مسلمو فرنسا لا يفضلون "الخروف المعلب" هادي يحمد الأضاحي الجاهزة انتشرت في متاجر فرنسا باريس– لا زال انخراط المجمعات التجارية الضخمة في بيع خروف العيد مذبوحا ومسلوخا، أي ما يمكن تسميته ب"الخروف المعلب"، يثير حفيظة العديد من مسئولي مسلمي فرنسا، خاصة أنه في هذا العيد حذت العديد من المجمعات التجارية حذو متجر "كارفور" في بيع الأضاحي الجاهزة. وانضم هذا العام إلى مجمع "كارفور" الذي بدأ في عيد الأضحى الماضي في بيع الخرفان الجاهزة مذبوحة ومسلوخة، كلا من مجمع "كازينو" التجاري جنوبي فرنسا ببيع 300 أضحية جاهزة في مرحلة تجريبية، ومجمع "شامبيون"، في ما اعتبر تنافسا بين المجمعات التجارية الكبرى على أموال اللحم الحلال. فعلى موقعها على الإنترنت، تقول شركة "شامبيون" إنها توفر ب205 يورو فقط خروفًا مذبوحًا ومسلوخًا وزنه 20 كجم ومطبوعًا بطابع مؤسسة "ا ف س" المختصة بمراقبة اللحم الحلال بفرنسا. طالع: * مع "تكية أم علي".. أضاحي الأردن طوال العام وفي تصريحات خاصة ل"إسلام أون لاين.نت"، قال عمر الطايف المختص في اللحم الحلال، وعضو المكتب التنفيذي للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: "لدي تحفظات على طريقة بيع الأضاحي الجاهزة في المجمعات التجارية الكبرى لأنها ستؤدي على مدى جيل أو جيلين إلى اندثار المظاهر الاحتفالية للعيد، وخاصة الالتقاء العائلي والفرحة بذبح الأضحية في أجواء روحية خاصة". ويضيف الطايف: "نحن نرقب تجربة بيع الأضاحي الجاهزة وما ستؤدي إليه، كما نتقصى من سيقبل عليه، هل هم جيل المهاجرين الأوائل من الآباء الأكثر تمسكا بتقاليد العيد أم الأجيال الجديدة التي لا تخفي أيضا تمسكها بعادات الآباء". ويقول الطايف: "من الملاحظ أن الإدارة الرسمية هذه السنة تشجع على انخراط المجمعات التجارية الكبرى في عملية توفير الأضاحي الجاهزة لمحاصرة الذبح العشوائي، بجانب حرصها على توفير المسالخ العمومية التي تشهد اكتظاظا كبيرا في أيام العيد". تدخل الإدارة الفرنسية في تشجيع المسلمين على الاعتماد على المجمعات الكبرى في شراء الأضاحي، جعلها تربط بين هده المجمعات وبين المؤسسات المسلمة الكبرى. فقد قامت هذا العام بربط مجمع كارفور بمسجد باريس المركزي في عمليات بيع الأضاحي الجاهزة، مع أن مبادرة بيع الأضاحي الجاهزة كانت حتى السنة الماضية بمبادرة من جمعية محلية مسلمة بشمال غربي فرنسا، وهو ما اعتبره الناشط المسلم عيسى نهاري "بمثابة عملية سطو خلفياتها مشبوهة". المسالخ.. مشكلة أخرى وتشهد فرنسا منذ عدة سنوات مشكلة توفير "مسالخ عمومية" من أجل أضاحي العيد التي تشهد ارتفاعا مستمرا في أعدادها، حيث وصلت هذه السنة إلى 200 ألف أضحية عيد من مسلمي فرنسا الدين تتراوح أعدادهم بين 5 و 6 ملايين. وبجانب افتقاد الأجواء الاحتفالية والروحية في "الأضاحي الجاهزة"، يقول الشيخ ضو مسكين "الأمين العام للمجلس الفرنسي للأئمة، الذي يجمع حوالي 400 إمام": "عملية الذبح في المسالخ في بعض الأحيان تثير مشكلة فقهية وتعتبر باطلة بالنظر إلى أن العديد من هذه الأضاحي تذبح قبل صلاة العيد؛ وبالتالي فهي باطلة". ويضيف مسكين ل"إسلام أون لاين.نت": "وبالتالي فإن الرؤية الشرعية تقتضي حضور لجنة مراقبة مكونة من مسلمين في عملية الذبح والتثبت من توقيت ذبحها". غير أن خيار الذبح في المسالخ العمومية الذي يعتمده العديد من مسلمي فرنسا يبقى خيارا مكلفا لأن المسالخ غير متوفرة بالشكل الكافي في كامل المناطق ذات الكثافة المسلمة، وهو ما يدفع العديد من المسلمين إلى اعتماد طريقة الذبح السري لأضاحيهم في منازلهم أو في حدائق منازلهم، حيث يحظر القانون الفرنسي عمليات الذبح خارج المسالخ العمومية. ويشار إلى أن وزارة الزراعة الفرنسية اعتمدت مسألة ذبح أضاحي العيد في المسالخ العمومية في كل مقاطعة فرنسية كإجراء إجباري يوم العيد يخضع لترتيبات قانون أول أكتوبر 1980 الذي يمنع ذبح أي حيوان أو بيعه أو شراءه خارج هذه المسالخ. ذبح الأضاحي بطريقة سرية دفع العديد من السياسيين الفرنسيين إلى استغلال مثل هذه الممارسات للقول إن المسلمين لا يحترمون القوانين الفرنسية. وسبق أن تطرق إلى هذه النقطة الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي في أحد البرامج التلفزيونية إبان حملة الانتخابات الرئاسية في الربيع الماضي، حيث تحدث يومها ساخرا عن "ذبح الخرفان في الحمام" من جانب المسلمين. وهو ما دفع الوزير السابق من أصول جزائرية، عزوز بقاق، في حكومة دومينيك دوفيلبان، إلى الرد عليه بكتاب عنونه "الخرفان في الحمام"، مدافعا عن مسلمي فرنسا ضد الصورة الكاريكاتورية الساخرة التي يصورون بها أحيانا عند ذبح أضاحيهم.