في مثل هذه الأيام قبل عام تقريبًا،وتحديدًا في 15آذار(مارس)2009م كتبت البيان الفلسطيني (المنفستو الفلسطيني)،ونشر على مواقع في شبكة الإنترنت،وذلك من واقع الإحساس بعمق المأساة التي يتردى فيها الشعب بفعل جواسيس وسماسرة أوسلو،وتكريسهم للانقسام،وعبثهم الدائم بمؤسسات الشعب الذي زيفوا تاريخه،وشوهوا نضاله،واغتصبوا ثمرة دماء شهدائه،واليوم نعيد نذكر بما سبق أن أعلناه لعموم الشعب الفلسطيني البطل في ضوء مهزلة المفاوضات غير المباشرة التي يدلس بها عباس وجواسيس أوسلو على الشعب،ويصادر حريته في حقوقه ومصيره. فهل محمود عباس يتصور أنه سيصل إلى اتفاقية مع اليهود المحتلين في حالة الزمة الحالية والانقسام والتشتت الوطني؟ وباسم من تحيدًا يفاوض محمود عباس المحتلين؟ وهل بقايا حركة فتح من الراقصين على حباس التنسيق الأمني والتنطع بالحجج الواهية هي كل الشعب الفلسطيني؟ وقد يكون هذا البيان آخر وثيقة تستنهض همم الشعب للوقوف في وجه من يبيعون وطنه في أغرب نهاية مأساوية لقصة كفاح بطولية في التاريخ الحديث والمعاصر. أيها الفلسطينيون :استيقظوا ،اتحدوا، انتفضوا ، ثوروا ! ضاعت بلادكم،وتمت تصفية أعدل قضية في التاريخ المعاصر. البيان والبلاغ المبين وظيفة الأنبياء والمصلحين (هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)( إبراهيم :52) أصل وظيفة الأنبياء البلاغ والدعوة إلى التوحيد ومتعلقاته التي توجب الإيمان بالله والطاعة المطلقة بتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه،وضرورة المتابعة للنبي لأن أقواله وأفعاله وتقريراته وحيٌّ من الله ،ولأن هذه سنة إلهية في البشر،فقد اقتضى تبليغ الرسالة بنجاح أن تصاغ في أوضح وأبلغ وأبْيَن صيغة،وعلى طريق رسل وأنبياء الله سار المصلحون ودعاة الخير. وباستعراض جميع حركات التغيير والإصلاح الدينية والبشرية نجد أن كل دعوة أو ثورة أو انتفاضة أو حركة إنسانية تهدف إلى التغيير بدأت ببيان أو ميثاق أو كتاب أو اتفاق أو مناسبة أو فكرة أولية بسيطة واضحة تقبلها الناس عن طريق تبليغها بالبيان الواضح المُبين ،وتحمسوا لها ،وتبنوها فكريًا وسلوكيًا،ودافعوا عنها حتى تحقيق أهدافها أو بعضها ،وعلى ذلك قامت الدول التي تدافع عمَّا دعا إليه المصلحون ،وتحمي كيانات الأوطان. وإن من أكثر الدعوات التي توجب الاتحاد والتضحية حركات الجهاد من أجل صون كرامة الأوطان،واسترجاع الحقوق السليبة،فمن قتل دون ماله فهو شهيد ،ومن قُتل دون عرضه فهو شهيد،وهل تقدر الأوطان بالأموال،ومن أجلها تهون الحياة،وترخص المهج والأرواح؟ قصة البيان الشيوعي. عندما أعلن كارل ماركس (المفكراليهودي الألماني الأصل) وفردريك إنجلز(البرجوازي الشيوعي الإنجليزي)البيان الشيوعي عام 1848م كانت أوروبا تموج بالتيارات والحركات الاجتماعية الكبرى،فقد تمت هزيمة جيوش نابليون بونابرت والجمهورية الفرنسية في معركة ووترلو ،وخرجت القارة الموحدة في وجهه منتصرة ظاهريًًّا،وعملت أنظمة الحكم على تقوية كياناتها في وجه عوامل الثورة والتغيير بالعنف،وأثمر العصر الفكتوري بإنجلترا إنجازات الحركة الصناعية الكبرى التي توشك أن تغير وجه العالم،وتبني توازنات دولية جديدة داخل أوروبا وخارجها،وهيمنت بريطانيا عن طريق أساطيلها على معظم العالم القديم والجديد ،وبدأ بناء وظهور الأمة الألمانية الموحدة على يد المستشار بسمارك الذي لن يطول الوقت حتى يهزم ما تبقى من الدولة الرومانية المقدسة(النمسا والمجر )في معركة سادوا 1866م،وجيوش الجمهورية الفرنسية في معركة سيدان 1870م ؛ توثيقًا لولادة دولة عظمى على مسرح الأحداث الدولية. وفي حينها اعتقد ماركس أن ثورة البروليتاريا (الطبقة العاملة) التي ستأتي بالعدل والمساواة والحرية،ستقع حيث تُكَوِّن هذه الطبقة السواد الأعظم من المجتمع،كما هو الحال في بريطانيا؛ولذلك انتقل إلى لندن لأنه كان يعتقد أن التغيير الثوري الذي يأتي بالبروليتاريا إلى الحكم سيقع أولاً فيها،ثم ينتقل متزامنًا مع انتشار الصناعة ونمو الطبقات العاملة ، ومن لندن أصدر ماركس البيان الشيوعي بالاشتراك مع فردريك إنجلز تحت عنوان :يا عمّال العالم اتحدوا. ولم يدرْ بخلده أن ما كان يحلم به ،ويدعو إليه سيقع في روسيا القيصرية،حيث التخلف النسبي عن بقية دول أوروبا،ووجود حكم الأوليجاركية(الأقلية)الأرستقراطية الإقطاعية في ظل أسرة آل رومانوف،وغالبية من طبقة المزارعين والفقراء السواد الأعظم من الأمم الروسية الفقيرة،وتبخرت أحلام ماركس وإنجلز في أوروبا الرأسمالية الكلاسيكية لكي تتحقق على يد لينين في روسيا في أكتوبر عام 1917م .ويبدأ الاحتفال بعيد العمال في قلعة الرأسمالية الكلاسيكية بالولايات المتحدة بعد حادثة مدينة شيكاغو ،وبداية فكرة المطالبة بعيد العمال سنة 1886م .وظهرت بعد ذلك الحركات النقابية،والاتحادات العمالية،والحق في التظاهر السلمي،كل ذلك كان من أهم المكتسبات التي دعا إليها قادة الحركات الإصلاحية،وكفلت حقوق ملايين العمال في جميع أنحاء العالم،وفي ظلها تنامت الدعوات إلى مؤسسات حقوق الإنسان،وظهور منظمات المجتمع المدني التي تلاحق كل مظاهر الظلم ،وتسعى إلى تحقيق العدالة . ولأن دعوة البيان الشيوعي أصلها التفسير المادي للتاريخ ،وتتجاهل دعوات الديان فقد كان مصيرها أن تصبح جزءًا من خزانة هذا التاريخ ،على الرغم مما حققته من تغييرات جذرية في الفكر والعمل الاجتماعي والسياسي بكل مستوياته،وعادت الكثير من الدول إلى واقعها قبل الثورة البلشفية والثورات ذات الجذور الماركسية اللينينية،ولكنها لا تزال ماثلة في المنجزات العمالية والقانونية الاجتماعية التي يصعب حصرها . البيان الفلسطيني من جديد عندما يذكر المثقفون كلمة بيان فإن أول ما يتبادر إلى أذهانهم البيان الشيوعي أو (المانفستو) ،ونادرًا ما يذكرون حقيقة أن الأديان كلَّها قامت على البيان الحق البليغ المبين من منطلق الوحي الإلهي . البيان الفلسطيني بلاغ ديني قومي وطني عَقدي يُذَكِّر بحقيقة العملية الاحتيالية الحالية التي أُوكِل فيها أمرُ نصب الفخاخ وتمويه الشِراك إلى رموز (السيكوبولتيك:السقم أو الوهن السياسي) العربي،الذين ذبحوا الشعب الفلسطيني في غزة بالاشتراك مع العدو الصهيوني ،كل حسب الدور الذي رسمه كاتب ومخرج المسرحية على ما تبقى من أرض فلسطين في غزة والضفة على ما يقرب من شهر من الزمن27ديسمبر2008م 23يناير 2009م، وفي غياب غالبية الأمة المنشغلة بالصراعات الداخلية بين أبنائها والسلطات فيها ، الغافلة عن عدوها الحقيقي، المنصرفة عن ميادين مجالدته ، تلك الأغلبية التي سلَّمت أمر حسم قضية الوطن المقدس لعصابة من المحتالين الفاسدين من الشعب الفلسطيني الذين تواطؤا مع العدو الصهيوني ، وذبحوا المقاومة في غزة، ثم جاءوا يتباكون عليها ، ويعقدون الصفقات لإعادة الإعمار ، وتنادوا لعقد المؤتمرات ولقاءات الحوار لتنسيق المناسبات التي تعيد محمود عباس وفريق أوسلو المشؤومة إلى الواجهة، في مسرحية هزلية يجري تمثيلها على أرض الكنانة. البيان الفلسطيني بيان ديني ندعو فيه كل فلسطيني أن يثور على الظلم باسم كل ما ورد في القرآن الكريم والسنة المشرفة من ضرورة الجهاد ضد الغزاة الصهاينة القتلة. البيان الفلسطيني بيان شرعي قانوني إنساني سلمي ينشد الحق،ويطالب بالحقوق الثابتة لغالبية الشعب المشرد المبعد عن أرضه. البيان الفلسطيني يطلب من الأنظمة العربية الرسمية التي تتبنى فريق أوسلو الفاسدين أن يرفعوا أيديهم عن الشعب الفلسطيني الذي يرسخون بانحيازهم إلى مشروع محمود عباس وفريق المحتالين صفقة بيع الوطن. البيان الفلسطيني يذَكِّر كل فرد من الشعب أن الأنظمة الرسمية العربية تبيع وطنًا لا تملكه،وتقبض ثمن أرض من خارج أوطانها،ولو كان الأمر يتعلق بأوطانها لاختلفت الأمور كثيرًا. البيان الفلسطيني يدعو كل فلسطيني أن يستنكر بيع وطنه،وأن يرفع الصوت ،ويعلن الاحتجاج بكل وسيلة،ويبادر إلى رفض ما يجري في القاهرة حاليًا بين تجمع غريب من الوجوه التي تدّعي الانتماء إلى فلسطين،اختلطت فيه الأوراق ،وساوت فيه الدولة المضيفة على غير عادتها بين أصحاب الحق والمجاهدين الأبطال وبين الانتهازيين ممن تراكضوا لقطف ثمن اللحم المشوي بالفوسفور الأبيض،وثمن الدماء التي صبغت بيوت وشوارع غزة،وما عهدنا أرض الكنانة إلى قلعة للحرية والأحرار،وحصنًا من حصون التفرقة بين الحق والباطل،ومهدًا ومحضنًا لكل ما ومَن يذود عن حمى الأمة،ويدافع عن الحقوق الثابتة في فلسطين. هذا زمن النكبة الحقيقية للشعب الفلسطيني بدأت النكبة الأولى عام 1948م وكانت نكبة عامة حقيقية خرج بها الشعب من وطنه بتواطؤ فاضح بين بعض الأنظمة العربية والصهاينة الغزاة،ثم توالت النكبات الجزئية المرحلية؛نتيجة للتناقض المبدئي بين الأنظمة العربية الرسمية وبين طموح الشعب المطرود من أرضه الذي يطالب بالعودة إلى دياره المسلوبة ،ومعه الأحرار من أمته المتضامنين معه لرفع الظلم عنه. وكرَّس هذه النكبة الأولى وحوَّلها إلى واقع التواطؤ العلني والخفي الموثق بالمعاهدات والاتفاقيات والعلاقات التي لم تنقطع منذ وعد بلفور عام نوفمبر 1917م بين النظام العربي الرسمي والحركة الصهيونية واليهود الغزاة ،وأخذت صورة الوطن تتباعد كلما أضيفت إلى الواقع العربي صورٌ وفصولٌ متلاحقةٌ من مسرحية الخلافات المفتعلة والنزاعات القطرية والتحالفات المصلحية،ووقعت نكبات مرحلية جزئية في أكثر من موقع تواجد عليه الشعب الفلسطيني .ولكن ذلك لم يفلح في منع الفلسطينيين من الحلم والعمل من أجل العودة،ولم يفتَّ في عضد الأحرار من الأمة بضرورة تحدي الهجمة الصهيونية ،والوقوف في وجه الغزو الأجنبي الصليبي. النكبة الحقيقية التي ستكون نهائية عامة طامة هي التي تجري هذه الأيام على أرض مصر وبحبكة وكيد مغرقٍ في المكر والاحتيال،ورغم أن الصفقة النهائية لبيع فلسطين بدأت بالسماسرة ووسطاء بيع الأراضي من ضعاف النفوس الذين كانوا ينتسبون إلى فلسطين،بينما هم في الحقيقة لا علاقة لهم بها من قريب أو بعيد،وهم قطيع مختلط من أبناء العائلات الغريبة الوافدة على الأرض المقدسة المباركة فلسطين تجمعوا وبدأوا في الظهور مع بداية الهجرة الصهيونية،وكانوا يمثلون طبقة إقطاعية معروفة الجذور والولاءات للمستعمرين،متشابكة العلاقات مع اليهود الغزاة،غير أن هذا لا يقاس بأي حال من الأحوال بما يحدث هذه الأيام من تصفية نهائية للقضية على يد الأنظمة العربية الرسمية المتسترة بدثار الاعتدال لتبرير قتل وقهر كل دعوة إلى المقاومة،والوقوف في وجه الهجمة الصهيو إمبريالية الحالية،وتقوم بتبنى زمرة محمود عباس وفريقه من العملاء في سلطة أوسلو المشؤومة وفرضتهما ممثلين للشعب الفلسطيني . تتجاهل مسرحية المصالحة الحالية غالبية الشعب الفلسطيني،في عملية الخداع والتمويه والتواطؤ التي وقَعَتْ فيها حماس عن بصيرة وقلة حيلة في فخ التسوية؛باستدراج بعض قيادتها وقيادات من يُعرفون بالفصائل التي لم نسمع عنها شيئًا في ميادين المقاومة،ولكنها سرعان ما تراكضت لتنال نصيبها من المناصب في الدولة الفلسطينية الموعودة على ما تبقى من الأرض،إن كان بقي ثمة أرض،جلسات ومشروع المصالحة التي تساوي بين الشرفاء والعملاء،بين مجاهدي الخنادق والأنفاق،وبين المقيمين في الفنادق من شذاذ الآفاق . أيها الفلسطينيون في كل مكان استيقظوا واتحدوا وقوموا في وجه من يبيع وطنكم للصهاينة بدعوى مبادرات السلام الزائفة. يا أبناء الشعب الفلسطيني أينما كنتم:استخدموا كل وسيلة وابتكروا كل طريقة لقتال الغزاة وطردهم من وطنكم بعد أن سقطت المحذورات،واستخدم اليهود المجرمون كل أدوات القتل المحرمة،فلا يوجد بعد اليوم ما هو محرمٌ في حرب ومجاهدة الفلسطينيين المظلومين للغزاة المجرمين:العين بالعين والسن بالسن،والبادي أظلم ،فهذه أحكام شريعة الله التي أنزلها في كتبه المقدسة التوراة والإنجيل والقرآن. اعلموا أن محمود رضا عباس مرزا سيوصلكم إلى مهزلة الاستفتاء على وطنكم،وعلى حقوقكم التي لا تقبل التنازل وليست قابلة للإنكار بالتقادم،فإذا جاءن هذه الساعة فكسروا صناديق الاقتراع على رؤوس الجواسيس،ودوسوهم بالأقدام. قفوا سدًا منيعًا في وجه الجواسيس والعملاء الذين يروحون ويجيئون إلى قطاع غزة يسوقهم فكر الخونة ممن ينتسبون زورًا إلى حركة فتح،ولا يخدعهم كلامهم المعسول وأسلوب المخادع. ارتفعوا إلى مستوى الأحداث،هذه هي الأيام الحاسمة التي تحدد مصير مستقبلكم ومستقبل وطنكم،فإما إلى صمود يعقبه تأييد ونصر من الله،وإما الموت المحقق لمن فرط في وطنه،وخان الله ورسوله. أيها الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج:لن تُعدموا أنصارًا للحق،غيارى على المحارم ،فدوام الحال من المحال،والأيام دول. انبذوا محمود عباس وفريق أوسلو المشؤومة وكل السماسرة الفاسدين عبَّاد المناصب والوجاهات،حلفاء الصهاينة الغزاة،اكشفوا عمالتهم وتحايلهم الرخيص للعودة إلى الواجهة ،ليبيعوا ما تبقى من حقوقكم . أيها الفلسطينيون في كل مكان ... استيقظوا ! اتحدوا ! انتفضوا ! ثوروا ! ففي القاهرة ورام الله يجري حاليًا كتابة آخر صكٍ لبيع وطنكم ، وإلى الأبد ! ولن يكون هناك ما تفقدونه بعد اليوم بضياع حقوقكم الثابتة في وطنكم ،وإلى الأبد ! أيها السماسرة ممن يدَّعون الانتماء إلى فلسطين العزيزة أرض الأحرار والرباط والقداسات :لا خير فيكم ، اغربوا عنَّا. أيها الوسطاء من الأنظمة العربية الرسمية ممن يسوقون صفقة بيع وطننا: اعملو فينا خيرًا،ارفعوا أيديكم عن فلسطين وشعبها،واتركوا أمرهما لله يفصل فيهما بما يراه ،وهو سبحانه لن يضيعنا. (... والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ( يوسف : 21 ) دكتور أحمد محمد المزعنن