فجعت بعد ما طالعت بيان جبهة علماء الأزهر – نشرته في منتصف الشهر الحالي - التى اتهمت فقراته علناً الكاتب مجدي الدقاق رئيس تحرير مجلة أكتوبر " بالردة "، مرتكزة فقط علي إتهام عدد من العاملين معه بالعيب في الذات الإلهية والتطاول علي الرسول صلي الله عليه وسلم.. اتهام يعتبره الفقهاء " عاريا من الأدلة " طالما لم: - يدلي الطرف المشكو في حقه بأقواله - لم تقع مواجهة بين الطرفين المتخاصمين - لم يقدم كل منهما شهوده - لم يتم ذلك دون نقصان أمام قضاة لهم اعتبارهم لست في مجال الدفاع عن الكاتب فلست محاميا، بالإضافة إلي أنني لا أعرفه بصفة شخصية رغم أنني اقرأ له منذ عدة سنوات وبالرغم من أنني اتفق واختلف معه حول بعض القضايا الفكرية.. كما أني لست في موضع التقصي لمعرفة خلفيات البلاغ الذي قال بيان الجبهة ان إحدي عشر من العاملين في دار اكتوبر تقدموا به للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود لأني لا أملك ادواتها، ولكني أود ان أتساءل.. هل من المعقول والمقبول أن تصدر جبهة علماء الأزهر مثل هذا البيان لمجرد أنها صدقت ما أدلي به طرف واحد؟؟ وهل من حقها شرعا ان تنشر علي الملأ ما جاء في بيانها من إتهامات ثم من أحكام بالموت دون انتظار لحكم الجهات المختصة في الدولة؟ اللافت للنظر في البيان أنه وصف الرد الذي نشره الكاتب نافياً عن نفسه كل ما جري علي لسان زملائه من اتهامات، بأنه تراجع مما يوحي أن الجبهة قد ثبت لديها صحة مجموعة الاتهامات التى الصقت به وانها رأت في إنكاره تراجعا!! وياليتها وقفت عند هذا الحد – التراجع – بل سمحت لنفسها ان تقول " تراجع الدقاق عن اقواله يمنع عنه فقط حد القتل ويبقي ادانته بالاحكام الأخري ".. المفجع الذي يذكرنا بتلفيقات مماثلة صدرت من قبل ضد بعض الكتاب والمثقفين في مصر مثل الروائي نجيب محفوظ والكاتبين فرج فودة وحامد أبو زيد، أن جبهة العلماء التي لم تتأكد من صحة الإدعاءات ولا أطلعت علي افكار الرجل المطروحة من سنوات طويلة وناقشته فيها " بالحكمة والموعظة الحسنة " تبنت كل ما عرضه زملاؤه دون تريث وسارعت إلي تشكيل اركان قضية يتراكم بناؤها متصاعداً حتى عنان السماء، فهو إلي جانب اتهامه بالعيب علناً في الذات الإلهية.. - يتطاول علي رسول الله صلي الله عليه وسلم - يسخر من فريضة الحج - يستخف بفريضة الصيام - ينكر واقعة الإسراء والمعراج - يشجع أحد مساعديه وهو مسيحي علي عرض أفلام إباحية علي شاشة الكومبيوتر داخل مبني المجلة كل واحدة من هذه التهم تكفي لإثارة الضغينة والشعناء ضد الكاتب كل واحدة منها تكفي لأن يزدري المجتمع الكاتب كل واحدة منها تكفي لأن يكرهه الناس ويلعنونه وربما توفر عند البعض أرضية للعمل علي الخلاص منه .. وذلك دون تفكير أو روية أو تمحيص أو حتى مراجعة، ويكفي عند كل من تولدت لديه الضغينة والازدراء أن يبرر لنفسه أن جبهة علماء الأزهر قالوا ما قالوا في بيان منشور لهم، دون ان يفكر للحظة.. هل هذا من حقهم؟؟ أو يستفهم عن أدلتهم؟؟ ناهيك عن أن يناقشها أو يستدلل عليها.. أسأل هل هذا السلوك من الإسلام في شئ؟؟ هل يسمح الفقه لكائناً من كان أن يلقي تهم التكفير هكذا جزافاً أو أن يتبني ما جاء في بلاغ مقدم للنائب العام، دون أن ينتظر كلمة الفصل التى تقال في حق من قُدم البلاغ ضده؟؟.. الجدير بالملاحظة ان البيان لم يكتف بمسلسل التهم الذي أشرنا إليه، بل رأي في البلاغ الذي لم يطلع علي اصله المقدم للنائب العام وعلي ما سمعه من خصوم الكاتب " وثيقة صدق " ينقصها عاملين من عوامل الإثارة التى يمكن أن تزيد الأمر إشتعالاً.. الأول.. التلميح أن الكاتب عضو في لجنة سياسات الحزب الوطني الثاني.. انه قال لمن هاجم آراؤه انه ينفذ تعليمات الدولة مرة أخري كيف تسمح جبهة تسمي نفسها " جبهة علماء الازهر " بمثل هذه الإتهامات الجزافية التى ترسلها بلا روية وبلا تمحيص.. إتهمات قد يكون ورائها ما ورائها من أسباب شخصية أو خلافات سياسية.. أسباب قد يكون منها ما هو مهني أو خلقي.. أسباب تتمحور حول إدعاءات لا أساس لها من الصحة.. مما يجعل من المستحيل علي الجبهة أن تتأكد من واقعية اي منها او تملك وسيلة التأكد من مصداقيتة وشفافيتة ما أدلي به طرف واحد.. كان الأولي بالجبهة أن تبعد عن تبني مثل هذه الأقاويل وعن تصديقها والعمل علي ترويجها بلا سند ولا دليل، وإن كان لها أن تدلي برأيها في حالة طلبه منها فليكن بعد قيام جهات التحقيق بعملها الذي أنيطت به من قبل المسئولين والمجتمع.. ولعلنا نذكر أعضاؤها الأجلاء بقضية تعرضت لها جبهتهم منذ سنوات، ولما تناول بعض الكتاب اطرافها بالنقد إستمطرت لعنات السماء عليهم رافعة شعار " احترام القانون " لأنه لا يحق لأي فرد ان يتناول القضايا التى ينظرها القضاء قبل ان تقول الهيئة القضائية حكمها النهائي.. ونسأل لماذا لم تطبق نفس المبدأ علي البلاغ الذي قُدم في حق الكاتب مجدي الدقاق؟؟ أليس من الجائز أن يكون البلاغ كيدي؟؟ أليس من الجائز أن يدان مقدموه لأسباب لا يملك الكشف عنها إلا اجهزة التحقيق والقضاء؟؟.. وماذا لو انتهي الأمر بأخذ تعهد علي مقدمي البلاغ بعدم التعرض لرئيس تحرير مجلة أكتوبر، وطلب هو حمايته منهم؟؟ ماذا سيكون موقف جبهة علماء الأزهر؟؟ هل ستعتذر للكتاب؟؟.. اشك في مثل هذه الخطوة، وأري أنها من المستحيلات !! الأرجح عندي أن يصدر عنها بيان تتهم فيه النيابة والقضاء بالتدليس والعمل علي اخفاء الحقيقة والمشاركة في توسيع دوائر الكفر واإلحاد في مصر.. • استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا إيلاف الإثنين 19 يوليو2010