جرت خلال الأسابيع القليلة الماضية اتصالات بين بعض الشخصيات وأعضاء من الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان من بينها لقاءات بين رئيس الرابطة الأستاذ مختار الطريفي والأستاذ الشاذلي بن يونس، بمساعدة الأستاذ العميد عبد الوهاب الباهي. كما صدرت في الوقت ذاته، مقالات على صفحات الجرائد ودعوات للحوار، آخرها البيان الذي صدر عن الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بإمضاء رئيسها، بتاريخ 13 جانفي 2010 وهو ما يبعث للاعتقاد أن ملف الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان بدأ يتحرك في اتجاه التوصل الى حل للخروج من الأزمة. ونأمل ألا تنحصر إرادة الحوار على الحسابات(خاصة.. أنه لم يتمّ أي اتصال رسمي أو غير رسمي ب»المبادرة الرابطية»). والموازنات الخاصة بالتخطيط لتحقيقها في المؤتمر، بل أن تتوسّع لتشمل الحوار من جديد حول الأبعاد القيمية والحضارية والمجتمعية التي يرمز إليها ويشترطها وجود الرابطة في حدّ ذاته، حتى يمكن العودة بها، إلى موقعها الطبيعي في المجتمع المدني تدافع عن الحرّيات وحقوق الإنسان وتنشر قيم العقل والتسامح والمواطنة وتجمّع حولها كلّ المواطنين المؤمنين بهذه القيم. نحن في المبادرة الرابطية انتظرنا هذا الحوار لما يقارب عن الخمس سنوات ونأمل أن تتحمّل جميع الأطراف مسؤولياتها، تجاه هذا المكسب الوطني والحضاري الذي أصبح مهددا في وجوده من الأصل. كما نأمل أن يكون حوارنا هذا باتساعه وشموله ومسؤوليته، حوار المواطنة بصورة فعلية. أزمة الرابطة، هي بالأساس أزمة حوار والمتمعن في أزمة الرابطة طيلة السنوات العشر الأخيرة يمكنه أن يتوقف بسهولة على كونها، في جانب أساسي منها، أزمة حوار في أبعادها القيمية السياسية، وذلك سواء تعلّق الأمر بالعلاقة بين الهيئة المديرة والسلطة أو بين الهيئة المديرة والمتقاضين أو بين الهيئة المديرة و»الغاضبين». وممّا جعل هذه الأزمة أخذت منحى زادها تعقيدا هو غياب الحوار بين الرابطيين أنفسهم حول القضايا الجوهرية التي تمثل مواطن خلاف فيما بينهم. ونريد أن نؤكد بأننا ملزمون، قناعة منّا، بالحاجة الملحّة للحوار الرابطي، وكم ترقبناه، لا فقط من أجل التعبير عن «حسن نيّة» الهيئة المديرة الذي أفصحت عنه في بيانها الصادر بتاريخ 13 جانفي الجاري، بل عن إرادتها في الخروج به من الإطار الضيّق للقضايا الجزئية إلى ما هو جوهري، أي إلى ما يهمّ حقوق الإنسان وتونس بصورة عامة. ولن يكون لهذه الخطوة وقع إلا متى خرجت من دائرة الضغوطات الداخلية والخارجية وبصورة خاصة تلك المشروطة بمحطات ومواعيد تنظمها دوائر دوّلية. نحن نعلم والجميع يعلم أنه كان لهذه الضغوطات دائما مفعولا عكسيا و سلبيا على الأوضاع في بلادنا وعلى أوضاع حقوق الإنسان بالتحديد. لذلك نحن نريده حوارا لا يستثني أحدا ولا قضية من القضايا الخلافية. نحن نريده حوارا يضع الأصبع على الأسباب العميقة الكامنة وراء الأزمات التي عرفتها الرابطة لما يزيد عن العقدين. فالرابطيون مهتمون بالكشف عن أسباب عدم تجديد الإنخراطات منذ سنة 1993 وعن تراجع الإنخراطات من 3872 إلى حوالي ال2000 منخرط، وعن تراجع عدد الفروع من 41 فرع إلى 24. نحن نريده حوارا يؤسس لمرحلة جديدة من الدربة على التعايش بين الأفكار المختلفة وعلى ممارسة حق الإختلاف في فضاء يمثل بامتياز مدرسة للدفاع عن حقوق الإنسان. نحن نريده أن يكون حوارا يستجيب لطموحات المناضلين الديمقراطيين والتقدميين والوطنيين في أن يكون لهم منظمات وجمعيات غير حكومية، مستقلّة ومناضلة، تدافع عن قيم التقدّم والعقلانية وعن قيم التضامن في كل أبعادها المفهومية والفلسفية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية. نحن نطمح بأن تكون تجربة الحوار الرابطية أنموذجا لمعالجة الخلافات والإشكالات واجهتها الرابطة وقد تواجهها سائر مكوّنات المجتمع المدني. وتأسيسا على ذلك فإننا مدعوين إلى البحث عن تحقيق تقدّم واضح في رسم خطوط التباين بين وجهات النظر الرابطية، وترك البحث عن شهادات استحسان البرلمان الأوروبي والدوائر الرسمية الخارجية. لم تكن «المبادرة الرابطية» الصوت الوحيد الذي طالب بالحوار والجدير بالتذكير أن «المبادرة الرابطية» كانت قد توجّهت بنداء من أجل فتح حوار رابطي معمّق داخل أطر الرّابطة وهياكلها حول المسائل الجوهرية ا لمتعلّقة بقيمها وهويتها ودورها ووظيفتها وبتسييرها ديمقراطيا وبهيكلتها وبعلاقاتها في الداخل والخارج...، ثمّ توجّه بدعوة «للهيئة المديرة إلى تثبيت خيار الحل الرّابطي المستقل اعتمادا على مبادئ الرابطة والتزامها بقانونها الأساسي ونظامها الداخلي وبميثاقها وبتراثها الزاخر في ميدان الحوار الديمقراطي»، وتوجه في نقطة ثالثة للقدماء والمؤسسين كي يتحملوا «مسؤولياتهم التاريخية» في مساندة «الخيار الرابطي الوطني المناضل وتفعيل دورهم في حل أزمة الرابطة»... «اعتمادا على القانون الأساسي للرابطة ونظامها الداخلي». وأخيرا طالب السلطة «بالتفاعل الإيجابي مع هذا النداء بما يثبت خيار الحوار المؤسساتي ويضمن للرابطة أداءها لرسالتها وقيامها بدورها الطبيعي وإعداد المؤتمر». وبعيدا عن منطق «الغالب والمغلوب» فإن المضمون الأساسي لنداء «المبادرة الرابطية»، الذي كنّا أصدرناه منذ خمس سنوات، كان حاضرا في بيان الهيئة المديرة الصادر بتاريخ 13 جانفي 2010. لذلك، نحن نسجل هذه الخطوة من قبل الهيئة المديرة ونسند دعوتها للحوار من أجل إيجاد مخرج للأزمة. والجدير بالتذكير أيضا أن المطالبة بالحوار لم تنطلق مع «المبادرة الرابطية»، بل سبقتها بكثير، فقد دارت عريضة، في المؤتمر الخامس، أمضى عليها 66 مؤتمرا، سجّلت اعتراض ما يقارب ثلث المؤتمرين حول مسألة التمويل، لما لها من مساس باستقلالية الرابطة وبالسيادة الوطنية، وطالبت الهيئة المديرة باحترام الهياكل وإرادة المنخرطين. وكان فرع باب بحر توجّه برسائل داخلية عديدة إلى الهيئة المديرة تتعلق بمواقفها وعلاقتها بالشبكة الدولية لحقوق الإنسان وبالإتحاد الأوروبي وبمشاركة الرابطة في التحقيق حول وضع حقوق الإنسان في العراق. وكنا عبرنا عن اعتراضنا حول مسألة هيكلة الرابطة في أكثر من مناسبة، فتوجهنا للهيئة المديرة وللمجلس الوطني برسائل توضيحية وبطعون في قرار الدمج وفي الخروقات القانونية وبعرائض ترفض الدمج. حوار الفرصة الأخيرة نحن مدعوون إلى الإنطلاق في حوار انتظرناه خمسة سنوات لأزمة طالت نحو عشر سنوات وفق ما تسمح به لنا الظروف العامّة والخاصّة. إنه حوار يدعون إليه واجبنا الرابطي والوطني، بعيدا على منطق التشهير والإنفلاة الإعلامي والمماطلة وربح الوقت ونحن مطالبون لتحديد المدة اللازمة والمحددة للحوار والمضي نحو المؤتمر السادس. ومن واجبنا أن نعي بأن الحوار الذي قد يفتح في اقرب وقت هو حوار الفرصة الأخيرة للرابطيين فإما أن نتحمل مسؤوليتنا كاملة في إنجاح وعدم الزيغ به عن أهدافه النبيلة وإن فشلنا فإننا نفسح المجال واسعا للرابطيين بأن يختاروا الطريق الذي يرونه صالحا للدفاع عن حقوق الإنسان في تونس. * ناشط حقوقي تونس الصباخ التونسية 30/01/2010