القصرين: قافلة صحية عسكرية متعددة الاختصاصات لفائدة متساكني عمادة عين جنان الحدودية    التعليم والعمل يجذبان المهاجرين إلى تونس بين 2019 و2024.. وإفريقيا جنوب الصحراء في الصدارة    سفيرة هولندا تشارك في غراسة 1000 شتلة خروب لتعزيز الرقعة الخضراء بنابل    تحب تعرف التغطية الصحية متاعك صالحة؟ هاو شنوا تعمل    عاجل: 8 من 10 تونسيين عندهم تغطية صحية... و2,2 مليون من غير حماية    ال CNAMوطرق الانخراط: كل شي لازم تعرفو على التأمين الصحي    المنستير: توقعات بانتاج 90 ألف طن من الزيتون و18 ألف طن من االزيت خلال موسم الزيتون الحالي    المهدية: "مشاريع تحلية المياه نوعت من الغراسات وزادت في مردودية الفلاح"    حجز أكثر من 11 طناً من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك بعدد من الولايات    فتح تحقيق ضدّ 7 أشخاص بشُبهة تهريب القهوة والمضاربة بها في السوق    عاجل: نظام جديد في ''شنغن'' يبدأ الأحد..وداعًا للأختام اليدوية!    دورة سافاري للرقبي السباعي سيدات - المنتخب التونسي ينهزم في الدور ربع النهائي امام نادي شوغون 12-17    دورة نادي الكرة الحديدية ببوسالم: مشاركة واسعة ل32 فريقا من ولايات تونس والشمال    البلايلي يغادر تربص منتخب الجزائر بسبب الاصابة    تونس تتصدر: السياح الصينيين اختاروها الأفضل والأكثر أمان    عاجل/ فاجعة تسمم تلاميذ في قابس: رئيس الدولة يسدي هذه التعليمات..    الناشط ضمن أسطول الصمود العالمي على كنيس يغادر معبر الكرامة    الدوري الأمريكي: ميسي يسجل مجددا بهدفين في مرمى أتلانتا (فيديو)    سيدي بوسعيد ضمن أروع 10 قرى بيضاء في العالم    اكتشف جذور كلماتنا الدارجة: أسرار قرطاجية وفينيقية في اللهجة التونسية    قابس: عودة الهدوء.. والمجلس المحلي يدعو إلى المحافظة على الطابع السلمي للاحتجاج    نابل: وزير الفلاحة يعاين أضرار الحشرة القرمزية ويُتابع إجراءات مكافحتها ببوعرقوب    عاجل: رحلة دبلوماسية تتحوّل لمأساة: 3 قطريين يفقدوا حياتهم في مصر...شنيا الحكاية؟    400 شاحنة مساعدات تتحرك تمهيداً لدخول غزة    突尼斯荣膺中国游客最向往安全旅游目的地榜首    عاجل: اليوم انطلاق بيع تذاكر مباراة تونس وناميبيا    طقس اليوم: مغيم جزئيا فأحيانا كثيف السحب مع أمطار متفرقة    أمطار خفيفة في البلايص هذه نهار الأحد... طقس خريفي بامتياز    رئاسة مدغشقر: "محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة" وسط تصاعد الغضب الشعبي    ديان كيتون ترحل... النجمة اللي عرفناها في العرّاب وآني هول    ابنة إيناس الدغيدي: "أمي حققت حلمها واتجوزت وهي فوق السبعين"    العاصمة: يوم مفتوح بشارع الحبيب بورقيبة للتوعية بالسكتة القلبية تحت شعار "كل ثانية تنقذ حياة"    قرحة المعدة: شنوة تاكل وشنوة لا؟    المشروبات الغازية والاكتئاب: شنوة الرابط اللي يهم البنات أكثر    احصائيات: تطور القروض للقطاع الخاص ب %3.5 أواخر أوت    فيينا.. الآلاف من أنصار فلسطين يطالبون بمعاقبة إسرائيل    جندوبة.. قافلة صحية تؤمن 740 عيادة طبية مجانية    في «ملتقى الفنون» بأكودة ... عروض مسرحية سينمائية ومعارض فنيّة    المطرب مراد إبراهيم ل«الشروق»: شغوف بالفن الطربي وأرغب في التنويع    المهرجان الدولي للارتجال بالمهدية في نسخته السابعة : عروض إبداعية مفتوحة، ورشات حيّة.. وفنّانون في الموعد    كرة اليد.. نتائج مواجهات الجولة التاسعة من المرحلة الاولى لبطولة النخبة    أولا وأخيرا .. البحث عن مزرعة للحياة    طبّ الشيخوخة في تونس بداية من ديسمبر: فماهو هذا الإختصاص؟    مرصد المياه: تراجع نسبة امتلاء السدود إلى حوالي 27،4 بالمائة    مباراة ودية (اقل من 23 سنة): المنتخب التونسي يفوز على نظيره العراقي    سوسة: عروض تونسية وإيطالية تُثري ليالي مهرجان أكتوبر الموسيقي    المهدية : انطلاق مشروع طموح لتطوير القصر الروماني بالجم    عاجل: الأمطار ترجع لتونس هذا الأسبوع وتحذيرات للشمال والساحل    نترامب يتجه غدا الأحد نحو فلسطين المحتلة ثم مصر..#خبر_عاجل    الطقس اليوم: سحب وأمطار خفيفة بالشمال والوسط ورياح قوية في الجنوب    اقتحام معهد في سليانة وسرقة هواتف تلاميذ: الاحتفاظ بمشتبه بهم    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    الاطاحة بعصابة لسرقة المنازل بهذه الجهة..    يوم الجمعة وبركة الدعاء: أفضل الأوقات للاستجابة    وقت سورة الكهف المثالي يوم الجمعة.. تعرف عليه وتضاعف الأجر!    عاجل/ ضربة موجعة لمروجي المخدرات..    الجمعة: أمطار رعدية بهذه الجهات    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام اليوم في أوروبا، إلى أين؟: أبو الفضل محمد بن هندة
نشر في الفجر نيوز يوم 07 - 12 - 2009


الإسلام في سويسرا بين المد والإنتكاس
أبو الفضل محمد بن هندة الفجرنيوز
أستاذ القانون والعلاقات الدولية باريس

مقدمة
تعتبر سويسرا من أكثر البلاد في العالم استقرارا ورخاء وأمنا وسلاما، وكذلك احتراما لمواطنيها ولأرآئهم والدفاع عن مصالحهم في الداخل والخارج. فالقوانين السويسرية تسن بطرق شعبية وحكيمة . كذلك تعتبر الدبلوماسية السويسرية ورجالها من أحذق الدبلوماسية في العالم. ولعل ذلك يرجع إلى تكوين واستقرار الإتحاد السويسري ومكانته العريقة في أوروبا ودول العالم. فالإتحاد السويسري يعتبر من أقدم من النظم الدستورية والأتحادية وأرسخها في العالم. فقد أعلنت الجمهورية في سويسرا في نهاية القرن الثالث عشر ( 1291) بعد انفصالها عن النمسا في عهد أسرة هابسبورج. وذلك في زمن كانت تئن فيه أوروبا تحت نير نظام الإقطاع والإستبداد الملكي.
وتجنا للحروب والصراعات بين الدول الأوروبية اختارت سويسرا نظام الحياد ، الذي جعلها تعيش في أمن وسلام.
ويبلغ اليوم تعداد سكان سويسرا حوالي 7 ملايين منهم مايقارب النصف مليون أجني ، وعاصمتها الأتحادية بيرن. وسكانها خليط من جنسيات وأعراق مختلفة، فمنهخم الإيطالي والفرنسي والألماني والنمساوي والعربي. ولهذا السبب للسويسرا عدة لغات رسمية.
انتشار الإسلام في سويسرا
الإسلام هو أحد أبرز الديانات السماوية في سويسرا. فوفق إحصاءات 2001، بلغ تعداد المسلمين أكثر من 310 ثلاثمائة وعشرة آلاف، وبذلك يشكلون ما يزيد عن الأربعة في المائة من مجموع السكان، ومع ذلك فالإسلام غير معترف به رسميا في البلاد وذلك رغم التواجد الإسلامي في سويسرا منذ ما يزيد عن العشرة قرون.
فقد دخل الإسلام إلى سويسرا، قلب أوروبا، عن طريق إيطاليا وفرنسا في بداية القرن العاشر الميلادي حوالي سنة 939 وذلك عن طريق مدينة سان غال التي تقع اليوم في سويسرا. ومنها أرسل الفاتحون عدة حملات إلى باقي البلاد السويسرية، وأقاموا فيها ثغورا متفرقة في أعالي جبالها، جبال الألب ، الأمر الذي حدى بإمبراطور الألمان إلى إرسال سفارة بشأنهم إلى الخليفة الأموي في الأندلس ، عبد الرحمن الناصر.
وقد تعزز هذا التواجد بعد سقوط الأندلس، حيث لجأ إليها عدد كبير من المسلمين فرارا من الاضطهاد الديني والتعصب المسيحي ومحاكم التفتيش. لكنهم ، بمرور الزمن اندمجوا في السكان الأصليين واندثر كيانهم المتميز.
وفي عصرنا الحاضر، لجأ كثير من المسلمين خاصة بعد الحرب العالمية الأولى إلى سويسرا طلبا للحماية والأمان من بطش الحلفاء فرنسيين كانوا أو ألمان. ومن أبرز أولئك الأمير شكيب أرسلان ثم بعد ذلك سعيد رمضان، حيث أسس هذا الأخير، بعد هروبه من مصر، بعد الثورة المصرية ،المركز الإسلامي في جنيف الذي يعتبر من أولى المراكز الإسلامية في أوروبا. وبفضل جهود الإسلاميين وبزوع فجر الصحوة الإسلامية المباركة دخل عدد كبير من السويسرين إلى دين الله عن قناعة وطواعية، وانتشر في ربوع سويسرا عدد كبير من المراكز الإسلامية والمساجد والمصليات وصار تواجد المسلمين أمرا واقعيا يفرض التعايش السلمي بينهم وبين الأديان الأخرى. لكن تنامي الإسلام في سويسرا وتزايد أعداد المسلمين خاصة والأجانب عامة ثار حفيظة كثير من السويسرين. فالكثيرون منهم يرون أن ظاهرة هجرة الأجانب وتعدد أعراقهم ودياناتهم ومظاهر تواجدهم صار يهدد النسيج الأصلى للسكان وعاداتهم وتقاليدهم وأديانهم. فظهرت ردود فعل متفاوية بين السكان والتيارات السياسية والاجتماعية والدينية، حتى أصبحت ظاهرة رفض الأجانب مطية لبعض الأحزاب السياسة التي تتطلع إلى السلطة من خلال جلب أصوات الناقمين والمعادين للأجانب وخاصة المسلمين منهم. فمن ما لا شك فيه أن تصرفات الغالبية من المسلمين لا تعكس القيم والأخلاق الإسلامية الحميدة والمادئ العليا التي ينادي بها الإسلام الحنيف ، الأمر الذي جعلهم أكثر من غيرهم عرضة للتنامي العنصري والكراهية الاجتماعية ، ومن ذلك الموجة المعادية لرفع المآذن في المساجد. وتحت ضغط كبير لجأت الحكومة السويسرية إلى أسلوب حضاري يتماشى وتقاليدها وقوانينها وهي الإستتفتاء الشعبي حول رفع المآذن في المساجد في الإتحا السويسري. فكانت نتيجة الاستفتاء بنسبة تفوق 57 في المائة
وقد جاءت ردود الفعل على هذه النتيجة، في داخل سويسرا وخارجها متفاوتة، بين مناهض وشاجب لها وبين متعقل ومتروي. فإذا كانت هذه النتيجة تظهر لا محالة مناهضة الأغلبية لرفع المآذن في المساجد، ومن ثم التواجد الإسلامي، فإنه من الحكمة والتعقل احترام رأي الأغلبية وعدم معارضتها بطرق منافية للقانون، خاصة وأن رفع المآذن في المساجد غير واجب في الإسلام. فأن ما يعود على الإسلام والمسلمين في سويسرا أكثر بكثير من ما يعود عليهم برفع المآذن. فالمسلمون في سويسرا يمارسون شعائرهم واجتماعاتهم بحرية وكرامة ودون اعتداء عليهم. إن على المسلمين في سويسرة أن يهتموا بأمور أخرى سامية ، أنفع وأجدى لهم كتربية أبنائهم وتعليمهم وتحصينهم من الانسلاخ والذوبان ليكونوا بذلك قدوة يحتذى بهم في التربية والأخلاق والسماحة والعلوم . فيتبوؤون بذلك المراكز المرموقة في المجتمع، بفضل جهودهم ومسامحتهم، في توجيه وتطوير المجتمع السويسري.
أما ردود الفعل المتشنجة والغير متكافئة و الغير مسؤولة فإنها لا تجدي نفعا، وإنما تسيء إلى المسلمين، فتظهرهم بأنهم متعصبون ولا يحترمون القانون ويريدون أن يفرضوا ووجودهم في بلاد لا يكونون فيها لا أغلبية سكانية ولا مكانة علمية ولا اقتصادية. أما ردود الفعل الحقيقية من طرف الدول الإسلامية فغير منتظرة في أيامنا هذه. فحالهم اليوم يندى له الجبين، تأججهم النعرات الجاهلية وتكاد تندلع بينهم الحروب لأتفه الأسباب كاللعب بكرة القدم التي لا ترفع من قدر أمة ولا تحط من شأنها. فعلى المسلمين في سويسرا أن يتحلوا بالحكمة ويعتصموا بحبل الله المتين ويعملوا ويصبروا ويصابروا حتى يأتي الله بأمره، وهو أحكم الحاكمين. قال تعالى في محكم التنزيل :هوالذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره الكافرون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.