القاهرة – أكد البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أن الإسلام يرسخ مبدأ احترام حرية العقيدة و"يتعامل بكل ود ومحبة مع أهل الكتاب"، معتبرا أن "وصف المسيحيين واليهود بأهل الكتاب من أجمل الأوصاف التي تحترم وتقبل الآخر". فيما شدد شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي على أن اختلاف العقيدة لا يمنع التعاون "لخدمة وسعادة البشرية".وقال البابا شنودة الثالث في كلمة له اليوم الإثنين 22-2-2010 في افتتاح المؤتمر الثاني والعشرين الذي يقيمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية المصري تحت شعار "مقاصد الشريعة الإسلامية وقضايا العصر": "إن أحد أهم قيم الإسلام هي عدم الإكراه في الدين التي وردت بالنص الصريح في سورة البقرة: لا إكراه في الدين". وأضاف في المؤتمر الذي يعقد في الفترة من 22 إلى 25 فبراير الحالي، أن "اعتراف الإسلام بعدم الإكراه في الدين يتمثل بصورة عملية في آيات قرآنية تقول (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)، ومع ذلك فإن الإسلام وضع سياقا متصلا لكل من يتحمس لدينه ويريد أن ينشره، وذلك في سورة المائدة في آية (ما على الرسول إلا البلاغ)". وأكد بابا الإسكندرية أن التعاليم الإسلامية لم تجعل الحماس لنشر الدين مبررا لإكراه الناس على اعتناق الدين "فجاء في سورة النحل (فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين)، وفي سورة الشورى (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)". وأوضح أن الدين أساسه الإيمان، وأن هذا الإيمان لا يمكن أن يأتي بالإكراه "وهو ما قرره الإسلام، لذلك فالمكرَه لا يكون صادقا في إيمانه، وإذا أكره يعيش بشخصية مزدوجة، ثم يضطر للعودة إلى دينه، وهو ما يعرف إسلاميا بالردة". الأخوة الإنسانية من جانبه، أوضح شيخ الأزهر أن مقاصد الشريعة "تهدف إلى سعادة البشرية، وتأكيد الأخوة الإنسانية بين البشر جميعا، وأن الاختلاف في العقيدة لا يمنع من التعاون لخير البشرية، فلكل إنسان عقيدته ولا ينبغي أن يكره على اعتناق عقيدة دون أخرى". وشدد د. طنطاوي على أن الإسلام رسم العلاقة بين المسلمين وغيرهم "بحيث يتعاون مع كل من قدم له الكلمة الطيبة، أما من أعلن عليه الحرب فإن من حقه أن يقاتل لدفع العدوان عن نفسه وليس للعدوان على أحد". تشريعات دولية على الصعيد ذاته، طالب الدكتور محمد الشحات الجندي الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بضرورة السعي لإصدار تشريعات دولية تحمي حرية الاعتقاد بجميع أبعادها لاسيما اتهام الأديان بالتطرف. وأكد أن الإسلام أقر حقوق الإنسان قبل أن يلتفت إليها الغرب، وذلك من خلال المقاصد الشرعية؛ حيث حرم إزهاق الروح وإهدار الدم، سواء كان لمسلم أو لغير مسلم، كما أنه أقر حرية الاعتقاد وحرم الحيلولة بين الفرد وبين حقه في الإيمان وممارسة شعائره. بدوره أوضح الدكتور مأمون عبد القيوم رئيس دولة المالديف السابق أن ما يحدث اليوم من نزاعات طائفية "تنشر العداوة في دولنا الإسلامية سببها محاولة فرض بعض العناصر رؤيتها الخاصة على بقية الدول الإسلامية". والتعصب للرأي -كما يؤكد عبد القيوم- ليس من الدين، واللجوء للعنف هو المسئول الأول عن تشويه الرؤية تجاه الإسلام، مشددا على أن من يمارسون العنف يجهلون مقاصد الشريعة. فهم خاطئ وفي كلمته، بين الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف المصري أن مؤتمر مقاصد الشريعة يحاول أن يزيل ما يحيط الشريعة الإسلامية من سوء فهم وحكم مسبق باعتقاد الغرب أن هذه الشريعة هي فقط لتطبيق الحدود، وإعلان الجهاد، وهو فهم خاطئ. وأضاف أن الحدود ما هي إلا وسائل داعمة للشريعة، والجهاد هو حرب دفاعية لرد العدوان، لكن هناك تيارات منغلقة في عالمنا الإسلامي تعمل على ترسيخ مفاهيم خاطئة بين أوساط الشباب. وأوضح قائلا: "لقد جعلوا (المتطرفون في الغرب) الإسلام كبش فداء لكل التصرفات الحمقاء التي اختزلت الإسلام في أمور لا تعبر عن هذا الدين الذي جاء سباقا لإرساء دعائم الحقوق الأساسية للإنسان". صبحي مجاهد إسلام أون لاين.نت