب أن تحقق بها الأممالمتحدة. فعلاً هزلت، والأمر مدعاة للسخرية. دولة تمارس القرصنة في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع من العالم كلّه، تدّعي أن حمولة السفينة من الأسلحة “جريمة حرب”، وهي أسلحة إن صدقت مزاعم “إسرائيل” لم تستخدم، في حين أنها ترتكب عشرات جرائم الحرب بأسلحة استخدمتها، وتستعد لارتكاب جرائم حرب جديدة بأسلحة لم تستخدمها بعد. والسؤال: كيف يسمح لهكذا دولة أن تمارس القرصنة البحرية ولا يتم ردعها، في حين يتم تجييش مئات البوارج والمدمرات والزوارق الحربية لملاحقة حفنة من القراصنة الخارجين على القانون على السواحل الصومالية. قرار القرصنة اتخذ على أعلى المستويات داخل الكيان كما تؤكد الصحف “الإسرائيلية” رغم ادراك هؤلاء بوجود قوانين تحظر القيام بمثل هذا العمل. لكن “إسرائيل” لم يكن بوسعها القيام بما قامت به لو لم تكن متأكدة بأن “ظهرها محمي” كما يقال، وأن القوانين الدولية لا تنطبق عليها. افتتاحية الخليج