"عبد العزيز بلخادم": من "المواقف" تُختَبَرُ مَعَادِنُ "الرِّجَال" يُقِرُّ الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم أن "حزب جبهة التحرير الوطني" ما تزال تتميز عن باقي الأحزاب الأخرى بثراء أفكارها التي لا ترسوا على طرح معين، إلا بما تقره الأغلبية في كل أدبياتها، كما يُقِّرُّ بلخادم أن "خَطّ" جبهة التحرير الوطني سيبقى متواصلا بتواصل الأجيال، لأن هذا الخط ليس خط أحد كما يظن البعض، بل هو خط -الجبهة- التي دافعت عنه منذ ما قبل العشرية السوداء حين نادت بضرورة الحوار و المصالحة الوطنية، و رفض الإقصاء السياسي و ممارسة الديمقراطية بالحفاظ على الحريات الفردية و الجماعية و النظام التعدّدي..
لقد اختار الأمين العامة لحزب العتيد موضوع "الهُوِيّة" و "المرجعية الثورية" للجبهة كمحور أساسي للمؤتمر التاسع المقبل لحزب جبهة التحرير الوطني ، ذلك في محاور ستناقشها إطارات "جبهوية" لها ما يشهد لها من الكفاءة العلمية السياسية و التاريخية، و قد استبشرت القواعد النضالية للحزب العتيد الغيورة على مبادئ الحزب و مقوماته و مستقبله السياسي لهذا القرار الصائب، و اختيار مثل هذه المواضيع يؤكد لا محالة على أن المواقف عند البعض تبقى دائما ثابتة مهما كانت المغريات ، و مهما تجددت في المستقبل فهي تبقى بالصورة التي كانت عليها من قبل، لأن "الرجال" كما يقال تعرف بمواقفها الثابتة، و هاهو الأمين العام للأفلان عبد العزيز بلخادم مثلما سبق له و أن تحدث عن مؤتمرات جبهة التحرير الوطني عندما كان يشغل منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني في بداية التسعينيات التي تميزت بمرحلة جد حساسة و خطيرة ، نجده يُجدد موقفه في المؤتمر التاسع المقبل من خلال الحديث عن مرجعية جبهة التحرير الوطني و ثورة نوفمبر 54 ، و ربما هذا الموضوع في تصور القواعد النضالية جاء في أوانه بعد التحالفات التي تمت ضد الأفلان و دعوة البعض إلى وضعه في المتحف، إذا قلنا أن القضية تتعلق بهوية الشعب الجزائري و عقيدته الإسلامية..
ف: "الهوية" كما يراها بلخادم ليست بالضرورة شيء "جامدٌ" و لا يمكن تعريفها ب: "الجنسية"، أو كما قال: ب: " المكونات الثقافية لدولة، و بعقيدة الشخص أو انتمائه الجغرافي، ف: "الأمازيغي" مثلا يقول عبد العزيز بلخادم ، لا يحتاج إلى أن يقال له أنتَ أمازيغي ب: "التدوين" ( أي أن توثق هويته في الدستور) ، و كذلك بالنسبة للجزائري المسلم، و ربما الذين شاركوا في الجامعة الصيفية التي نظمها الأفلان في جوان 2009 بولاية تيبازة و حضروا الندوة الصحفية إلي عقدها الأمين العام للحزب العتيد و هو يستمع إلى أسئلة الصحافة المكتوبة و المرئية شهدوا هذه المواقف حتى عندما تعلق الأمر بشخصه عندما رد على سؤال أحد الصحافيين حول مسألة تجديد فيه الثقة على رأس الحزب في المؤتمر التاسع المقبل، كان رد بلخادم بالقول: " لو يكون الاختيار في غير صالحي سأظل مناضلا بسيطا و منضبطا مع الحزب"، كان بلخادم يبدو هادئا غير مُتَعَصِّبٍ و هو يستمع إلى هذا السؤال المحرج إن صح التعبير، عندما نقارنه و هو يرد على سؤال متعلق بهوية الشعب الجزائري و تاريخه الثوري و عقيدته الإسلامية عندما طرح صحافي آخر من الصحافة المكتوبة حول الفتوى التي أصدرها الداعية الإسلامي المصري وجدي غنيم بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة يؤكد فيها أن النشيد الوطني الجزائري يبدأ بالكفر، متهما الشعب الجزائري بالردة و هو يردد نشيد "قسمًا" ، حيث بدا بلخادم في قمة الغضب و الثورة، و لما لا ؟، و القضية تتعلق بتاريخ " أمَّة" و كفاح شعبها المرير و تضحيات شهدائها الأبرار، و رغم ذلك لزم الأمين العام للأفلان نفسه بالرد بأن كتابة المقطع الأول من النشيد كان من باب "المجاز" في اللغة العربية لا غير، و لذلك لا يمكن لأحد كان أن يشكك في إيمان الجزائريين، مستطردا حديثه بالقول أنه يكفي الوقوف على بيان أول نوفمبر 54 الذي بنى الدولة الجزائرية في إطار المبادئ الإسلامية مضيفا قائلا: "نحن في جبهة التحرير الوطني لا نعرف أي تناقض بين الوطنية و الإسلام"، و مرجعية جبهة التحرير الوطني هي الدفاع عن الإسلام، و هي حسبه مرجعية "جامعة" تجمع و لا تفرق بدليل الإنصهارالكبير للأحزاب الذي شهدته إبان الثورة و صارت المرجعية الفكرية لجبهة التحرير الوطني، و لذلك لا نعتقد أن م من قال قسما بالنازلات الماحقات هو " كافر" أو مشرك بالله و لا نظن أن واحدا من الجزائريين يشك أنه عندما يقرأ قسما يحلف بغير الله مطمئنا بذلك أن الر صيد الثوري للجزائر يجعلها في منأى عن الخطر..
من هنا ندرك متى يكون الرجل "وطنيا" أو 'حزبيا" أو "جبهويا" إن صح القول حين يتعلق الأمر بتاريخ أمته و مرجعياتها الثورية، و ربما هي المواقف التي تُخْتَبَرُ بها معادن "الرجال"، وهي المواقف التي لا تنم عن الارتجالية و العشوائية و النفاق السياسي و الانتهازية التي باتت تطبع سلوك البعض الذين (كما قال أحد السياسيّين الجزائريين ) يلبسون لكل مائدة "بدلتها" دون مراعاة الحس النضالي و الأخلاق النضالية و الانضباط الحزبي، لاسيما أولئك الذي نعتوا الجبهة بالتصلب، و شكّكوا في إيديولوجيتها الوطنية عندما قالت بكل حزم و صراحة أن "الأمة الجزائرية " حقيقة ملموسة..