عمان :بعد أيام يحتفل مركز حماية وحرية الصحافيين في عمان بالذكرى الحادية عشر لتأسيسه، ويقول نضال منصور، الرئيس التنفيذي للمركز، إن التغيير في موضوع حرية الإعلام لايتوقف في العالم العربي على عقد أو اثنين، وربما يحتاج إلى أكثر من ذلك، وذلك لأن الحكومات العربية حتى الآن لم تقتنع بحرية الإعلام، ولم تقتنع أن الإعلام شريك في التنمية، وحتى الآن تتعامل الحكومات العربية مع الإعلام باعتباره خصما. نقابة الصحافيين خلال العقد الأول تمكن مركز حماية وحرية الصحافيين من تحقيق بعض المنجزات، ولكن وفقا لمنصور "ليس كما نطمح ونتمنى"، وذلك بسبب وجود معوقات كبيرة وكثيرة، وأهم شيئ تم إنجازه وفقا لمنصور: "استطعنا أن نثبت أن هناك مؤسسة تراقب وتدافع عن حرية الإعلام، ولا تستطيع أن تتجاهل ما يجري وأن تدفن رأسها في الرمال عما يجري بخصوص حرية الإعلام، وتمكنا من رصد كل الانتهاكات، وتوفير دفاع قانوني للصحافيين الذين يتعرضون للمضايقات والضغوط في المحاكم وخارجها". أول مركز متخصص في الدفاع عن حرية الصحافيين ليس فقط في الأردن، وإنما في العالم العربي، لم يكن موضع ترحيب من الحكومة، والأجهزة التابعة لها، وتعرض مؤسس المركز الصحفي نضال منصور للفصل من نقابة الصحافيين، التي كان يشغل فيها منصب أمين السر، والسبب في ذلك وفقا لمنصور: "لا يريدون تحريك هذه البركة الراكدة، ولا يريدون عينا تظل حاضرة ومتيقظة للدفاع عن حرية الإعلام، ولذلك دفعنا الثمن، ولكننا ندرك أن التغيير له ثمن، ونحن نتقبل ذلك عن طيب خاطر. الطريق في العالم العربي من أجل الدفاع عن حرية التعبير والإعلام، وحرية العمل النقابي مليء بالأشواك".
علاقة ملتبسة ليس كل المشاكل مصدرها الحكومة، فوفقا لمنصور لا تزال العلاقة بين مؤسسات المجتمع المدني ملتبسة، ونقابة الصحافيين لا تريد أحدا في الميدان غيرها، كما أنها غير مستقلة بمعنى الاستقلال الحقيقي للدفاع عن حرية الصحافيين، بل أنها وفقا لمنصور: "كانت في بعض الأحيان تتنحاز ضد زملاء إعلاميين يواجهون مشكلات قانونية، بسبب تعبيرهم عن آرائهم ومواقفهم، والذي يحرك هذا المشهد ليس نقابة الصحافيين ذاتها، وإنما هناك أصابع خفية ومعروفة في نفس الوقت، وذلك لمنع حضور مركز فاعل يدافع عن حرية الإعلام في الأردن". حول الظروف التي يعيشها الصحافيون اليوم في الأردن، بعد التحسينات في التشريعات الخاصة بالصحافة، وما أهم المشاكل التي يواجهونها يقول نضال منصور: "المشكلة التشريعية لا تزال قائمة، كما أن توقيف الصحافيين لم ينته رغم كل هذا التطبيل والترويج. التوقيف لم ينته، فهناك زميل أوقف العام الماضي على خلفية قانون محكمة أمن الدولة، وليس بالضرورة أن يوقفوه بموجب قانون المطبوعات، وإنما يحيلونه للتوقيف بموجب مجموعة من القوانين، وهذا التداخل القانوني والتشريعي يحتاج إلى خلق بيئة تشريعية مناسبة، وليس تعديل قانوني واحد".
الرقابة الذاتية كما توجد حزمة من المشكلات تواجه الصحافيين في الأردن، من بينها أنهم يمارسون الرقابة الذاتسة على أنفسهم، ووفقا لاستطلاع للآراء أنجزه المركز هناك 94 % منهم يمارس الرقابة الذاتية، ويبدو أن سبب وجود هذه الرقابة الذاتية، يعود أساسا للتابوات الثلاثة المعروفة في الأردن، وهي عدم المساس بالنظام السياسي، بما في ذلك العائلة الملكية، وعدم الكتابة على المؤسسة العسكرية، بالإضافة إلى تجنب كل ما يثير "الفتن الطائفية، العشائرية، المذهبية، الإقليمية، وزعزعة الوحدة الوطنية". إذا اقترب أي صحفي من هذه التابوات يحاكم وفقا لقانون العقوبات، وليس وفقا لقانون المطبوعات. كما يشير نضال منصور لطرق أخرى لاحتواء الصحافيين، من بينها "الاحتواء الناعم" كما يسميه، بالإضافة إلى محاولة شراء الصحافيين، ومنحهم الامتيازات.
التآمر لا يرى نضال منصور أي تعارض بين دوره في المركز كمدافع عن حرية الصحافيين، ودوره كصحفي وناشر لصحيفة الحدث الأسبوعية، كما أنه يكتب زاويو أسبوعية في صحيفة الغد، يقول منصور أنها "تعبر عن حنيني للعمل الصحفي". كما أنه يتصل أحيانا بالمسئولين للحصول على المعلومات، ثم يعطيها لزملاءه الصحافيين، ويرى منصور أن الصحافة الأسبوعية تحتضر، وأن الصحافة المكتوبة تواجه تحديات كبيرة، ويفكر منصور مع آخرين في تأسيس موقع ألكتروني يمارس جرأة عالية، ويحافظ على المصداقية، ويطوع هذا التقدم التكنولوجي لخدمة الناس، وحقهم في المعرفة، كما يرى منصور أن عمله في المركز يخدم الصحافيين أكثر من تفرغه للصحافة، حيث يسعى للبحث عن فرص لتدريب الصحافيين، وبناء كوادر قانونية قادرة على التصدي للانتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون.
معارك دنكيشوتية يستغل نضال منصور هذا الحوار لشكر الحكومة الهولندية باعتبارها من أكبر المساهمين في ميزانية المركز، ويرى أن قضية التمويل الأجنبي لا تخلو من مبالغة مضيفا: "هناك من احترفوا الحديث عن التمويل الأجنبي باعتباره مؤامرة على الوطن، وحتى الآن لا أعرف ما هي المؤامرة، ولا أعرف ما إذا كانت مؤسسات المجتمع المدني تستطيع التآمر، وعندما تؤسس ورشة لتدريب الصحافيين فما هو نوع التآمر الذي يتحدثون عنه، ودائما أقول أن الحكومات لديها منظومة تعاون أمني مع العالم الخارجي، ابتدأ من السي أي أيه، ولا يحتاجون لمعلومات مؤسسات المجتمع المدني، وأعتقد أن هذه الأصوات بدأت تتراجع، لأن مؤسسات المجتمع المدني بدأت تظهر انجازاتها على أرض الواقع، ولديها أنصار واضحون، وأخذت عملية التضليل والخداع تنتهي، ونتمنى أن تكون هناك مؤسسات عربية قادرة على صناعة وقفيات لدعم مشاريع النهوض بالمجتمع المدني والتنمية، ولا نريد أن يبقى الغرب دائما هو من يتفهم احتياجات المجتمع المدني". ويختتم نضال منصور حديثه قائلا ليس هناك من هو أحرص على ماله من الممول نفسه، الذي يتابع بدقة كيفية إنفاق هذه الأموال، ولكن هؤلاء المنتقدين ا يجرونك أحيانا إلى معارك "دونكيشوتية" تبعدك عن أهدافك، وتهدر الكثير من الوقت. إذاعة هولندا العالمية