أثارت عودة مجموعة من المواطنين الموريتانيين بزعامة حمادة ولد الدرويش المدير السابق لميناء نواذيبو مؤخرا للمغرب علي أساس أنهم صحراويون، جدلا سياسيا أمس في موريتانيا تناولته الصحف وحمي وطيسه بين المقربين من المغرب وخصومهم من دعاة الوطنية الحريصين علي الانتماء للوطن الموريتاني. وكان نحو 100 من المواطنين الموريتانيين قد وصلوا إلي المملكة المغربية الأسبوع الماضي وأعلنوا في مؤتمر صحافي عن عودتهم إلي الوطن الأم المغرب . واعتبر الناطق الرسمي باسم الجماعة، حمادة ولد الدرويش، أن هذه الدفعة لن تكون الأخيرة بل ستشفع بدفعات أخري وهو ما أكده المتدخلون خلال المؤتمر. وأثارت هذه الحادثة التي هاجمتها صحف موريتانية حكومية وخاصة، استياء في أوساط كثيرة تري أن المغرب الذي تغدي علي الصحراويين لا بد أن يتعشي يوما ما علي الموريتانيين . وقد استاءت الأوساط الرسمية الموريتانية إزاء عودة هذه المجموعة للمغرب حيث عقد الوزير الأول الموريتاني الزين ولد زيدان اجتماعا خصص لتدارس الموضوع تقرر في نهايته البدء في حملة اعلامية ماهرة وهادئة توضح خطورة التخلي عن الجنسية. ولم يخف مصدر رسمي موريتاني في توضيحات ل القدس العربي أمس تخوف الرسميين الموريتانيين من أن ينهج موريتانيون آخرون نهج الجماعة الدرويشية ويعودون للمغرب بحثا عن فرصة عيش أحسن . وشدد المصدر القول علي أن حملة لشراء الذمم ينفذها الآن بقوة خليهن ولد الرشيد رئيس مجلس شؤون الصحراء الذي يتبع ملك المغرب. وهاجمت صحيفة العلم الموريتانية الخاصة في عددها قبل الأخير عودة ولد الدرويش محذرة من أن مواطنين موريتانيين آخرين قد ينهجون نفس الطريق. ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن دفعة ثانية تضم مواطنين موريتانيين تستعد هذه الأيام للسفر إلي المملكة المغربية في ضوء تلبية دعوة الملك إعطاء الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية. ومن المنتظر، حسب يومية العلم ، أن تنهي هذه المجموعة استعداداتها للتوجه إلي المغرب عما قريب. وانتقدت الصحيفة حياد السلطات الموريتانية مشيرة إلي أن عودة مواطنين موريتانيين بشكل علني ومنظم إلي دولة أخري يثير العديد من التساؤلات . وأوردت من هاته التساؤلات: هل أن عودة هذه المجموعات إلي المملكة المغربية جاءت بوصفهم مواطنين صحراويين أم موريتانيين كما هي الحقيقة؟ كيف تقبله موريتانيا؟ ومن أجل ماذا؟ وخوفا من ماذا؟ وأكدت العلم أن الرأي العام الموريتاني ينظر بحيرة وترقب إلي موقف حكومته وهي تتفرج علي مواطنيها المعروفين من كل الجهات والأعمار يعودون إلي المغرب باسم مواطنين صحراويين دون أن تحرك ساكنا أو تعلن موقفا رسميا من هذا التصرف المشين والذي يمس أهم علاقة تربط الدولة بالمواطن . وأضافت بلهجة لا تخلو من المرارة ان هذه الإزدواجية في التعامل مع مواطنين موريتانيين عمل غير مسبوق ينم عن عدم انسجام الحكومة والتزامها بأهداف موحدة بل تفرقها لأهداف خاصة كما أنها دون المستوي من ناحية تحمل المسؤولية والهم العام . جدل قانوني هذا وأثارت عودة مجموعة ولد الدرويش جدلا قانونيا حيث تحدث عنها أساتذة القانون الذين عبروا عن آرائهم، مجمعين علي فقدان المجموعة العائدة للمغرب جنسيتها الموريتانية.ويقول المحامي ابراهيم ولد أبتي في توضيحات نشرها أمس حول ازدواجية الجنسية أن القانون الموريتاني لا يتضمن أية متابعة لمن فسخ الجنسية الموريتانية وتبني جنسية أخري.واعتبر ولد أبتي أن من حق الفرد اختيار الجنسية التي يريد.وفي مقابلة أخري حول نفس الموضوع يؤكد محمد عبد الرحمن ولد محمد الأمين، مدير الشؤون المدنية والختم بوزارة العدل الموريتانية أن فقد الجنسية يختلف عن التجريد منها رغم أن القانون الموريتاني جمعهما في باب واحد هو الباب الرابع من القانون رقم 61 112. ويضيف ولد محمد الامين في مقابلات نشرتها الصحف الحكومية ردا علي عودة مجموعة ولد الدرويش إلي المغرب، أن فقد الجنسية الموريتانية في حالة الحصول علي جنسية دولة أخري أو التمسك بجنسية بلد ثان،هو أمر تلقائي لا يتطلب إجراءات قضائية أو قرارات سياسية، بل إنه بمجرد حصول الشخص علي جنسية أخري أو التمسك بها تصبح جنسيته الموريتانية لاغية ويفقد صفة المواطنة، ويبدأ التعاطي معه بصفته أجنبيا ينطبق عليه ما ينطبق علي بقية الأجانب، وتطبق عليه القوانين التي تطبق علي مواطني البلد الذي يحمل جنسيته، سواء فيما يتعلق بإجراءات دخول البلاد أو الإقامة فيها، أو تعلق بتملكه للأموال المنقولة أو العقارات أو غير ذلك من الإجراءات الأخري.. أي أنه يصبح في نظر القانون أجنبيا بكل ما يترتب علي ذلك.. وأكدت صحيفة بلادي في ملف خصصته أمس لهذه القضية أن عودة مجموعة الدرويش الموريتانية (الصحراوية ؟) وتجنسها في المغرب، قد أدت لاضطرابات في العلاقات الموريتانية المغربية. ولخصت الصحيفة ذات الاطلاع الواسع الموقف قائلة ان التصريحات التي قابلت بها وسائل الاعلام الرسمية الموريتانية عودة مجموعة الدرويش قد طرحت من جديد مشكلة علاقات المغرب بموريتانيا التي ظلت متوترة منذ الاستقلال بل وقبله . واضفت الصحيفة لقد فشل الحكام الذين تعاقبوا علي موريتانيا والمغرب في إزالة التوتر عن العلاقات بين نواكشوط والرباط (...) أما اجتياز الحدود الموريتانية نحو المغرب فهو أمر ظل مسموحا به في ظل الأنظمة الموريتانية السابقة إلا إذا كانت السلطات الموريتانية الجديدة ستقابله بموقف أكثر تشددا . 11/03/2008