مصر:رأت «الجماعة الإسلامية» في مصر، أمس، أن جماعة «الإخوان المسلمين» تحتاج إلى «مراجعة شاملة لمسيرتها حتى تقف على متغيرات الواقع الذي تتحرك فيه بدعوتها، والوقوف على أوجه القصور والخلل». ودعت «الإخوان» إلى «مراجعة تشمل كثيراً من الأصعدة».ونُقل أمس عن المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الحائز على جائزة نوبل للسلام محمد البرادعي إنه سيخوض انتخابات الرئاسة في مصر عام 2011 مستقلاً إذا قرر المشاركة فيها. وقال لصحيفة «المصري اليوم» المستقلة: «مع شديد احترامي وتقديري للأحزاب السياسية المصرية أنا رجل مستقل ولا أستطيع أن أخوض الانتخابات الا كمستقل». وبمقتضى الدستور يجوز الترشيح لانتخابات الرئاسة لعضو في الهيئة العليا لكل حزب مرخص قانوناً إذا كان العضو قضى في الهيئة العليا للحزب عاماً على ألأقل قبل الانتخابات واذا كان الحزب ممثلاً في البرلمان. وقال البرادعي «دخولي الانتخابات الرئاسية عبر حزب سياسي يعني أنني أوافق على الإطار المصطنع للممارسة السياسية في مصر وأنني منحت هذا الإطار شرعية ووافقت على الدستور الحالي الذي يمنع ما يقرب من 95 في المئة من الشعب المصري من الترشح لانتخابات الرئاسة». وقال «الدستور المصري يفتقد الشرعية الدستورية لأنه يحرم غالبية المواطنين من حقهم في المنافسة على منصب رئيس الجمهورية». وطالبت «الجماعة الإسلامية» في بيان أمس «بعدم نزول الإخوان الى الانتخابات التشريعية» التي ستُجرى في مصر العام المقبل، قائلة إنها «ستفقد كثيراً من جهودها وإمكاناتها في خوض انتخابات لن تقدم شيئاً على طريق الإصلاح». ويأتي موقف «الجماعة الإسلامية» في وقت تواصل جماعة «الإخوان» استعداداتها لانتخابات مكتب إرشاد جديد يمثّلها خلال الأعوام الأربعة المقبلة تمهيداً لاختيار خليفة للمرشد العام مهدي عاكف الذي تنتهي ولايته في كانون الثاني (يناير) المقبل. وأكَّدت مصادر في «الإخوان» أن مشاورات مكثّفة تُجرى الآن بين أعضاء المكتب لتحديد موعد عقد الانتخابات. وأوضحت ل «الحياة» أن غالبية أعضاء المكتب، وبينهم المرشد العام، يريدون عقد الانتخابات «خلال الأيام المقبلة»، لافتة إلى أن عاكف يرفض في شدة الاستمرار في منصبه بعد انتهاء ولايته. واعتبر رئيس المكتب السياسي ل «الإخوان» الدكتور عصام العريان أن الجدل الدائر الآن يدل على تنوّع في الآراء والأفكار «لكن يحكمنا جميعاً إطار مؤسسي واحد». وأكد العريان ل «الحياة» أنه رغم الجدل القائم داخل «الإخوان» إلا أن «الجماعة متماسكة وأعضاؤها يحترمون قياداتهم ... نحاول التوافق في ما بيننا تمهيداً لعقد الانتخابات، على رغم القيود الأمنية والحملات الصحافية التي نتعرض لها». وأكدت «الجماعة الإسلامية» في بيانها أمس أن «الحركات الإسلامية تحتاج إلى مراجعة لمسيرتها بين الحين والآخر ... لتقف على متغيرات الواقع ... واستحداث وسائل أكثر ملاءمة للتعاطي مع المتغيرات الدائمة والسريعة التي تؤثر في مسيرة العمل الإسلامي». ورأت أن قيام جماعة «الإخوان» بمراجعة لائحة مكتب الإرشاد فيها «خطوة مهمة لتصحيح المسار وسد الثغرات». ودعا البيان إلى أن تكون المراجعة «شاملة ... فجماعة الإخوان تحتاج إلى مراجعة شاملة على كثير من الصعد ... في ما يخص الجماعة من الداخل في التعامل في ما بينها سواء على مستوى القادة أو على مستوى علاقة القيادة بالأفراد». وفي ما يخص التعامل مع جموع الشعب المصري بكل طوائفه، رأت «الجماعة الإسلامية» أن على «الإخوان» التعامل بنوع من «خفض الجناح» و «البعد عن الاستعلاء» خصوصاً عند التعامل مع بقية فصائل الحركة الإسلامية، بحيث «لا يأخذها ذلك إلى اختزال الإسلام والعمل للدين داخل جماعة الإخوان وحدها وكأنها هي التي تحمل الحق دون غيرها». وانتقدت «الجماعة الإسلامية» في بيانها تعامل جماعة «الإخوان» ب «نوع من الندية الشديدة مع الدولة المصرية ... مما جعل الدولة تتعامل معها بالضرب المبرح الذي يصيبها بالكساح... حتى أصبحت الجماعة شبه مشلولة..». وأكَّد البيان أن من أخطر الملفات مع الدولة «ملف الانتخابات البرلمانية» والذي يعتبر «أكبر دافع لتعامل الدولة في شدة مع الجماعة». وتابع: «ينبغي على الجماعة (الإخوان) أن تراجع نفسها خصوصاً في ما يخص الانتخابات البرلمانية، وذلك لأن (جماعة) الإخوان تفقد كثيراً من جهودها وإمكاناتها في خوض انتخابات لن تقدم شيئاً على طريق الإصلاح». وشدَّدت على أن «من الضروري أن تترك جماعة الإخوان المسلمين التنافس على كراسي الحكم، وعدم خوض العمل البرلماني، ونزع الفتيل المشتعل بينها وبين الدولة، والتفرغ للدعوة والأخذ بيد الناس وهدايتهم إلى طريق ربهم، وترك الحكم للشعب فهو الذي سيغيّر الواقع وإن كان البعض يراه بعيداً ولكنه قريب، والوسائل كثيرة لمن قرأ وفقه التاريخ». من جانبه علّق رئيس المكتب السياسي للإخوان الدكتور عصام العريان على بيان «الجماعة الإسلامية» بالتأكيد أن جماعة الإخوان «ترحّب بالنصح والنقد ... ندرس البيان بعناية ويجد صدى لدى الإخوان المسلمين واهتماماً بالغاً خصوصاً إذا صدر من جهات إسلامية». وأوضح العريان ل «الحياة» في معرض رده على البيان: « القول إن الصدام بين الدولة والإخوان سببه المشاركة في الانتخابات هو قول تنقصه الدقة». وأشار إلى أن «الصراع مستمر بين الدولة والإخوان من دون الدخول في الانتخابات». ولفت إلى أن «الجماعة قاطعت الانتخابات البرلمانية في عام 1990 ولم ينجح أحد من أعضائها في انتخابات عام 1995 وعلى رغم ذلك تعرضت لعمليات قمع واعتقال وصلت إلى محاكمات عسكرية لأعضائها». وأكد أن «المشاركة في العمل السياسي لن توقف الإخوان عن العمل الدعوي والخيري لأنه الأصل في نشاط الجماعة». وشدَّد أنه «لا يجوز إطلاقاً أن تتعامل جماعة الإخوان باستعلاء أو إهمال مع الجماعات الإسلامية الأخرى، بل تواصلنا معهم وقمنا بواجبنا في النصح خلال سبعينات وثمانينات القرن الماضي حين كانت الجماعة الإسلامية تنتهج العنف، لكن لم يجد نصحنا أي صدى لدى تلك الجماعات في حينه... ومع ذلك لم نتوقف عن إبداء الرأي». الحياة الجمعة, 11 ديسيمبر 2009