غالبيتهم نجحوا بالتزوير فى الإنتخابات البرلمانية ليكونوا ممثلين للشعب ، ومنهم من رشح نفسه مستقلا عن حزب الحكومة ، فانتخبه الناس على هذا الأساس، وبعد نجاحه خان الأمانة وانضم إلى الحزب الحاكم ليستكملوا به وبغيره من المستقلين - اللذين غيروا جلدهم – الأغلبية فى مواجهة الأعضاء المعارضين فى مجلس الشعب ، مقابل الإمتيازات التى لا يحظى بها سوى الأعضاء المنتمين للحزب الحاكم . إنهم مجموعة من نواب الحزب الوطنى الحاكم اللذين طالما خدعوا الناخبين بالوعود البراقة والمواثيق الكاذبة التي تتعالى نبرتها قبل الانتخابات والتي تذوب كالطابوق الطيني ما أن تلمسه مياه الأمطار تجرفه كما تجرف كل أمل لهم في حياة أفضل . قبيل الإنتخابات بأيام قلائل يفاجأ الناس بمعاملة حكومية رومانسية لم يألفوها ، فاذا بها تقوم بتخفيض أسعار بعض السلع أو الغاء بعض الديون القليلة والتى ربما تكون ضمن الديون المعدومة ، وقد تقوم الحكومة بزيادة أسعار بعض المحاصيل الزراعية التى يوردها الفلاحون لها ، أو رفع مرتبات الموظفين الصغار زيادة بسيطة جدا , أو الغاء العديد من الأحكام الجنائية لمخالفات جسيمة انقلبت بين عشية وضحاها الى مخالفات غير مهمة لاتستحق أية عقوبة وهكذا . تتعامل حكومة الحزب الحاكم مع هذا الشعب باستهانة إن لم تكن استحقارا , وكأنها درست نفسيته دراسة متعمقة على أيدى أساتذة متخصصين ، فهى تعرف الوسائل المضمونة لترغيبه فيجتمع معظمه حولها ويقتنع بمعتقدات باطلة لا تحمل أية مبادىء وطنية أو قومية أو دينية ، يغيبونه بمباريات كرة القدم وبالمسلسلات والأفلام المليئة بالمشاهد الجنسية واذا أرادت تلك الحكومة أن تجعل من مواطن محترم يُعتبر رمزا من رموز الوطنية والشرف خائنا أو من جماعة مشهود لها تاريخيا بأنها جماعة إصلاح وتنوير جماعة خارجة عن القانون ومعادية للدستور . هذا الشعب الذى فرضوا عليه ما سُمى بالسلام وما هو الا استسلام ، أوهموه بأن هناك حرية و ديمقراطية وأحزابا وليس هناك الا مجرد أمور شكلية لا تُسمن ولا تغنى من جوع ، بشروه بالرخاء فإذا به يصبح من أفقر الشعوب بعد أن كان من أغناها ، بشروه بالنظام الرأسمالى وبالإقتصاد الحر فاذا بأسعار السلع الأساسية تقفز إلى معدلات خيالية ، وليس حديث حديد عزٍ ببعيد ، فقد قفز فجاة سعر الطن منه فى يوم من الأيام الى تسعة آلاف جنيه ، ومازال كثير من أفراد هذا الشعب أسيرا للجهل والفقر والمرض ، والإحصائيات الرسمية الحكومية لا تنكر ذلك . هذا الشعب تحمل الكثير من العناء وصبر ولم يثر ولم يتضجر ، واذا أراد أن يعبر عن مشاعره حينما يغضب فربما يثور ثورةً عارضة سرعان ما تخفت وتتلاشى ،ولكن هؤلاء النواب اللذين يزعمون أنهم ممثلو الأمة لا يريضهم ذلك , فبرغم ما تعرض له الكثير من المتظاهرين من شباب 6 ابريل للضرب والسحل والإعتقال فى المظاهرات السلمية الأخيرة ، وبالرغم من أن الكثير من منظمات المجتمع المدنى فى الداخل والخارج والبيت الأبيض الأمريكى قد شجبت سلوك الشرطة المصرية تجاه المتظاهرين الا أن هؤلاء النواب ردوا الجميل للشعب المصرى الصابر و اعترضوا وبشدة، اعترضوا على سياسة وزارة الداخلية تجاه هؤلاء المتظاهرين ، لا لهمجية التعرض للمتظاهرين ووحشيته , ولكن لعدم قيام الشرطة باطلاق الرصاص الحى عليهم ليكونوا عبرة لغيرهم من أفراد الشعب ، ووجهوا طلب إحاطة لوزير الداخلية يتهمونه بالتقصير . لن ينسى الشعب المصرى حينما يجتاز هذه المرحلة التى أُصيب فيها بالغشاوة العارضة أو المؤقتة ، لن ينسى الكثير من هؤلاء النواب ، نواب القمار ونواب الراقصات ونواب القروض ونواب الليالى الحمراء ونواب القتل وسفك الدماء وما أكثرهم ، وإن لم يستطع أن يحاسبهم فى الدنيا فإن الله قادر على أن ينتقم منهم فى الدنيا والآخرة .