انخفاض في جرحى حوادث المرور    مناقشة مقترح النظام الاساسي للصحة    مصطفى عبد الكبير: "معلومات شبه مؤكدة بوجود المفقودين في مركب هجرة غير نظامية غادر سواحل صفاقس الاثنين الماضي، في التراب الليبي"    بوعرقوب: انطلاق موسم الهندي الأملس    مصر تعلن تَأَثّرها بالهجوم السيبراني على مطارات أوروبا    رابطة الأبطال ...الترجي بخبرة الكِبار والمنستير لاسعاد الأنصار    كاس الكنفدرالية: الملعب التونسي يفوز على الجمعية الثقافية نواذيبو الموريتانية 2-صفر    تونس تشارك في بطولة العالم لألعاب القوى لحاملي الاعاقة بالهند من 26 سبتمبر الى 5 اكتوبر ب11 متسابقا    منوبة : انتشال جثتى شقيقين حاولا انقاذ كلبة من الغرق    أولا وأخيرا... سعادتنا على ظهور الأمّهات    تونس ضيف شرف مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي: درة زروق تهدي تكريمها إلى فلسطين    في تظاهرة غذائية بسوسة ...«الكسكسي» الطبق الذي وحّد دول المغرب العربي    عاجل: إيقاف اكثر من 20 ''هبّاط'' في تونس    وزير خارجية ألماني أسبق: أوروبا مجبرة على التفاوض مع تونس بشأن ملف الهجرة    عاجل: إنهيار سقف اسطبل يتسبب في وفاة شاب وإصابة آخر    عاجل: الأمطار تعمّ أغلب مناطق تونس خلال الفترة القادمة    العائلة والمجتمع: ضغوط تجعل الشباب التونسي يرفض الزواج    الكاف.. معرض لمنتوجات المجامع الفلاحية    شبهات فساد تُطيح بموظّفين في بنك الدم بالقصرين: تفاصيل    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    جمال المدّاني: لا أعيش في القصور ونطلع في النقل الجماعي    كل نصف ساعة يُصاب تونسي بجلطة دماغية...نصائح لإنقاذ حياتك!    التيار الشعبي يدعو الى المشاركة في اضراب عالمي عن الطعام دعما لغزة    التنس: تأهل معز الشرقي الى نهائي بطولة سان تروبيه للتحدي    كرة اليد: منتخب الصغريات يتأهل إلى نهائي بطولة افريقيا    بنزرت: تنفيذ اكثر من 80 عملية رقابية بجميع مداخل ومفترقات مدينة بنزرت وتوجيه وإعادة ضخ 22,6 طنا من الخضر والغلال    مسرحية "على وجه الخطأ تحرز ثلاث جوائز في مهرجان صيف الزرقاء المسرحي العربي    "أمامكم 24 ساعة فقط".. كبرى الشركات الأمريكية توجه تحذيرا لموظفيها الأجانب    تحذير هام: تناول الباراسيتامول باستمرار يعرّضك لهذه الأمراض القاتلة    عاجل: وفاة عامل بمحطة تحلية المياه تابعة للصوناد في حادث مرور أليم    هذا ما تقرّر ضد فتاة أوهمت شبّانا بتأشيرات سفر إلى الخارج.. #خبر_عاجل    معاناة صامتة : نصف معيني مرضى الزهايمر في تونس يعانون من هذه الامراض    زغوان: غلق مصنع المنسوجات التقنية "سيون" بالجهة وإحالة 250 عاملا وعاملة على البطالة    سليانة: وضع 8 ألاف و400 قنطار من البذور منذ بداية شهر سبتمبر    رابطة الأبطال الافريقية: الترجي الرياضي والاتحاد المنستيري من أجل قطع خطوة هامة نحو الدور الثاني    كتائب القسام تنشر "صورة وداعية" للأسرى الإسرائيليين إبان بدء العملية في غزة    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    الاحتلال الإسرائيلي يغتال عائلة مدير مجمع الشفاء في غزة    عاجل/ بشائر الأمطار بداية من هذا الموعد..    بنزرت: حجز أطنان من اللحوم والمواد الغذائية المخزّنة في ظروف غير صحية    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    عاجل/ ترامب يُمهل السوريين 60 يوما لمغادرة أمريكا    لكلّ من فهم بالغالط: المغرب فرضت ''الفيزا'' على هؤلاء التوانسة فقط    صرف الدفعة الأولى من المساعدات المالية بمناسبة العودة المدرسية في هذا الموعد    الكاف: قافلة صحية تحت شعار "صحتك في قلبك"    أكثر من 100 ألف تونسي مصاب بالزهايمر ومئات الآلاف من العائلات تعاني    لماذا يضعف الدينار رغم نموّ 3.2 بالمائة؟ قراءة معمّقة في تحليل العربي بن بوهالي    "يوتيوب" يحظر حساب مادورو    عاجل/ عقوبة سجنية ضد الشاب الذي صوّب سلاحا مزيّفا تجاه أعوان أمن    بعد موجة من الانتقادات.. إيناس الدغيدي تلغي حفل زفافها وتكتفي بالاحتفال العائلي    اليوم: استقرار حراري وأمطار محدودة بهذه المناطق    القيروان.. 7 مصابين في حادث مرور    استراحة «الويكاند»    عاجل/ البنك التونسي للتضامن: إجراءات جديدة لفائدة هؤلاء..    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    الرابطة المحترفة الاولى : حكام مباريات الجولة السابعة    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غسان بن جدو: إذا قامت الحرب.. ستحترق بعض الأنظمة العربية
نشر في الفجر نيوز يوم 08 - 03 - 2008

وزراء الإعلام العرب ليسوا مؤهلين لإصدار وثيقة إعلامية
بن جدو: إذا قامت الحرب.. ستحترق بعض الأنظمة العربية
حوار:سلوى اللوباني
سلوى اللوباني من القاهرة: التقت ايلاف بالاعلامي " غسان بن جدو " أثناء تواجده في القاهرة لتصوير احدى حلقات برنامجه " حوار مفتوح " مع الشاعر الشعبي " أحمد فؤاد نجم ". غسان بن جدو يشغل حاليا منصب مدير مكتب الجزيرة في بيروت وشغل سابقا لمدة 8 سنوات منصب مدير مكتب الجزيرة في طهران. حقق سبقا صحفيا في لقائه بالسيد حسن نصر الله اثناء حرب تموز عام 2006 في لبنان. هو اول اعلامي عربي تمنحه الاكاديمية البريطانية درع الاعلام العربي. وحصل على جائزة افضل مقدم برامج من مهرجان الاعلام العربي الرابع في بيروت عام 2006. وقالت عنه جريدة الشرق الاوسط انه صاحب افضل برنامج حواري على القنوات الفضائية في عام 2005 واختير كافضل محاور عام 2004. من البرامج التي قدمها على محطة الجزيرة برنامج "اول حروب القرن" على مدى عام كامل بعد احداث 11 سبتمبر وبرنامج "ما وراء الاحداث" بعد اجتياح العراق عام 2003.
دار الحديث مع بن جدو حول الوضع في لبنان.. فذكر بأن لبنان يختصر صراعا عربيا اقليميا دوليا.. وهذا الصراع سيحسم. كما يرى ان عددا كبيرا من الزعامات السياسية في لبنان تفتقد المسئولية وتتعاطى بخفة مبالغ فيها.. وقال أن السلاح موجود في لبنان اكثر من البندورة والبطاطا.. وان الثمانية الاسابيع المقبلة هي الاخطر في لبنان.. واذا قامت الحرب فان المنطقة ستشتعل بالكامل وستحترق بعض الانظمة العربية.. وعن السيد حسن نصر الله قال بان نقطة قوته بانه لبناني وان نقطة ضعفه ايضا انه لبناني.. اما عن الاوضاع في غزة.. فصرح بان محطة الجزيرة أحرجت بعض الانظمة العربية لتخرج عن صمتها اثناء حصار غزة.. وان محطة الجزيرة لا تعنيها وثيقة الاعلام العربي لا من بعيد ولا من قريب وان وزراء الاعلام العرب ليسوا مؤهلين لاصدار وثيقة اعلامية.. كما يرى بن جدو ان الاعلام العربي من حيث التأثير والقوة ياتي في المرتبة الثانية بعد المخابرات في العالم العربي... كما تطرقنا في الحديث الى قراءاته وكتابة مذكراته وتدوين تجربته الاعلامية والسياسية.
-غسان بن جدو نسيج من الدين الاسلامي والمسيحي ومن المواطنة التونسية واللبنانية، كيف ترى هذا النسيج وبماذا افادك؟
سئلت مرة هل أنت مسيحي أم مسلم؟ كان ذلك قبل 3 سنوات، والسؤال مرده وقتذاك ان جهة اعلامية سألت عن وضعي كطفل عندما كنت في المدرسة، مدرسة مسيحية درست فيها في لبنان، مدير المدرسة وقتذاك قال ان غسان كان مسلما بين 4 أو 5 مسلمين فقط في كل المدرسة ولكن كان اكثر طفلا مواظب على الصلاة في الكنسية يوميا. فوجئ السائلون بالاجابة فذهبوا الى الحي الذي عشت فيه في بيروت التي كانت تعرف بالشرقية، سألوهم عن وضعي، قالوا هذا الطفل كان محافظا بعض الشئ لكنه مؤمن كثيرا ويذهب كل يوم أحد الى الكنسية ومنتظم على زيارة احدى القديسات. فبعد أن تجمعت هذه الاسئلة سئلت سؤالا ملخصا: هل أنت مسيحي أو مسلم؟ فأجبت وقتذاك: أنا بالعقيدة والدين مسلم، أما بالثقافة فانا مسلم ومسيحي، فانا عربي والعربي خليط ونسيج من الاسلام والمسيحية، فانا بهذه الصيغة مسلم ومسيحي. عندما سمع بعض الغلاة هذا الكلام قبل سنتين وجهوا رسالة مفتوحة باسم الشيخ يوسف القرضاوي وقالوا له هذا رجل ينبغي أن تفتي بردته، فقد اعلن صراحة انه مسلم ومسيحي. هؤلاء الغلاة والمتطرفون لا يحبونني وانا لا أجد حرجا باني لا احبهم. الخلاصة اذن عندما يطلب المتطرفون أن يفتوا بردتي فهذا يعني اني من الزاوية الاخرى. أما عن هذا الخليط الديني والمذهبي أزعم بانه عجن شخصي بشكل أصبح فيه الوتر الطائفي ميت، والوتر المذهبي موءود من زمان، والحقيقة ازعم انني عربي واعتز بعروبتي ولكن الوتر القومي العنصري أيضا ميت. هكذا أنا.
-أعلم بانك قارئ نهم.. ماذا تقرأ الان؟
هناك أنواع من القراءات، قراءة الكتب، وقراءة الدراسات. لدي اشتراك في أكثر من بنك معلومات بالعالم. وهذه بنوك المعلومات ترسل لي يوميا عشرات من الدراسات والمعلومات والاخبار. فانا الان بالتحديد على مدى الاشهر الماضية قارئ نهم جدا عن الدراسات الاستراتيجية. ربما أهم بنك معلومات الان هو الخاص بالنتاغون، يوميا يرسلون لي حوالي 80 مادة. ولكن على مستوى الكتب أنا بصدد قراءة 3 كتب دفعة واحدة.. كتب اسرائيلية عن حرب تموز عام 2006. لانني أهيئ منذ الان للذكرى الثانية لحرب تموز وأنا بحاجة للاطلاع على هذه الكتب الاسرائيلية التي صدرت حديثا جدا.
-تقول في أحد لقاءاتك "لا مستقبل للصحفي ان لم يكن مثقفا" ماذا تعني بمثقف؟
بكل صراحة وبكل محبة واحترام لكل الزملاء... السماء الاعلامية اصبحت مفتوحة الان اكثر من قبل، واصبح كل شخص يمكن أن يكون صحفيا. ربما هناك صحفيون بالفطرة وهؤلاء لديهم القدرة على النجاح اذا واظبوا على المواكبة والمتابعة وتثقيف النفس. وهناك صحفيون تعلموا ولكن ليس بالضرورة كل صحفي تعلم الصحافة يمكن أن يكون مبدعا. يمكن أن يكون ناقل خبر أي صحفي عادي، لكن في نهاية الامر الصحفي الذي يمكن ان يبقى ويعيش هذا لا مجال الا ان يكون مثقفا. مثقفا بمعنى غير المتعلم الذي يحاول أن يثقف نفسه دائما، يتابع ما هو جديد وحديث سواء من تاريخ او حضارة او شعر او من قضايا سياسية. طبعا من المفيد للصحفي ان يكون متخصصا لكن حتى هذا التخصص يكون دائما محتاج الى دعم ثقافي. الان التحدي الاكبر هو على من يظهرون على الشاشة، الذي لا يظهر على الشاشة أمامه مسئولية كبيرة. لا يكفي أن يكون مقدما استعراضيا ناجحا و لا يكفي أن يكون له حضور وايضا ان كانت سيدة لا يكفي أن تكون جميلة فقط. صحيح الحضور مهم ولكن في نهاية الامر حتى يعيش ويبقى الصحفي او الصحفية ينبغي ان يثقف نفسه باستمرار. ومن دون الثقافة لا مستقبل له. ولكن هذا مدخل لان ننقد أنفسنا بشكل جدي. لان الاعلام له مستقبل كبير وهو الاكثر تأثيرا بعد المخابرات في العالم العربي. لان عامل التأثير هذا سيكون قويا بالتالي تعددت وسائل الاعلام وازداد كم الصحفيين. نحن مضطرون ان ننقد انفسنا بشكل دائم حتى نطور انفسنا ونحاسبها من دون أي تجريح لا سمح الله في أي زميل او زميلة.
-من هي الشخصية الاعلامية التي تجذبك؟ او تراها مؤثرة اعلاميا؟
هناك عدد كبير.. طالما انا في مصر.. تعجبني زميلة على محطة دريم "منى الشاذلي" التي تقدم برنامج العاشرة مساء. هي نموذج ناجح لاعلامية من العالم العربي، مواكبة، هادئة، جريئة في الوقت نفسه ولكن بأدب. كما أرى "حمدي قنديل" من تلفزيون دبي اعلامي مؤثر له طابعه. عنده خصوصية لكنه صاحب موقف وصاحب كلمة جريئة وصريحة. زملائي في قناة الجزيرة كل منهم يمثل مدرسة مستقلة خاصة، اتحدث عن المقدمين الاساسين طبعا، كل يمثل مدرسة مختلفة وكل منهم له حضوره. واعتقد هناك زميل فرض نفسه على الساحة الاعلامية في لبنان بجديته في العمل وهو "مارسيل غانم" في تلفزيون ال بي سي. اعتبره افضل مقدم برامج في لبنان وانجح مقدم برامج. هناك اناس يختلفون معه. هناك جمهور الان لا يتفاعل معه ولكن اعتقد انه افضل مقدم برامج في لبنان وانا حريص على ذكر اسمه لانه رجل يستحق ذكر اسمه وهو زميل عزيز.
-بما انك ذكرت ان السماوات الاعلامية اصبحت مفتوحة وفي ازدياد.. يجب ان نتطرق الى وثيقة الاعلام العربي التي اعتمدها وزراء الاعلام العرب في اجتماعهم الاخير. كيف يمكن بالفعل الاتفاق على ضوابط ومعايير؟ وما موقف قناة الجزيرة من هذه الوثيقة؟
قناة الجزيرة أعلنت رفضها لوثيقة الاعلام العربي ويمكن أن نقول انها الوحيدة التي اعلنت صراحة رفضها لهذه الوثيقة ولا تعنيها هذه الوثيقة لا من قريب أو من بعيد. أما على المستوى الشخصي أنا قد افاجئك بالقول انني لا أجد عيبا أو حرجا أو ضيرا في أن وزراء الاعلام العربي يجتمعون من أجل اصدار وثيقة كهذه. سابقا قبل سنوات كانت هناك كلمة يرددها وزراء الاعلام بشكل عام.. كلمة حق يراد بها باطل " الاعلام المسئول". الحقيقة أن هذا المصطلح كان يصيبنا نحن الصحفيون الذين نزعم باننا حريصون على الاستقلالية والمصداقية بالقرف والاشمئزاز وحتى بالقشعريرة، لكن الان اصبحت متحمسا للاعلام المسئول. ولكن المشكلة أين؟ المشكلة أن السادة وزراء الاعلام بكل محبة ليسوا مؤهلين أن يعدوا ويصدروا لنا وثيقة من هذا القبيل. أولا: لان الاعلام الرسمي الذين هم يشرفون عليه في البلاد العربية بنسبة 90% هو إعلام سئ وردئ وفاشل وليس مؤثرا. وهو اعلام خادم للحاكم وليس للشعب. قد يرد بعض الوزراء باننا محكومون بهذا النوع من الاعلام... اذا كان الامر كذلك فأنتم لستم مؤهلين. أنتم مؤهلون للتحدث عن الاعلام الرسمي فانتم تستطيعون أن تجتمعوا وتصدروا عشرات الوثائق ولسنا معنيين بذلك. اما ان تجتمعوا من أجل اصدار وثيقة للاعلام العربي بما فيها الفضائيات المستقلة فنحن لسنا معنين لانكم لستم مؤهلين. لكن أعود واقول لماذا أنا مع الاعلام المسئول... وهذه مسئولية الاعلاميين. لان في بعض الاقطار أصبح الاعلام مادة حزبية.. احيانا اصبحت المادة حرب وليس اعلام على الاطلاق. وفي بعض البلدان يثيرون الاحتقان والفتنة المذهبية والطائفية بشكل غير طبيعي. ومعالجة ذلك لا تتم بالاغلاق او الحجر او المقاضاة. المعالجة تتم بالتنبيه.. ننبه انفسنا نحن الاعلاميين الى اننا امام مسئولية كبيرة. وأنا من ايلاف اقول: اتمنى ان نخبة من الاعلاميين العرب في مختلف الفضائيات والصحف والمواقع يبادروا من اجل دراسة جدية لواقع الاعلام العربي. لما لا هم يوزعون وثيقة؟ ليست وثيقة ملزمة بل معنوية.. حقيقي انا قلق على الاعلام في بعض البلدان العربية الذي يتسبب في اثارة بعض الفتن بشكل خطير.
-ولكن قناة الجزيرة متهمة بالتحريض واثارة الفتن؟
هي متهمة منذ البداية.. نحن في قناة الجزيرة صدقيني ليست لدينا أجندة تحريض على الانظمة العربية.. لكن لدينا أجندة واضحة من خلال ميثاق الشرف الذي يحدد المبادئ التي نعمل على اساسها. نحن ننقل الواقع كما هو لا كما يريده الحاكم ولا كما يريده أي فريق. واحيانا اعلام الواقع يزعج الحاكم واحيانا يزعج المعارضة. وهو في كل الاحوال يزعج اجهزة الامن. نحن مع اعلام الناس وهذا احيانا يزعج بعض الحكومات.
-ما هو إعلام الناس؟
يعني عندما تقول الناس انها تتوق للحرية فالاعلام يقول ذلك.. نغطي التظاهرات والاحتجاجات. نحن مع اعلام الناس التي تريد أن تخرج من الفقر المفروض عليها. نحن مع اعلام الواقع في فلسطين. على سبيل المثال بكل صراحة ومع احترامي لكل وسائل الاعلام عندما حوصرت غزة وقطعت الكهرباء واستفحل البطش الاسرائيلي، الجزيرة ساهمت بشكل كبير ليس في احراج اسرائيل ولكن باحراج بعض الانظمة العربية حتى تخرج من هذا الصمت. حتى لا تبقى غزة هكذا. اذا كانوا يريدون تسمية هذا الامر بانه تحريض على الانظمة فيحق لهم ذلك. فهو بلا شك احراج لبعض الانظمة العربية التي تلتزم الصمت. لكن لا توجد لدينا أجندة للتحريض على الانظمة العربية او اسقاط الانظمة. انا على المستوى الشخصي اؤمن بثلاث قضايا. اولا: اؤمن بقضية الاصلاح والحرية والديمقراطية واناضل من اجلها واعتقد ما اقدمه من مادة في الاعلام ينبغي ان تكون خادمة لهذا الامر. واعني الاصلاح والحرية والديمقراطية بشكل سلمي لا بالتطرف او العنف. ثانيا: رفض الاحتلال والهيمنة.. نحن مع كل طرف يريد ان يقول للهيمنة او الاحتلال كلا.. ثالثا: قضية الانفتاح العام والتسامح ثقافيا وسياسيا وفكريا وبالتالي ضد التطرف هذا ما اؤمن به وهو يتجسد فيما اقدمه دائما.
-لماذا لم يستطع الاعلام العربي اتخاذ موقفا مؤثرا عند حصار غزة، موقفا مؤثرا على الانظمة العربية؟
عندما يقول حاكم عربي لدولة عربية مركزية في مؤتمر صحفي تستقبل احد رؤساء الدول الاوروبية "ساركوزي" عندما يجيب هذا الحاكم عن توضيح موقف بلده ويقول بعدها "فلتفعل الفضائيات ما تشاء من جعجعة" هذا يعني ان حاكم هذه الدولة اعتبر ان الفضائيات او اذا كان يعني فضائية بحد ذاتها انها تستفزه. تجعله في حالة من الغضب. هذا يعني بانه يوجد تأثير. الان هل الاعلام العربي بشكل عام كان مؤثرا؟ اقول بكل صراحة كلا. ولسببين على الاقل. السبب الاول: ان بعض هذا الاعلام هو اعلام رسمي وبالمناسبة هي ليست مشكلة الصحفيين والاعلاميين الموجودين بالاعلام الرسمي. هي مشكلة القرار وهؤلاء ينفذونه. الاعلام الرسمي مرتبط بالحاكم. عموما في البلاد العربية على الاقل البلدان المعنية بهذا الامر هي منزعجة بما يحصل في غزة وتحمل كل ما يحدث في غزة من اضطرابات وحتى البطش الاسرائيلي لحركة حماس. اما السبب الثاني: حتى النخب الاعلامية والسياسية انقسموا بشكل صريح. هناك نخب اعلامية ثقافية سياسية تعلن صراحة ان ما تسميه بالراديكالية او التطرف السياسي انها ضدها وانها في هذا الامر جزء من المشروع الامريكي او تلتقي مصلحيا مع امريكا التي تريد استقرار الاوضاع. وحتى ان لم تعلن انها تلتقي مصلحيا مع امريكا فهي ضد هذه الاطراف من حماس الى حزب الله الى كل هذه الاطراف التي تعتبرها انها قد تؤدي بالمنطقة للتهلكة وبالقضية الفلسطينية. وعليه فهي لا تخفي هذا الامر وتؤكد قناعاتها من خلال الاعلام الذي هي جزء منه. انظري الى الكتابات ولا اتحدث فقط عن قنوات فضائية.. كتابات كانت تحمل مسئولية كل ما يحصل لحركة حماس. قد تكون هذه الكتابات من محقة.. قد يكون الكتاب محقين فيما يقولون.. لكن انا اقول الزمن هذا اصبح فيه صراحة ووضوح كبير... فالمشهد الفلسطيني يتحدث عن نفسه من دون ان اصوره انا.. لكن هؤلاء يعتبرون ان المسئولية على حماس. لكن انا اعتقد ان الجزيرة عملت بجدية لرفع الحصار واحرجت الحكام وكان لها صوت مؤثر ولم تجد الجزيرة حرجا في هذا الامر... كانت حملة واضحة وانا اعتقد انها كانت حملة اعلامية ناجحة ومؤثرة.
-بما انك ذكرت حزب الله وتحميله ايضا المسئولية كاحد الاطراف التي قد تؤدي بالمنطقة العربية للتهلكة.. كيف تقيم الوضع في لبنان الان؟ الخلافات كثيرة ولا بوادر لاتفاق؟
نحن نتحدث الان وقد اعلنت امريكا ان هناك بارجة حربية اتجهت الى قبالة الشواطئ اللبنانية وستلحق بها فرق عسكرية. والعنوان العام هو "حفظ الاستقرار في لبنان ومواجهة سوريا" التي تتدخل في الشان اللبناني. اما وقد وصلنا لهذه المرحلة فنحن في وضع دقيق الى اقصى حد. ولا يمكن ان نفسر ما يحدث الا باستعداد كامل امريكي واطراف في المنطقة على حسب الخيارات السياسية. بالاضافة الى ان السلاح منتشر مع الاطراف المحلية في لبنان.. وهذا برأيي أمر خطير جدا. وهذا لا يعني ان حزب الله محق فيما يقوم به داخل الساحة اللبنانية او ان المعارضة هي محقة ايضا. ولكن هذا يعني باننا وصلنا الى مرحلة تشبه تماما مرحلة حرب تموز عام 2006 حيث ارادت اسرائيل وقتذاك ان تحسم عسكريا مع حزب الله وتقضي عليه. كانت الشعارات واضحة لكنها اخفقت... والله انا لدي تخوف.. السلاح موجود في لبنان بكثرة.. اكثر من البندورة واكثر من البطاطا.
-السلاح مع جميع الاطراف؟
مع جميع الاطراف السلاح منتشر. الاحتقان قائم وعدد كبير من الزعامات السياسية في لبنان تفتقد المسئولية وتتعاطى بخفة مبالغ فيها.
-هل تقصد السيد وليد جنبلاط؟
لا.. لا اقصد شخص بعينه اقصد اكثر من طرف من الموالاة كما في المعارضة. هناك خفة مبالغ فيها وانا لاول مرة اشتم رائحة البارود واعتقد ان الثمانية الاسابيع المقبلة هي اخطر ثمانية اسابيع في لبنان. واذا حصل شئ في لبنان اؤكد ان المنطقة ستشتعل بالكامل. لا استطيع ان اتصور أي احتقان عسكري في لبنان من دون غطاء عربي لهذا الطرف او ذاك. بالمناسبة عدد من الزملاء الصحفيين والسياسيين يطلقون علي لقب "الاطفائجي"... الذي يطفئ الحرائق. فاذا كان هناك احتقان اخرج على الهواء واحاول ان اهدئ. لكن هذه المرة اقول لك اشتم رائحة البارود.. وبارود قاتل وليس بارود دخان او تهويل... الله يحمي لبنان والمنطقة بشكل عام.
-هل تعتقد لو كان الرئيس الراحل رفيق الحريري لا زال على قيد الحياة لكان الوضع افضل؟
لو كان الرئيس رفيق الحريري رحمه الله على قيد الحياة لكان المشهد اللبناني مختلفا تماما.. لم نكن لنتحدث عن كل هذا الاحتقان وكل هذا الانقسام السياسي والاجتماعي الحقيقي القائم في لبنان. بالتأكيد من اغتال الرئيس رفيق الحريري يعرف تماما ما يفعل.
-الا تجد لوما على سوريا او حزب الله فيما يحدث داخل لبنان؟ اكثر الناس كانت مع السيد حسن نصر الله في حرب تموز واعتبروه الناصر والمنتصر. لكن فيما بعد غيروا رأيهم واعتبروه يعمل لاجندة ايرانية سورية وليس لمصلحة لبنان.. هل كان يمكن ان يتخذ موقفا اهدئ حتى يساعد على عدم الوصول الى الاحتقان بهذا الشكل؟
يا أختي العزيزة بعد حرب تموز باسابيع قليلة قلت وقتذاك ان قوة السيد حسن نصر الله انه لبناني لانه من رحى لبنان انطلقت المقاومة وانتصرت... ونقطة ضعف السيد حسن نصر الله ايضا انه لبناني. لان لبنان خليط غريب في الاعتبارت السياسية التي تجعل عملاقا كبيرا خارج لبنان مجرد صغير كغيره داخل الساحة اللبنانية متى دخل زواريب السياسة. لا ازال عند قناعتي ان السيد حسن نصر الله عملاق لبناني خارج لبنان مع اسرائيل.. أما داخل الساحة اللبنانية المعركة مختلفة. الان لن اقول هل كان محقا في انخراطه في المعركة الداخلية أم غير محق؟ لكن الحاصل هو التالي.. ان المشكلة ان حزب الله جزءا من هذه المعركة الداخلية، حجة حزب الله انه يقول انه طعن في ظهره خلال حرب تموز ولكنه آثر الصمت.. وانه لا يريد ان يبقى الوضع في لبنان هكذا حتى لا يطعن ثانية فهو حريص على حكومة وحدة وطنية. في القضايا التفصيلية تتعاطى هذه الحكومة كما تشاء اما القضايا الكبرى ينبغي ان تكون هناك شراكة وطنية. الطرف الاخر يقول بمعزل الان عن قضية الاكثرية والاقلية والمعارضة والموالاة ان هذا ظاهر الامر.. واعتقد ان اكثر طرفين صريحين هما وليد جنبلاط وسمير جعجع. انهما يعلنان انهما يتناقضان من حيث المشروع مع حزب الله. فبالتالي هناك الان تناقض كامل في الاستراتيجية.. في الرؤيا. تناقض كامل بين الطرفين المعارضة والموالاة.. هناك تناقض كامل في مشروع الدولة في لبنان.. في هوية لبنان... في قضية الصراع العربي الاسرائيلي.. في التعاطي مع امريكا.. كل هذه القضايا.. هم يقولون من الصعب التعايش مع حزب الله.. السيد وليد جنبلاط قال على شاشة تلفزيون المستقبل بشكل صريح أن من الصعب التعايش مع حزب الله. حينئذ ما هو الحل؟ فاما أن يكون هناك حسم عسكري وهناك مننتصر وخاسر واما ان يكون هناك حوار.
-هل تعتقد أن هناك بوادر لنشوب حرب في لبنان؟
تقديري الشخصي أن حربا محلية على مستوى لبنان فقط لن تحل المشكلة. فربما حزب الله كحزب قادر على أن يحسم وهذا الظاهر. لديهم القدرة العسكرية بشكل كبير. لكن هذا لن يعالج الوضع. الحسم العسكري على المستوى اللبناني سينتج حربا اخرى بعد 5 سنوات او 10 سنوات. سينتج احربا اخرى.
-ولكن ما يحدث في لبنان مرتبط بأطراف خارجية؟
اذا كانت المشكلة على مستوى أكبر فهنا الحسم سيكون أخطر. وانا في قناعتي أن لبنان يختصر صراعا عربيا اقليميا دوليا بامتياز. وعليه فان الاجابة على سؤالك هل أن السيد حسن نصر الله هو يخدم المشروع السوري- الايراني؟ بكل وضوح أقول من الصعب أن تقول عن طرف لبناني انه خادم لطرف خارجي. ومن الصعب حتى أن نقول انه اداة. هذا طرف قوي داخل لبنان وجمهوره يحتضنه بشكل كبير وقضيته قضية المقاومة محقة. لكن هناك التقاء كبير بينه وبين سوريا ويران.. وهو لا يخفي هذا الامر.. هناك لقاء استراتيجي على مواجهة ما يسمونه المشروع الامريكي- الاسرائيلي. الطرف الاخر "الموالاة" يقول أن الخطر الحقيقي هو هذا المحور السوري- الايراني، ايران التي تريد ان تتمدد في العالم العربي كالاخطبوط وذراعها موجود في لبنان عبر حزب الله وموجود في فلسطين عبر حركة حماس. وسوريا هي البوابة العربية لهذا الاخطبوط الكبير. ونحن ينبغي أن نقطع أذرع هذا الاخطبوط. هذه المشكلة الحقيقية صراع اقليمي دولي واذا حصل هذا الصراع الكبير في المنطقة.. أنا في تقديري سيحسم!!
سيحسم؟ وكيف سيحسم؟
نعم.. ستكون هناك محرقة كبرى.. لكنه سيحسم سواء لهذا الطرف أو ذاك.. هذه قناعتي الشخصية وقد تفاجئك! وللاسف الذي ستحترق بعض الانظمة العربية المستخفة بما سيحدث في هذه المحرقة الكبرى.
-الانظمة التي ستحترق.. من أي طرف؟
ستحترق ربما سواء تلك التي تتعاطف مع ايران او تلك التي تتعاطف مع الولايات المتحدة الامريكية... واحد منها سيحترق.. منطق لا غالب ولا مغلوب في لبنان منطق لن يستمر.. وقلت لك المشكلة في لبنان صراع عربي اقليمي دولي. المعركة ستكون طاحنة.
-هذا تشاؤم كبير؟
لا راديكالية بعض من هم في المحور الايراني السوري قد تخفف من هذا التشاؤم. ولا تجربتنا مع الرئيس الامريكي جورج بوش يمكن ان تجعلنا نشعر انه سينهي ولايته دون ان يحرقنا اكثر للاسف!
-ذكرت بانك ستقوم بكتابة مذكراتك.. متى سيتم ذلك؟
انا الان بصدد كتابتها.. ادون الكثير من القضايا.. منها قضايا قديمة من الثمانينات.. هي ليست مذكراتي الشخصية كطفل وكعائلة.. هي تدوين لتجربتي الاعلامية والسياسية.. تجربتي في ايران تجربة كبيرة جدا ولكني لم اذكرها من قبل.. وتجربتي في لبنان وحرب تموز.. الان هناك دار نشر امريكية ودار نشر فرنسية طلبتا مني ان اكتب عن حرب تموز مقابل مبالغ خرافية.. رفضت ان اكتب شيئا.. لاني اعتقد انه مبكر ان اكتب عن هذه التجربة.. ربما نكون مقبلين على حرب ثانية.
-لو عاد بك الزمن الى الوراء.. هل كنت ستختار العمل الاعلامي؟
نعم.. ولكن ليس بالطريقة التي انا الان عليها... انا اشعر باستهلاك يومي مبالغ فيه بعملي.. انا اقدم برامج.. ومدير مكتب.. ومراسل.. هذا يجعلني اتابع تفاصيل التفاصيل.. انا الان معك بالقاهرة صدقيني منذ البارحة وانا اتواصل مع الزملاء في المحطة.. يمكن كنت ساعمل بهدوء اكثر.. ولكن في الوقت نفسه اعتبر ان خياراتي في العمل اليومي اثرت تجربتي وانضجني بعض الشئ ثم جعل قناعاتي مبنية على معلومات وليس على اعتبارات.. ولكن اعتقد انه ينبغي ان اضع حدا لهذا النمط من العمل قريبا... انا كنت ساترك هذا النمط من العمل بعد حرب تموز.. كنت قد قررت ان اتفرغ للبرامج والكتابة فقط... لكن الوضع في لبنان اجبرنا على البقاء.. بالتأكيد بعد انتهاء هذه الازمة سواء بحرب او غير حرب ساراجع وضعي بشكل جدي.
السبت 8 مارس 2008

إقرأ أيضا:
الجزيرة توك تحاور الإعلامي غسان بن جدو
سيأتي يوم واترك قناة الجزيرة للتفرغ لشيء آخر ربما للسياسة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.