تبدأ الحكومة البريطانية ابتداء من اليوم الأحد فرض ضرائب على الأجانب الذين يعيشون في بريطانيا لأكثر من سبع سنوات ويتمتعون بوضعية «غير مقيم» لأسباب ضريبية، ومطالبتهم بالإعلان عن دخولهم على المستوى العالمي ودفع ضرائب عليها. ولتفادي ذلك الامر سيتعين عليهم دفع 30 الف جنيه (60 الف دولار) كرسم سنوي ثابت. ومصطلح «غير مقيم» (non-domicile) مصطلح يُستخدم لأغراض الضريبة فقط، وليست له علاقة بالوضعية القانونية للإقامة في بريطانيا، أي أن الاشخاص المعنيين قد يحملون اقامة او جنسية بريطانية. وقبل تطبيق القانون الجديد، فإن الأموال التي يكسبونها في الخارج ولا تدخل الى بريطانيا لا يدفعون عليها ضرائب للسلطات البريطانية. كما أنهم قد يعيشون في بريطانيا أو خارجها، ولكنهم يظهرون للسلطات الضريبية في بريطانيا انهم ولدوا في الخارج او أن أحد الوالدين مولود ويعمل في الخارج، فضلاً عن أن ارتباطهم بالبلد الأم (أو بلد آخر) متواصل ولديهم الرغبة في العودة في مرحلة ما الى وطنهم الاصلي او محل اقامتهم الدائم. ومن يصطلح على تسميتهم «غير المقيمين»، الذين لا يدفعون الرسم سيخضعون لنفس الضرائب على الدخل، التي تفرض على البريطانيين في الخارج. وهنا تتوقع وزارة الخزانة البريطانية أنهم سيضيفون نحو 700 مليون جنيه إسترليني (1.4 مليار دولار) خلال السنة المالية 2010. وطبقا لوزارة الخزانة البريطانية فان «غير المقيمين» يساهمون بنحو 2.7 في المائة من اجمالي الضرائب العامة، أو نحو 4 مليارات جنيه (حوالي 8 مليارات دولار). وتقدر البيانات الرسمية البريطانية أن عدد الذين يتمتعون بصفة وضعية «غير مقيم» وصل الى 115 الف شخص في السنة المالية 2005 2006، في حين ان العدد الحالي ربما يصل الى نحو 165 الف شخص، في حين ان تقديرات وزير الخزانة البريطاني اليستر دارلينغ تشير الى ان 4 الاف فقط من هؤلاء سيكونون قادرين على دفع مبلغ 30 الف جنيه استرليني سنويا. وينقسم مصطلح «غير مقيم» الى 3 فئات، الأولى تضم المليارديرات وأصحاب الملايين، الذين تشملهم قائمة ال«صنداي تايمز» لأغنى ألف شخص في بريطانيا. اما الفئة الثانية، فتضم المستثمرين الذين يعملون في الغالب في حي المال بلندن. والفئة الأخيرة تشمل اصحاب المهن العالية مثل المستشارين والأطباء والمحامين والمهندسين. ووفقا لإحصاءات وزارة الخزانة البريطانية، فإن نحو 65 الفاً من هؤلاء يحصلون على دخل سنوي يبلغ متوسطه 140 الف جنيه إسترليني (حوالي 280 الف دولار). كما أن ثلثي الذين تنطبق عليهم صفة «غير مقيم» يعملون في القطاع المالي وخدمات الاعمال؛ واغلبهم من جنسيات آسيوية وغربية ونسبة قليلة جداً من العرب، ويعيشون في بريطانيا منذ 3 سنوات او اقل، وحوالي 10 آلاف منهم يعيشون في بريطانيا منذ 10 سنوات او اكثر. وهنا قال ديفيد تريتيل، مدير شركة المحاسبة « يو اس تاكس اند فايننشال»، التي تتخذ من لندن مقرا لها، ان الارتباك الذي سببه القانون ساهم في الحد من جاذبية لندن مكانا للاقامة او القيام باعمال تجارية. هذا الامر معقد ومتشابك وسيؤثر على الكثير من المهن، رغم ان السياسيين البريطانيين يعتقدون ان الامر لن يؤثر سوى على الاشخاص الاثرياء». ونتيجة تلك الانتقادات اضطر رئيس الوزراء البريطاني الى تخفيف بعض جوانب الاقتراح الاصلي. ومن أهم التنازلات المحدودة التي قدمها: اعفاء ممتلكات الأطفال في الخارج من الضريبة الجديدة، وإعفاء من كان دخلهم الخارجي أقل من 4 آلاف دولار سنوياً، وأيضاً خفض الضريبة للأميركيين وبقية الدول التي تفرض ضريبة على ممتلكات مواطنيها في الخارج، بحيث يكون هذا الخفض بنفس قدر الضريبة التي يدفعونها لدولهم. وتتوقع بعض المصادر خروج اكثر من 3 آلاف مستثمر أجنبي خلال عام 2008، وهو الرقم الذي لم تنفه الخزانة البريطانية، بينما طالب المستثمرون بضرورة العمل على ايجاد حلول اخرى بدلا من ازدواجية الضرائب التي اصبحت تعوق رجال الاعمال من القدوم الى السوق البريطانية. وكانت مؤسسات كبرى بالفعل قد نقلت نشاطها من بريطانيا الى دول مجاورة خصوصا جمهورية ايرلندا لعدم قدرتها على استيعاب الغلاء المتواصل والضرائب المتعددة، ومن ابرزها سلسلة متاجر «سي آند ايه» وياهو وديل. وهنا يشير الكثير من المحللين الى ان ايرلندا التي يوجد بها 7 آلاف شخص يحملون « صفة غير مقيم»، ربما تكون أكبر المستفيدين نتيجة لانها تمنح نفس الامتيازات التي منحتها بريطانيا سابقا للاجانب وربما أكثر.