بعد أقل من أسبوعين من عودة آخر رهينة سويسرية في ليبيا وانطلاق الإجراءات التنفيذية لبنود خطة العمل الموقعة بين طرابلس وبرن، لا زال الجدل مُستعِرا في الساحة السياسية السويسرية، بين مطالِب بإجراء تحقيق برلماني فيما حدث، وداعٍ إلى استقالة وزيرة الخارجية وزميلها في المالية من التشكيلة الحكومية.وبشكل عام، شهِدت برن في الأسابيع الماضية، مناوشات وتسريبات حول قضايا محورية، مثل المشاكل المرتبطة بمصرف يو بي إس في الولاياتالمتحدة والأزمة مع ليبيا. في المقابل، أدلى أوسفالد سيغ، المتحدث الأسبق للحكومة الفدرالية ونائب المستشار الفدرالي بتصريحات كتابية ل swissinfo.ch، قال فيها إنه لا يعتقد بوجود أزمة حكومية (مثلما أشارت إلى ذلك صحف مرموقة)، لكنه يُقر مع ذلك بأن الأمور ليست على أحسن ما يرام. وأضاف سيغ، أنه "بالرغم من أن الطقس ليس مطابِقا تماما للفصل، يُمكننا توقّع صيف ساخن، سياسيا". وعلى مدى الأيام القليلة الماضية، سلّطت عناوين الصحف الأضواء على الضبابية التي تُحيط بخطّة سرية، زُعِم أنها أعِدّت لتنفيذ مهمّة عسكرية لتحرير الرهينتين السويسريتين المحتجزتين في ليبيا. وبعد أن كشفت وسائل إعلامية سويسرية في نهاية الأسبوع الماضي عن وجود الخطة، أكّدت رئيس الكنفدرالية دوريس لويتهارد وجودها يوم الاثنين 21 يونيو، لكن السؤال الذي لم يعثُر أحد بعدُ على إجابة دقيقة عليه، ظل التالي: هل كان هانس رودولف - ميرتس، رئيس الكنفدرالية لعام 2009، على عِلم بوجود الخطّة، عندما تحوّل إلى طرابلس يوم 20 أغسطس 2009 لمحاولة الإفراج عن رجلي الأعمال، رشيد حمداني وماكس غولدي؟ وجاءت هذه التسريبات والتساؤلات، لتؤكّد وجود خلل في التنسيق والإعلام بين أعضاء الحكومة الفدرالية السبعة حول الملف الليبي، على غِرار ما كشف عنه تقرير برلماني وجّه انتقادات شديدة، لكيفية تعاطي الحكومة مع الأزمة المالية ولأسلوب معالجتها لملف مصرف يو بي إس في الولاياتالمتحدة. وفي هذا السياق، قال التقرير إن وزير المالية ميرتس لم يُعلِم زملاءه في الحكومة بجميع التفاصيل. لمعرفة المزيد، طرحت swissinfo.ch عددا من الأسئلة الكتابية على السيد أوسفالد سيغ، المتحدث الأسبق باسم الحكومة الفدرالية حول مسألة الخلافات وغيرها من الإشكاليات القائمة فأجاب عليها في سياق الحديث التالي. هل تواجه سويسرا اليوم أزمة حكومية؟ أوسفالد سيغ: لا. فالخلاف ليس مسألة غير معتادة داخل الحكومة، التي ستعود مجددا للعمل في وضع أفضل. هل هذه هي النهاية لمبدإ العمل بنظام التوافق؟ أوسفالد سيغ: لا. فمن الناحية المبدئية، تستمر الحكومة في أخذ قراراتها بشكل جماعي. هل تحتاج الحكومة السويسرية لعملية إصلاح؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما هي الكيفية؟ أوسفالد سيغ: لا. إنه لا يحتاج لذلك. ففي عام 2011، ستنظَّم انتخابات (برلمانية) عامة، وعندها، سيكون البرلمان مؤهلا لاستبدال جميع أعضاء الحكومة، إذا ما رغب في ذلك. كثيرا ما يعسُر على المراقبين في الخارج استيعاب ما يحدُث في سويسرا، لأن منصِب الرئاسة يتغيّر سنويا. هل هناك حاجة لنظام رئاسي؟ أوسفالد سيغ: ببساطة، ليس حقيقيا أن الناس في الخارج لا يفهمون سويسرا بما فيه الكفاية، بسبب تقلّد الرئيس لمنصبه لعام واحد. فعلى سبيل المثال، تُعرف السيدة لويتهارد جيِّدا من طرف الحكومات الأجنبية، باعتبارها وزيرة الإقتصاد السويسرية لسنوات طويلة. في مسألة المنافسات القائمة بين أعضاء الحكومة واحتياجهم للترويج لأنفسهم. ألا توافقون الرأي القائل بأن هذا ليس بالأمر الجديد، رغم أن الحديث عنه نادِر إلى حد ما؟ أوسفالد سيغ: بالعكس، لقد كان هذا الأمر موجودا على الدوام. في المقابل، فإن مبالغة وسائل الإعلام أحيانا في التركيز على هذه المسائل، عبر عناوين مثيرة ومن خلال تقارير منحازة، ظاهرة جديدة تماما. هل يُمكن القول أن هناك تراجعا في عدد الوزراء الذين يتحركون باعتبارهم لاعبين في فريق ومزيدا من الشخصيات القوية المتضخِّمة ضِمن الحكومة؟ أوسفالد سيغ: قد يكون الأمر كذلك، لكن هذا سيؤدّي فقط إلى إظهار حجم المسؤولية التي يتحمّلها البرلمان كلما تعلّق الأمر به، وهذا مطروح على مستوييْن: (من المفترض) أن لا ينتخِب البرلمان لعضوية الحكومة، إلا مرشّحين بإمكانهم العمل بشكل جيّد مع بعضهم البعض، كما يجب أن لا يتصرّف البرلمان بطريقة توحي وكأنه يريد أن يُظهر للحكومة مَن هو القائد (أو صاحب القرار). في البلدان الأخرى، هناك صراعات ومنافسات وتسريبات في جميع الحكومات تقريبا. ألا يُمكن القول بأن مشاكل سويسرا أقل خطورة – بل مثيرة للضحك - مقارنة بما يحدُث في باقي أنحاء العالم؟ أوسفالد سيغ: بالمقارنة مع العديد من الحكومات الأجنبية، فإن مشاكلنا ليست مثيرة للضحك، بل الأَولى أن يقال أنها ذات طابع محلي (محدود)، ولا يُفترض أن نشتكي من ذلك. أجرى الحوار جون ميشال بيرتو – swissinfo.ch