إذا أراد أحدّكم أن يتّهمني بالعنصرية, وحاشى أن أكون كذلك, فاليتفضل ويأخذ راحته كما يُقال. وإذا كان ثمة شيء من "العنصرية" فيما أقول فهي موجّهة أولاً وأخيرا ضد حزبي العميلين مسعود البرزاني وجلال الطلباني. ولي من الأسباب ما يكفيني ويزيد. والمتابع المحايد للشأن العراقي يعرف الكثير أيضا. فالأكراد, وأقصد بهم الساسة وليس الشعب طبعا, شركاء لنا في بغداد وأخوة أعزاء ويُطالبوننا بمشاركتهم في كلّ شيء حتى في إدارة مدرسة إبتدائية مثلا. لكنهم لا يسمحون لأي عراقي, حتى وإن كان رئيس الوزراء بلحمه وشحمه وصلعته, أن يبدي رأيه, ولا أقول يطالبهم أو يأمرهم بشيء ما, في أي موضوع يخص شمال العراق. يأخذون أكثر مما يستحقون ويضعون شروطا تعجيزية لما يطلبون, وأحيانا تتم تلبيتها دون نقاش أو مساءلة من أجل )كُفيان الشر( أي تجنّب شرّهم. وبالمقابل لا يقدمون ولو الحد الأدنى للطرف الآخر, الشريك معهم. يقولون أن لهم حقوقا, وعلى عيني وعلى راسي, ولكنهم يسعون بوسائل غير شرعية ولا أخلاقية للحصول على المزيد منها. أما واجباتهم فهي في علم الغيب. يحاسبون العراقيين على كل كلمة وكل خطوة وكل دينار يُصرف, ولا يسمحون لأي شخص بان يسألهم على سبيل المثال عن كيفية صرف وإدارة 17 بالمئة من ميزانية العراقية المخصصة للاقليم الكردي المقدّس. والويل كل الويل لمن يفتح فمه معترضا أو سائلا أو مبديا ملاحظة ولو بناءة فيما يخص شعبنا الكردي في شمال العراق, وهل يكون له نصيب وحصّة معيّنة من تلك الأموال أم أنها تذهب الى جيوب وبنوك المسؤولين الأكراد الكبار وحاشيتهم وعوائلهم. وقبل بضعة أيام ثارت ثائرة الساسة الأكراد ضد السيد طارق الهاشمي نائب ما يُسمى برئيس الجمهورية لأنه أبدى }رأيه في موضوع رئاسة العراق. والرجل لم يُطالب ولم يفرض ولم يخرج في مظاهرة أو يصدر قرارا أو أمرا بهذا الخصوص. إن كلّ ما قاله الهاشمي أنه من الصواب والأصح أن يكون الرئيس العراقي القادم عربيا. ولا أظن أن في هذا الكلام تجنّي أو إساءة أو تجاوز على الأكراد أو على سواهم. ويكفي ضخامة الرئيس جلال الطلباني أنه قضى عدة سنواترئيسا فديراليا, كخرّاعة عصافير لم تفزع حتى الأموات, وعليه أن يتحلّى بشيء من الحكمة والموضوعية ويترك المكان لشخص آخر. لكن ما يثير الغثيان في تصرّفات القيادات الكردية العميلة هي أنها ترى الديمقراطية والمساواة والحقوق من وجهة نظرها فقط, ويجب أن تكون لصالحها في كل الأحوال, وليذهب الآخرون ألى الجحيم . وأنا شخصيا لا أذكر مناسبة واحدة, منذ أكثر من عقدين, قدّمت فيها القيادات الكردية في شمال العراق شيئا يستحق الاحترام والتقدير فيما يخص العراق وشعبه. فبدلا من أن يهبّوا لاطفاء النيران المشتعلة في البيت العراقي وإنقاذ ما يمكن إنقاذه, باعتبارهم أخوة لنا وشركاء لنا, تراهم أول من يقوم بنهبه وسلبه وتخريب ما تبقّى منه, بعد أن حرّضوا ودعموا وشاركوا بكافة السبل والوسائل في إشعال النيران فيه وتدميره على ساكنيه. إن قادة الأكراد وعلى مدى سنوات طويلة تصرّفوا وكأنهم خارجون عن القانون بغض النظر عن نوعية أو طبيعة النظام السياسي الحاكم في بغداد. وأصبحوا بمرور الزمن مصدر توتر وقلق ومشاكل لبيس للعراقيين فقط بل ولجميع الشعوب المجاورة, مستغلّين دائما وضد كل مَن يعتبرونه عدوا لهم, علاقتهم الحميمية مع الكيان الصهيوني وراعيته أمريكا. ومن نافلة القول إن شمال العراق, خصوصا بعد الغزو الأمريكي للبلاد أصبح مرتعا خصبا, بفعل السماد الكردي والرعاية البرزانية الخاصة, لجميع أجهزة المخابرات الأجنبية المعادية للعراق والساعية الى تفكيكه وشرذمته ومحو هويته الوطنية وإضعاف دوره الأقليمي والعالمي. وما زال الكثير منّا نحن العراقيين في حيرة من أمره ويتساءل هل قادة الأكراد في شمال العراق هم أخوة لنا وشركاء في الوطن أم أنهم خصوم وأعداء. ولماذا تنصبّ كل إهتماماتهم, المزعومة والزائفة والدعائية, من أجل مصالح الشعب الكردي المنكوب بهم دون سواه مع الأخذ بنظر الاعتبار أنهم يمثّلون أقلّية لا تأثير لها لولا إرتهانهم المذل والتابع للكيان الصهيوني ومن خلفه صهاينة ومتطرّفي أمريكا. وإذا كان من حقّهم كما يدّعون أن يكون منصب رئيس العراق العربي من نصيبهم, وهو إدعاء باطل يُراد به باطل, فلماذا لا يحقّ للآخرين أن يشغلوا هذا المنصب خصوصا وإن دستورهم الجديد لم يحدّد قومية أو ديانة أو مذهب ما يُسمى برئيس العراق الفيدرالي. ويبقى السؤال, متى, وثمة أكثر من متى, يدرك قادة الأكراد العملاء حجمهم الطبيعي ويعوا حقيقة أن الاستقواء بالأجنبي لا يمكن أن يستمر الى ما لا نهاية. فالأجنبي, خصوصا إذا كان غازيا ومحتلا, لا بدّ أن يرحل, بالقوة أو بالمروّة, كما نقول بالدارجة. وبعدها سيصبح من العسير جدا على القيادات الكردية أو غيرهم ممّن باعوا أوطانهم وضمائرهم وإنسانيتهم, أن يجدوا لهم مترا واحدا في العراق المحرّر المتآخي الموحّد. لكن مسعود البرزاني, الذي لا ينقصه الخبث والحقد والعنصرية, وهي ميزات إكتسبها من أسياده الصهاينة, إستطاع التخلّص من غريمه جلال الطلباني ونفيه الى المنطقة الخضراء في بغداد. كما لا يُخفى أن غاية مسعود البرزاني, إبن أعرق عائلة متصهينة في شمال العراق, هي أن يبقى ما يُسمى باقليم كردستان إمارة برزانية خاصة. أما العراق الذي يسكنه 82 بالمئة من العرب فلا بأس أن نتقاسمه, فيفتي فيفتي, مع أخوتنا وأشقائنا الأكراد. وإذا لم تعجب القسمة لسبب أو لآخر قادة الأكراد فلا مانع لديهم من شرذمة البلاد والعباد وتحويلها الى دويلات ومحميات وكانتونات متصارعة فيما بينها. المهم أن نطيّب خاطر شاهنشاه مسعود البرزاني ونكسب ودّه ورضاه الامبراطوري. والاّ فان تهمة الشوفينية والعنصرية والحقد على الكُرد ستقذف في وجوهنا في أول ظهور تلفزيوني له, وستعرض علينا قائمة لا تنتهي من المظلوميات التي لحقت بالشعب الكردي رغم أن أغلبها حصلت, إن حصلت فعلا, بسبب عمالة وخيانة وتعدّد ولاءات ورايات وأرباب نعمة صاحب الفخامة وقلّة الوسامة والابتسامة.. مسعود البرزاني.