تونس:توافد الزوار على معرض تونس الدولي للكتاب في يومه الأول، ووصلت بعض الحافلات القادمة من المناطق الداخلية للبلاد منذ الثامنة صباحا وتحلق ركابها أمام أبواب المعرض الموصودة في انتظار الساعة العاشرة صباحا. ومع اقتراب توقيت الدخول كانت الصفوف تتضاعف بين الدقيقة والأخرى.وتعالى ضحك ومزاح وصياح تلاميذ المدارس والاعداديات، الذين رافقهم معلموهم وأساتذتهم في زيارات منظمة، بعضهم جاء للفرجة فقط والبعض الآخر ليحددوا ما يمكن أن يشتريه لهم أولياؤهم عند زيارة المعرض أو للمشاركة في ورشات الترغيب في المطالعة والأنشطة الموجهة للأطفال والتلاميذ وقد بلغت هذه السنة 66 نشاطا بين عروض مسرحية وموسيقية وتنشيطية وسينمائية و ورشات فنية وأدبية وعلمية. كان الدخول منظما رغم كثافة الزوار إذ فتحت كل الأبواب ولم تكن تذاكر الأطفال أو العائلات الوفيرة العدد هاجسا إذ تم التعامل معهم بتسامح كبير ولكن ما ان وطئت الأقدام مدخل المعرض حتى تفرق الكل بين الأجنحة التي توزع فيها 328 عارضا من 24 بلدا، 52 منهم يعرضون في تونس للمرة الأولي من بينهم دولة البينين التي جاء منها وفد متكون من موظفي وزارة الثقافة وبعض مؤسسات النشر والمشتغلين في المهن ذات العلاقة بالكتاب وقد حدثتنا السيدتين «ماري كلار» و «أننا باي بان: « جناح البنين للعرض ويحتوي فقط على كتب باللغة الفرنسية في الفنون والعلوم والاقتصاد وبعض الألعاب التربوية التقليدية مصحوبة بكتاب وقرص مضغوط لتعليم اللعبة. أكدت السيدة ماري كلار على ان زيارتهم هذه تأتي في إطار التقارب بين تونس والبنين وأنهم يرغبون في الاستفادة من التجربة التونسية في ترسيخ عادة المطالعة والمحافظة على مكانة الكتاب بين أفراد العائلة. ومن جناح الصين التي تشارك للمرة الأولى في المعرض بأربع دور نشر وفريق من الإعلاميين المهتمين بشؤون الكتاب وعدد من المثقفين وعلى رأسهم الكاتب الكبير» ليوشينغ لونغ « تحدثنا مع الآنسة «جونغ جونغ» التي ذهلت من الإقبال على جناحهم والسؤال الدائم عن كتب الطبخ الصيني وكثرة الأسئلة التي يلقيها عليهم الزوار والتهليل والترحاب الذي لقيه الوفد في تونس وقد عبرت عن الطريق المترجمة التي تصحبهم طبعا عن أملها في ان تحظى الصين في المعرض القادم بجناح اكبر من حيث المساحة. وسط هذه الأجنحة التي تم توزيعها على 1100ناشرمن بينهم 280 يشاركون لأول مرة في المعرض التقت «الصباح» بالناشر محمد المصمودي وهو يشرف على اللمسات الأخيرة لجناح دار الجنوب للنشر وقد كانت تستعد لحفل يوقع فيه الأديب الحائز هذه السنة على «الكومار الذهبي» للرواية الكاتب نور الدين العلوي روايته «تفاصيل صغيرة «. وقد أشار لنا ان الكتاب التونسي لا يفصل عن الثقافة التونسية ووضعه حاليا كوضعها لان العناية بالثقافة تعود بالضرورة بالنفع على الكتاب وحتى البرامج التلفزية والانترنيت أصبحت اليوم في خدمة الكتاب وتدفع بالضرورة إلى تصفحه لتوسيع المعارف وقد استحضر كلاما لعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه يقول فيه « كل وعاء يضيق بما يوضع فيه إلا وعاء المعرفة فانه يتسع» وقد عبر المصمودي كناشر عن رغبته في ان يصبح معرض الكتاب ملتقى للناشرين يتبادلون فيه المشاريع والرأي ويلتقون فيه مع المؤلفين والرسامين أي ان يصبح من المعارض المهنية وان يتفوق الوجه المهني الاتصالي بين أطراف القطاع على الوجه التجاري البحت. الوجه التجاري أي الصبغة التي تجلب الجمهور العريض والتي جعلت تلاميذ مدرسة طريق بنزرت بولاية أريانة يرافقون معلماتهم في زيارة منظمة بحثا عن هامش من الربح ولو كان صغيرا وهو الفارق الذي سيخصم من ثمن الكتاب إذ انه سيمر من المنتج الى المستهلك مباشرة وقد حدثتنا إحدى المرافقات بأنها تفاجأت بان اغلب تلاميذها يملكون مالا يشترون به الكتب بمبالغ متفاوتة ولكنها موجودة وعلى حساب حبهم» للبيتزا على أي حال « وهذا يثلج الصدر.. ومن بين الوافدين من بعيد على المعرض التقينا الصادق العبدلي أستاذ فلسفة جاء من المظيلة خصيصا وككل سنة ليشتري الكتب بدرجة أولى ثم ليتابع الأمسيات الشعرية والندوات الفكرية وتعنيه والكلام له :» الكتب الأدبية والفلسفية ما يعين الانسان على تدبير وجوده على النحو الأفضل « وأمام جناح إحدى دور النشر اللبنانية وقف المهندس عبد السلام الميساوي أصيل سبيطلة مقيم في العاصمة مطرقا مذهولا بثمن خمس قصص قصيرة للأطفال وصل إلى 35 دينارا وعندما سألناه قال : «جئت من اجل الكتب العلمية وهي متوفرة على ما بدا لي وسأشترى ما يفيدنى في اختصاصي ولكن إذا وجدت الأسعار التي تتفق وميزانيتي التي سيحددها مدا ما سأجده من كتب قيمة من غير المتوفرة في تونس أما ما أوصتني به ابنتي فلا سبيل إليه اليوم. « في ذات المكان التقينا بالسيد ناجي إبراهيمي من قفصة وهو تقني سامي في الهندسة المدنية ومقاول رافق شقيقه في رحلة طويلة وشاقة من اجل البحث عن كتب قانونية وعلمية تفيده في اختصاصه لأنه يعتبر ان الكتاب وسيلة عمل. ولكن وان صرح الكل بأنهم جاؤوا من اجل الكتب العلمية والاختصاصات المختلفة فان نظرة صغيرة على دور النشر التي بدأت بالبيع قبل غيرها تفيد بان البيع والشراء كان مكثفا في الأجنحة التي تعرض الكتب الدينية فمنها تخرج الأكياس البلاستيكية المليئة بالكتب وفيها يمكن صرف أي مبلغ مالي وإرجاع الباقي مهما ارتفعت قيمة الورقة النقدية أي ان حركة البيع والشراء فيها على أشدها. الصباح