منعت السلطات التونسية أمس الأول مظاهرة وسط العاصمة تونس, دعا لتنظيمها مدوِّنون إلكترونيون احتجاجا على ما أسموه بالاستهداف العشوائي من قبل الوكالة التونسية للإنترنت (حكومية) للمواقع والمدونات الإلكترونية التونسية والأجنبية. وكان المدونون ياسين العياري وهو مهندس في تكنولوجيا المعلومات, وسليم عمامو صاحب شركة خاصة لتكنولوجيا المعلومات, ولينا بن مهني أستاذة إنجليزية بالجامعة التونسية دعوا إلى تنظيم «مظاهرة سلمية» السبت الماضي أمام مقر «وزارة تكنولوجيا الاتصالات» التي تشرف على تنظيم قطاع الإنترنت في البلاد للمطالبة ب «الإيقاف الفوري والتام» لحجب مواقع الإنترنت ورفع الحظر عن كل المواقع الإلكترونية المحجوبة. وأعلن هؤلاء في بيان بثته على نطاق واسع مدوّنات ومنتديات إلكترونية تونسية، أنهم وجهوا رسالة عبر البريد إلى وزير الداخلية التونسي رفيق بلحاج قاسم، أبلغوه فيها بمكان وتوقيت المظاهرة والهدف من تنظيمها. وأوضح أصحاب المبادرة أنّ المظاهرة «لا تتبع أي حزب أو جمعية تونسية» ودعوا من يرغب في المشاركة فيها إلى «عدم جلب لافتات أو التغني بشعارات قد تعطي معنى سياسيا أو دينيا للمظاهرة»، مشيرين إلى أنهم حشدوا دعما إلكترونيا دوليا لتحركهم هذا، وأن «المظاهرة ستجري بشكل متزامن» أمام القنصليات العامة لتونس في مدن باريس الفرنسية وبون الألمانية وبروكسل البلجيكية ومونتريال الكندية ونيويورك الأميركية. وذكرت تقارير إخبارية نشرتها مواقع إلكترونية تونسية معارضة، أن «المئات من الشباب التونسي المتضرر من عمليات الحجب» قرروا المشاركة في هذا «التحرك الاحتجاجي» من خلال النزول إلى شارع الحبيب بورقيبة (الشارع الرئيسي بالعاصمة تونس) مرتدين قمصانا بيضاء كتبت عليها شعارات «مناهضة» لحجب مواقع الإنترنت في تونس. وقال مراقبون: إن هذه هي أول مرّة في تاريخ تونس الحديث، يدعو فيها شباب «غير مسيس» أو معارض للسلطات, إلى تنظيم مظاهرة احتجاجية ضد الحكومة، مرجعين ذلك للاستياء الشديد من قبل مستخدمي الإنترنت التونسيين من الرقابة «الزائدة عن الحد» على شبكة الإنترنت بعد أن طال الحجب مواقع لا تعنى بالشأن التونسي وأشهرها مواقع تبادل مقاطع الفيديو «يوتيوب» و «ديلي موشن» و «وات تي في» وأخرى إخبارية مثل موقع «الجزيرة نت». وقال المدوِّن والصحافي سفيان الشورابي: «إن الشرطة التونسية احتجزت منذ منتصف نهار الجمعة وحتى الساعة الواحدة من صباح أمس الأول السبت المدونين ياسين العياري وسليم عمامو لإجهاض تنظيم المظاهرة». وأضاف أن الشرطة «ضغطت» على ياسين العياري و «أجبرته» على كتابة رسالة على صفحته الشخصية في شبكة «فيس بوك», أعلن فيها أن المظاهرة «تم تأجيلها إلى موعد لاحق» ونصح الراغبين في التظاهر ب «عدم الحضور إلى مكان المظاهرة إلى حين تحديد تاريخ آخر». ونشرت وزارة الداخلية التونسية قوات كبيرة من رجال الأمن بالزيين المدني والرسمي في شارع الحبيب بورقيبة, قاموا بإغلاق كل المنافذ المؤدية إلى الشارع. وذكر شهود عيان، أن الشرطة منعت كل من يرتدي قميصا أبيض من دخول هذا الشارع. ويمنع القانون التونسي التظاهر -حتى إن كان سلميا- دون الحصول على ترخيص من وزارة الداخلية التونسية. وأضاف زياد الهاني المعروف بتدويناته شديدة الانتقاد للسلطات التونسية: «رغم المنع فإن ما حصل يعتبر في حدّ ذاته إنجازا كبيرا وشرخا في جدار الخوف داخل تونس». وتواجه تونس انتقادات كبيرة في مجال حرية الصحافة والتعبير، وصنفها تقرير نشرته منظمة «مراسلون بلا حدود» في مارس الماضي من بين 10 دول هي الأكثر رقابة على الإنترنت في العالم. وناشد مدونون الرئيس التونسي زين العابدين بن علي في رسالة وجهوها له في 3 مايو الجاري بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة بالتدخل «لرفع الحجب غير القانوني عن العديد من المواقع» ومطالبة «المسؤولين عن إدارة الإنترنت بالكف عن هذه القرارات (الحجب)» التي تبقى في معظم الأحيان غير مفهومة واعتباطية لدى نسبة كبيرة من التونسيين. كما دعوه إلى «اتخاذ الإجراءات اللازمة بحيث لا يحجب أي موقع بصفة غير قانونية دون استناد إلى قرار قضائي». واتهم المدونون «الجهات المسؤولة» عن تنظيم الإنترنت في تونس باتخاذ «قرارات غير قانونية» لحجب مواقع إلكترونية، وقالوا: «إن ذلك يتعارض مع الفصل الثامن من الدستور التونسي» الذي ينص على أن «حرية الفكر والتعبير والصحافة والنشر والاجتماع وتأسيس الجمعيات مضمونة وتمارس» وفقا لما ينص عليه القانون، ويتعارض أيضا مع الفصل التاسع عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان, محذرين بأن مواصلة الحجب «تشوه صورة تونس في العالم». 2010-05-24