كشف كاتب وأكاديمي قطري النقاب عن مساعي وساطة قطرية بين ليبيا والإمارات العربية المتحدة، لإزالة الخلاف المفاجئ بين البلدين عقب الخطاب الذي ألقاه الزعيم الليبي معمر القذافي في قمة دمشق العربية، والذي أثار حفيظة الجانب الإماراتي، وأعرب عن أمله في نجاح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في إعادة الودّ إلى العلاقات بين دمشق والقاهرة والرياض. وأشار أستاذ العلوم السياسية القطري، الدكتور محمد المسفر، إلى أنّ أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني يقود مساعي وساطة بين ليبيا والإمارات العربية المتحدة، لإزالة سوء الفهم الذي خلّفه خطاب العقيد الليبي في قمة دمشق العربية، وقال "أتمنى لجهود أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني للمصالحة بين ليبيا ودولة الإمارات العربية، أن تنجح في التقليل من رد الفعل الإماراتي لما جاء في خطاب الزعيم الليبي فيما يتعلق بالعلاقات الخليجية الإيرانية، وخصوصاً ما يتعلّق بالجزر العربية المحتلة من قبل إيران الشاه، والتي ما برحت حتى هذه الساعة ولم يبت في أمرها سياسياً". وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد دعا في كلمته أمام القمة العربية إلى رفع النزاع حول الجزر الثلاث إلى محكمة العدل الدولية، واعتبر أنّ القضية عارض سياسي مفتعل لا بد من تجاوزه بسرعة، وأشار إلى أنّ ثمانين في المائة من سكان الإمارات العربية المتحدةإيرانيون، وأنه باستثناء الأسر الحاكمة فإنّ الشعب الإماراتي في معظمه من أصول ايرانية. على صعيد آخر؛ أعرب المسفر عن أمله في أن تكلّل جهود الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة للمصالحة بين سورية ومصر والسعودية بالنجاح، وقال إنّ "جهود الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لا غبار عليها، ومكانة الجزائر كبيرة في مصر وسورية، وأعتقد أنّ القيادة السورية واعية جداً للغياب المصري، ولكن أتمنى أن يكون الرئيس حسني مبارك عند حسن ظنّ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في جهوده نحو تقريب وجهات النظر إذا كانت وجهات نظر استراتيجية، ولكن أعتقد أنها خلافات شخصية، وأتمنى أن تكلل جهود الرئيس الجزائري بالنجاح، ذلك أنّ العالم العربي يرتكز على الرياض والقاهرة ودمشق بعد أن نسينا بغداد المحتلة"، على حد تعبيره. وأشاد المسفر بحضور قادة دول المغرب العربي لقمة دمشق، وقال "ما يجب تسجيله هو حضور الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بعد أن شاعت التوقعات بغيابه، ولكن أعتقد أنّ النضج السياسي عند عرب شمال إفريقيا أكثر منه عند عرب المشرق، واللوم كل اللوم ينصب على غياب الرئيس مبارك، ومهما تكن الظروف فإنّ أمن مصر يمتد إلى جبل قاسيون (بدمشق) وجبل الشيخ (جنوب غربي سورية)، وأنا أتفهم غياب السعوديين عن هذه القمة وهي لأسباب شخصية وسياسية وفنية". وأعرب المسفر عن استغرابه الشديد لغياب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح عن قمة دمشق، ورجّح أن يكون ذلك رضوخاً لضغوط دولية وعربية كبيرة، وقال "لقد كانت المبادرة اليمنية للجمع بين الطرفين الفلسطينيين أمراً جديداً في قمة دمشق العربية، لكن للأسف صاحب المبادرة غاب دون سابق خبر". وتابع الأكاديمي القطري قوله "ليس في اليمن في تقديري ما يجعل فخامة الرئيس علي عبد الله صالح يتغيّب عن مؤتمر القمة وهو صاحب المشروع، ولكنّ الغائب حجته معه، على الرغم من أنّ الزعماء العرب لا حجة لمن يتغيب منهم إلاّ إذا كان طريح فراش المستشفى أو أنه يتصدى لمحاولة انقلابية، وأعتقد أنّ اليمن والحمد لله ليست فيه هذه الحالات، ولكن يبدو أنّ الضغوط جاءته من كل الاتجاهات الجغرافية للحيلولة دون وصول علي عبد الله صالح إلى القمة"، وفق تقديره. ورأى المسفر أنّ القمة العربية التي أنهت أعمالها اليوم الأحد (30/3) في دمشق لم تفرز جديداً سياسياً إلاّ من حيث الشكل، وقال "أعتقد أنّ القمة العربية التي أنهت أشغالها في دمشق نجحت في أمرين: الأول أنها عُقدت في موعدها ومكانها المقرّرين سابقاً، والأمر الثاني أنها كانت تسامحية وتصالحية، وإن شابها خطاب الصراحة المطلقة الذي ألقاه الزعيم الليبي معمر القذافي، وهي نجحت في الفرز بين المهتمين بالشأن العربي الذين حضروا القمة، وأولئك الذين استجابوا للضغوط الخارجية وخصوصاً من أمريكا لعدم المشاركة، أو العمل على عدم انعقادها، وفيما بقي من أعمال القمة فإنها لم تقدم شيئاً على الإطلاق"، وفق ما ذكر. وانتقد المسفر تجديد تمسك العرب بمبادرة السلام العربية على الرغم من أنّ الجانبين الإسرائيلي والأمريكي قد رفضاها تماماً، وقال "لقد ركزت المبادرة العربية على إحلال السلام وقيام دولة فلسطينية والتي هي مرفوضة جملة وتفصيلاً من إسرائيل وأمريكا، وفي يقيني أنّ مؤتمر أنابوليس بقراراته قد ألغى وأنهى هذه المبادرة العربية، وليس ذلك فحسب؛ وإنما جميع قرارات الشرعية الدولية منذ 1948 حتى هذا العام، فإني أتعجّب من عقول الزعماء العرب الذين مازالوا يركضون وراء سراب لا نفع فيه على الإطلاق"، على حد تعبيره.