تبرأ صحفيون وناشطون حقوقيون عرب من الخطوة التي أقدم عليها اتحاد الصحفيين العرب بمنح الرئيس التونسي زين العابدين بن علي درع الاتحاد، واعتبر بعضهم ذلك إعلانا لوفاة الاتحاد الذي وصفه آخرون بأنه ليس أكثر من ناد لممثلي وزارات الإعلام العربية. وأثارت خطوة الاتحاد استغراب واستهجان الصحفيين الذين يرون أن النظام التونسي واحد من أسوأ الأنظمة العربية في سجل حقوق الإنسان وفي اضطهاد الصحفيين. وقد سلم رئيس الاتحاد إبراهيم نافع الدرع في تونس الاثنين إثر انتهاء اجتماعات الأمانة العامة للاتحاد التي عقدت بتونس تقديرا لما قال الاتحاد إنه دور للرئيس التونسي في الدفاع عن الصحافة في الوطن العربي. ونقلت وكالة الأنباء التونسية عن نافع قوله عقب منحه بن علي درع الاتحاد إنه تحادث مع الرئيس التونسي عن مستقبل الصحافة العربية ودورها بخصوص القضايا الأساسية الراهنة في العالم العربي. ووصف ملحم كرم نائب رئيس الاتحاد بن علي بأنه "صديق الصحفيين العرب وصديق الإعلام في العالم والقائد الذي يشجع ويدعم الكلمة والحرية والديمقراطية ويعرف كيف يدخل القلوب بلفتته النبيلة إلى كل القضايا التي تعني الصحفيين". رشوة وتبريرات وفيما أكدت مصادر صحفية في الاتحاد نفسه للجزيرة نت أن الرئيس التونسي قدم دعما ماليا للاتحاد الذي يعاني من أزمة خانقة، نفى الأمين العام للاتحاد مكرم محمد أحمد أن يكون تقديم درع الاتحاد جاء بعد أن تبرع الرئيس التونسي بمبلغ مالي للاتحاد، وقال إنه "مجرد إجراء بروتوكولي عندما يلتقي الاتحاد أيا من الرؤساء العرب، وهو جزء من تقاليد الزيارة وسبق أن قدم الاتحاد دروعا مماثلة لرؤساء آخرين. ونفي مكرم الذي يشغل أيضا موقع نقيب الصحفيين المصريين أن يكون منح الرئيس التونسي الدرع يحمل دلالة معينة ورأى أن ذلك "لا يمثل شهادة على تأييد أو معارضة لمواقف أي من الرؤساء العرب ولا يلغي أو يصادر موقفنا من حرية الصحافة في تونس". " جمال عيد: اللحظة التي كرم فيها اتحاد الصحفيين العرب الرئيس زين العابدين هي "لحظة إعلان وفاة" هذا الاتحاد " براءة وفي أبرز ردود الفعل على هذه الخطوة، اعتبر رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد اللحظة التي كرم فيها اتحاد الصحفيين العرب الرئيس زين العابدين هي "لحظة إعلان وفاة" هذا الاتحاد. وأكد عيد في تصريح للجزيرة نت أن هذا التكريم "مدفوع الثمن" وأن حريات الصحفيين لا يمكن أن تتساوى مع هذا الثمن البخس الذي باع الاتحاد مواقفه به بتكريم "طاغية مستبد" دائما ما عرف بعدائه للصحفيين. انتقادات وفي الأردن أدان هاني الدحلة رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان-فرع الأردن بشدة "منح الدرع لرئيس دولة معروف بقمعه للصحفيين والحريات في تونس". وأضاف في تصريح للجزيرة نت "لا أعتقد أن بن علي يستحق هذا التقدير من اتحاد الصحفيين العرب، وأرى أن منحه هذا الدرع يشجعه على المضي في انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان ومنها حقوق الصحفيين في تونس". أما أمين سر نقابة الصحفيين الأردنيين ماجد توبة فاستغرب بشدة أي قرار بمنح درع اتحاد الصحفيين العرب لأي حاكم عربي وتحديدا الرئيس التونسي الذي تدل "كل التقارير المحلية والدولية على وجود انتهاكات واسعة للحريات الصحفية في بلاده". ورأى ميسرة ملص الناشط الحقوقي المعروف عضو لجنة الحريات في مجمع النقابات المهنية بالأردن أن "اتحاد الصحفيين العرب ما هو إلا منظمة خشبية مشكلة بغالبها من اتحادات تمثل الحكومات العربية وليس القطاع العريض من الصحفيين العرب المقموعين". " هاني الدحلة: لا أعتقد أن الرئيس زين العابدين بن علي يستحق هذا التقدير من اتحاد الصحفيين العرب " ممثل لوزارات الإعلام ومن السودان، قال فيصل محمد صالح وهو عضو سابق في اللجنة التنفيذية لاتحاد الصحفيين السودانيين للجزيرة نت إن اتحاد الصحفيين العرب ليس مؤسسة صحفية حقيقية، "ولم يضع الحريات الصحفية وحقوق الصحفيين ضمن أولوياته التي يمكن أن يتوقف عندها ويدافع عنها ويتمسك بها". وأضاف أن الاتحاد هو "ناد لممثلي وزارات الإعلام العربية" وأن علاقاته بالحكام العرب أهم لديه من حرية الصحفيين وحقوقهم. من جانبه اعتبر الحقوقي ساطع محمد الحاج أن المؤسسات الموجودة باستثناء اتحاد المحامين العرب لا تمثل إلا وجهات نظر المنظومة الحاكمة "ولا تمثل بالطبع شعوبها أو طموحاتهم". أما الحقوقي معز حضرة فقال إنه لا يوجد من يشعر بالاندهاش لموقف اتحاد الصحفيين العرب، مشيرا إلى ما سماها بالمواقف المعروفة للاتحاد التي تتمثل في نصرة الأنظمة الشمولية ودعم الأنشطة المرفوضة لها. وتساءل الخبير الإعلامي محمد علي سعيد في تعليقه للجزيرة نت عن الجهات التي يسعى قادة اتحاد الصحفيين العرب للسخرية منها بمسلكه الجديد. وأضاف "باختصار هذه مهزلة لا تليق بمجتمع الصحافة والصحفيين". وفي الجزائر اعتبر الأمين العام للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان عبد المؤمن خليل أنه "شيء مخز ومؤسف كثيرا أن يمنح اتحاد الصحفيين العرب مكافأة لمن يضطهد الصحفيين، والمحزن جدا أن تصادف هذه المكافأة يوم خروج الصحفي المناضل توفيق بن بريك بعد ستة أشهر من السجن". المصدر:الجزيرة