الجزائر- "الحاجة أم الاختراع".. بهذا المقولة فسر الشاب الجزائري "رضوان لطرم" إقدامه في نهاية الأسبوع الماضي على افتتاح أول مقهى للإنترنت يقدم خدماته للنساء فقط في حي الوادي الشعبي بالعاصمة الجزائر. ففي لقاء مع شبكة "إسلام أون لاين.نت" قال "لطرم": "فكرة هذا المقهى النسائي الذي يحمل اسم الفتح تولدت بسبب شعوري بحاجة النساء، وخاصة الملتزمات منهن، لمثل هذا المكان لينهلن من العلوم والمعرفة المتوافرة على شبكة الإنترنت". طالع أيضا: الجزائر.. مقاهي الإنترنت ملاذ لشباب "الشومارة"
ولفت إلى أن "هذه الفئة من النساء، أي المتدينات، وجدن أنفسهن محرومات من الاستفادة من الإنترنت لعدم وجود أماكن مخصصة لهن بعيدا عن الاختلاط بالرجال". إحدى صور تلك المعاناة تجسدت فيما كانت تكابده ابنة شقيق "لطرم" الملتزمة التي تستعد لاجتياز امتحان البكالوريا (الثانوية) هذه السنة، حيث كانت تضطر إلى إرسال شقيقها الصغير إلى مقهى الإنترنت ليأتي لها ببعض المواد العلمية التي تعينها في دراستها. لكن كما يفيد "لطرم" فإن هذا الشقيق "كان يعود في كل مرة بمواد لا علاقة لها بتلك التي طلبتها شقيقته". ولفت إلى أن "هذا المثال يعد واحدا من أمثلة عديدة تعيشها المتدينات بالجزائر، وغيرهن ممن يرفضن الاختلاط بالرجال". ويبقى الهدف من هذا المشروع- بحسب الشاب الجزائري العائد من الخارج بعد 18 عاما- هو الجانب الدعوي، وليس الربح. ورأى "لطرم" أن "مثل هذه المشاريع من شأنها تثمين الجهود التي يبذلها بعض الدعاة في الميدان لدعوة الناس إلى الدين في صورته الصحيحة"، في إشارة لدور مقهى "الفتح" في منع الاختلاط. مدرسة نسائية ولا يقتصر طموح الشاب الجزائري على مقهى "الفتح"، إذ يعتزم تطوير المشروع في القريب العاجل ب"فتح مدرسة للنساء فقط يتلقين فيها دروسا عن علوم الحاسب الآلي واللغات الأجنبية، حيث إن جل المدارس والمعاهد المتخصصة في تلك المجالات الدراسة فيها تكون مختلطة". ودعا "لطرم" الدعاة والمصلحين من أصحاب رؤوس الأموال إلى "المبادرة بإقامة مثل هذه المشاريع الدعوية التي من شأنها المساهمة في إصلاح المجتمع". ولفت إلى أن "العديد من مقاهي الإنترنت بالجزائر أصبحت عنوانا للانهيار والتفسخ الأخلاقي حيث يقصدها بعض الشبان، وخاصة العاطلين، لتصفح المواقع الإباحية؛ وهو ما جعل الشباب المتدين والمحافظ ينفر من تلك المقاهي". ودفعت مثل تلك السلوكيات بعض أصحاب مقاهي الإنترنت إلى الإعلان صراحة عن رفضهم استقبال مثل هؤلاء الزبائن الذين على الرغم من تواجدهم فإن المجتمع الجزائري يشهد صحوة دينية في قطاعات عدة منذ نهايات القرن الماضي. يذكر أن عدد مقاهي الإنترنت بالجزائر قفز من 100 مقهى في عام 2000 إلى أكثر من خمسة آلاف حاليا، نتيجة اعتماد الحكومة سياسة تخفيض رسوم تقديم الإنترنت وإدخال تقنية شبكات الإنترنت فائقة السرعة "دي إس إل".