طوال الفترة التي سبقت مجيئه إلى القاهرة ضمن وفد برلماني وشعبي تركي لشد أزر الجرحى الفلسطينيين الذين يعالجون في المستشفيات المصرية.. كانت مشاعره مختلفة عن بقية أعضاء الوفد.. حيث سيكون على موعد للالتقاء بعائلة عمه الفلسطيني الذي يعيش في مصر منذ فترة بعيدة والتي لم يرها طيلة حياته. راح يفكر.. كيف شتّت الاحتلال الصهيوني عائلته الفلسطينية.. التي تسمى عائلة (خضر).. فيعيش أحد أعمامه في القاهرة.. واثنان في الأردن.. ورابع هو والده الذي هاجر إلى تركيا.. وخامس انتقل من "يافا" التي هي مدينتهم الأصلية إلي قطاع غزة مع اللاجئين.. وانقطعت أخباره. وصل بالفعل الدكتور محمد نائل خضر النائب في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية (ذي الجذور الإسلامية) إلى القاهرة ضمن الوفد التركي، ووجد في استقباله ابنة عمه الطبيبة التي تُدعى "شادية" في مستشفى القدسبالقاهرة، حيث ظلت صلتهم قائمة على المكالمات التلفونية، فلم يلتقيا مطلقًا رغم أنهما في الخمسينيات من العمر. كان المشهد مؤثرًا، مجسدًا لحد بعيد لأزمة الشتات الفلسطيني، كما يروي ل"إسلام أون لاين.نت" تحسين مصرلي عضو الوفد التركي. ولأن النائب خضر هو أصلاً طبيب (علاج طبيعي) وحضر ضمن الوفد بصفته البرلمانية.. فراح يطمئن علي الجرحى، ويتعرف على حالتهم برفقة الدكتورة شادية ابنة العم التي توقفت فجأة أمام أحد الجرحى عندما طالعت الملف الخاص به، ففاجأها الاسم: شكري ناصر أحمد خضر.. طفل عمره 11 عامًا.. مصاب بشلل نصفي نتيجة إصابته بشظية قذيفة في العمود الفقري.. تذكرت أن لها عمًّا لم يهاجر من فلسطين ويقيم في معسكرات اللاجئين في غزة اسمه أحمد. فسألت والدة الطفل التي ترافقه -بحسب مصرلي- فأكدت لها أن شكري هو حفيد أحمد خضر الذي هو عمها فعلاً. أجهشت في البكاء من هول المفاجأة، وشرحت الموقف للنائب التركي ذي الأصول الفلسطينية باللغة الإنجليزية لضعف لغته العربية، وأكدت له أن هذا الطفل هو حفيد عمهما المقيم في غزة، فلم يصدق ما تراه عيناه.. فأصر على اصطحابه للعلاج في تركيا مع جرحي آخرين يعتزم الوفد علاجهم في المستشفيات التركية؛ لتخفيف العبء عن المستشفيات المصرية، وإظهار تضامن الشعب التركي مع الشعب الفلسطيني. نقل 50 جريحًا لتركيا الوفد التركي الذي زار القاهرة للتضامن مع جرحى غزة تكوّن من 13 فردًا، منهم 3 نواب في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية، و3 أطباء موفدين من هيئة الإغاثة والمساعدات الإنسانية ( İHH) وهي هيئة إغاثية تركية. بالإضافة إلى تحسين مصرلي، رئيس "الجمعية التركية للتضامن مع فلسطين"، ومنير شاهين رئيس "اتحاد المنظمات الأهلية التركية" (يضم 150 منظمة). يؤكد مصرلى أن "إظهار التعاطف والتضامن مع شعب غزة هو الهدف الأساسي من زيارة هذا الوفد للجرحى الفلسطينيين الموجودين في مستشفيات معهد ناصر والسويس، ومستشفى فلسطين". ويتابع بقوله: "وفي هذا الصدد قرر الوفد اصطحاب 50 جريحًا للعلاج في المستشفيات التركية.. للتعبير عن هذا التضامن وتخفيف العبء عن المستشفيات المصرية.. وأنه جارٍ اتخاذ الإجراءات اللازمة لسفرهم بالتنسيق مع السفارة التركية بالقاهرة". وسمحت مصر بدخول جرحى غزة للعلاج في إطار مسئوليتها الإنسانية إزاء ما يواجهه أبناء الشعب الفلسطيني من اعتداءات إثر عملية "الشتاء الساخن" الإسرائيلية التي أودت بحياة أكثر من 130 فلسطينيًّا وإصابة 200 آخرين لا يجدون العلاج بمستشفيات غزة، والذي نفد نتيجة الحصار الغاشم. ويتواجد الجرحى الفلسطينيون في مستشفيات بالعريش والسويسوالقاهرة. ويصل عدد الجرحى الفلسطينيين بمستشفيات: معهد ناصر، مستشفى الهلال، مستشفى الهرم، ومستشفى فلسطينبالقاهرة إلى 115 جريحًا فلسطينيًّا، أما في المستشفيات خارج القاهرة (مستشفى السويس، والإسماعيلية العام، والإسماعيلية الجامعي) فهم 10 جرحى.