الجزائر -علجية عيش - الفجرنيوز:"ما يزال ملف تسوية وضعية المجندين في الخدمة الوطنية متواصلا لإعتماد صيغة جديدة يتم من خلالها تقليص فترة الخدمة الوطنية من 24 شهرا إلى 18 شهرا إلى غاية تقليصها إلى سنة، مع مراعاة إعادة إدماجهم إلى مناصب شغلهم بالنسبة للمجندين الموظفين في مختلف المؤسسات قبل تأديتهم الواجب الوطني، كما سهرت الجهة الوصية على السير ابعد من ذلك و ذلك بتسوية وضعيتهم إزاء إحالتهم على التقاعد حيث وضعت الجهة الوصية ملفا كاملا في إطار قانون الوةظيف العمومي لإدماج المدة الزمنية التي قضاها المجندون في الخدمة الوطنية في ملف التقاعد و هو مشروع ما يزال قيد الدراسة على طاولة المجلس الشعبي الوطني من أجل المصادقة عليه.."
انطلقت صبيحة أمس السبت الأيام المفتوحة على الخدمة الوطنية بمركز الإعلام الإقليمي بولاية قسنطينة تحت إشراف الجنرال درغام محمد نائب قائد الناحية العسكرية الخامسة لولاية قسنطينة و قائد مركز الخدمة الوطنية ، تأتي هذه الأيام الإعلامية حول الخدمة الوطنية في إطار الإحتفال بذكراها الأربعون و هي لتحسيس الشباب الجزائري بأهمية التجنيد من أجل بناء الوطن و الدفاع عن قيمه و مبادئه، و حسب مصدر مقرب بلغ عدد المجندين للخدمة الوطنية دفعة 2008 بولاية قسنطينة حوالي 54 ألف شاب مجند من مواليد 1989 ، تنطلق الدفعة في شهر أوت من نفس السنة، كما انطلقت عملية إحصاء المجندين لدفعة 2012 و الخاصة بمواليد 1990 على مستوى المجلس الشعبي البلدي لولاية قسنطينة..
بين ضريبة الدم و ضريبة العرق
تعتبر الخدمة الوطنية امتداد لحركة الشبيبة الجزائرية و استمرارا للتقاليد النضالية على جميع الجبهات لجيش التحرير الوطني الشعبي، ومن خلال العرض التي قدمته الناحية العسكرية الخامسة يعود تأسيس الخدمة الوطنية إلى جانفي 1968 إثر اجتماع اللجنة الوطنية بإطارات الدولة الجزائرية من أجل تجنيد الطاقات البشرية و تعبئتها تحت إشراف الرئيس الراحل هواري بومدين، الذي ألقى خطابا آنذاك يؤكد فيه أنه في غطار هذه التعبئة ىتنبعث فكرة الخدمة الوطنية بمفهومها الواسع و التي ستعجل في تنمية البلاد و تمت المصادقة على مشروع الخدمنة الوطنية في 13 أوت 1968 و دخل حيز التنفيذ في 15 أفريل من نفس السنة الهدف منه خلق جيلا قويا متفتحا..، ويعود فضل تأسيس الخدمة الوطنية إلى الرئيس الراحل هواري بومدين عندما خاطب الأمة الجزائرية في 23 ديسمبر 1968 قائلا: " إذا كان هناك جزائريون قد دفعوا ضريبة الدم لتحرير الوطن و السماح لنا بالعيش في بلد مستقل، فعلى جزائري ما بعد الإستقلال القَبُول بدفع ضريبة العرق بغرض تشييد البلاد..
الخدمة الوطنية كانت مدرسة للرجال
ومنذ تأسيسه ساهم شباب الخدة الوطنية في إنجاز الكثير من مشاريع البناء و التشييد مثل الطرقات و السكك الحديدية و إنشاء القرى الفلاحية و التدخل في الكوارث الطبيعية، و يكفي ان نذكر مشروع طريق الوحدة الإفريقية الذي انطلق في 1971 بالإعتماد على شباب الخدمة الوطنية و الذي اندفع روحا و جسما من أجل تعزيز التعاون و التضامن الإفريقي ، وقد وجد الشباب الجزائري في الخدمة الوطنية ( مدرسة الرجال) الإطار المثل لتقديم مساهماتهم الفعالة في تشييد الوطن و القضاء على ظاهرة التخلف و الأضرار المترتبة على الحرب التحريرية، علما أن المجندون الجزائريين الأوائل التحقوا بركب الخدمة الوطنية منذ 1969 و جمعت في صفوفها جميع الشرائح.. و تم بفضلهم ربط الطريق الصحراوي بالطرق التونسية و ذلك بمنطقة ( توزر الواد)، كذلك بناء ألف قرية اششتراكية كانت في هذا المظمار قرية (زكار مدوكال)أول قرية تم تأسيسها بولاية باتنة و هي اول ثمرة عمل يقدمها شباب الخدمة الوطنية للفلاحين في مجال البناء، كما ساهم شباب الخدمة الوطنية في إنجاز السد الأخضر الذي أنجز في أفريل 1973 انطلاقا من (تدمايت) ولاية الجلفة مع تشجير أكثر من 03 آلاف هكتار من الأراضي القاحلة قام بها شباب الخدمة الوطنية و هذا بمواجهة زحف الرمال و الحد من خطورة الإنجراف و التعرية التي تركت آثارها السيئة على الإنسان، و استرجاع 12 مليون هكتار من الأراضي القابلة للزراعة منذ أن استعادت الجزائر استقلالها.. و كانت للشباب الجزائري المجند في الخدمة الوطنية مساهمات عديدة في التصدي للكوارث الطبيعية ، و يكفي العودة إلى الوراء قليلا لتذكر " فيضانات السبت الأسود" و هي الكارثة التي ألمت بها الجزائر في 10 نوفمبر 2001 كانت حصيلتها تفوق ال 700 قتيلا و مئات الجرحى، تحول فيها شارع (تربولي) إلى مشهد درامي كئيب و مقبرة ضمت العديد من الجثث، المشهد الدرامي كان قد وقف عليه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وزير داخليته نور الدين يزيد زرهوني و رئيس حكومته علي بن فليس بتدخل رجال الجيش الوطني الشعبي و شباب الخدمة الوطنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، كذلك زلزال 21 ماي 2003 الذي اسفر عنه أكثر من 2266 قتيلا و ما يفوق عن 10 آلاف جريحا..
الخدمة الوطنية بين الأمس و اليوم
وفي خلال الأحداث التي عرفتها الجزائر في العشرية السوداء التي أتت على الأخضر و اليابس أصبح الكثير من الشباب الجزائري يعرض عن التجنيد و الذهاب لأداء الخدمة الوطنية و المغامرة بحياته، لاسيما و قد كان جزء كبير من المجندين فريسة سهلة للضغوط المتطرفة التي كانت تهدد افرادها بعدم الالتحاق بمدارس الدولة و مؤسساتها ، إضافة إلى الإجراءات التي انتهجتها الجهة الوصية في التعامل مع الشباب الجزائري ، حيث أنه يمنح شهادات الإعفاء للشباب الذي تم طرده من مقاعد الدراسة في الأطوار المتقدمة، ويلزم الشباب خريجي الجامعات بآداء واجب الخدمة الوطنية رغم الضرر الذي يسببه لهم هذا الإجراء التعسفي، حيث يضطر الشباب إلى الإنتظار إلى حين تأدية هذه الخدمة حتى يسمح لهم بالترشح لمسابقات التشغيل والحصول على مناصب شغل مما أدى إلى تراكم البطالة بالنسبة للشباب و تأنيث اليد العاملة الجزائرية على آعتبار أن الجنس اللطيف غير ملزم بآداء الخدمة الوطنية...
من أجل مواكبة العصر؟
ويسير قطاع الجيش الشعبي الوطني الجزائري حسب ما اشار إليه الجنرال درغام محمد نائب قائد الناحية العسكرية الخامسة لولاية قسنطينة نحو الإحترافية في العمل و مواكبة العصر، لاسيما في تكوين و تدريب الشباب الجزائري عن طريق "الخدمة الوطنية"، و أمام التطلعات و التحديات الكبيرة تسعى القيادة العسكرية في الظروف الراهنة إلى تطوير مهامها بالتدخل في الكوارث الطبيعية على المستوى الجهوي و المركزي و الدفاع عن أمن البلاد في مختلف ظواهره .. و قد عملت الجهة الوصية على الإهتمام بالمجندين باعتماد صيغة جديدة يتم من خلالها تقليص فترة الخدمة الوطنية من 24 شهرا إلى 18 شهرا إلى غاية تقليصها إلى سنة، مع مراعاة إعادة إدماجهم إلى مناصب شغلهم بالنسبة للمجندين الموظفين في مختلف المؤسسات قبل تأديتهم الواجب الوطني،كما سهرت الجهة الوصية على السير ابعد من ذلك و ذلك بتسوية وضعيتهم إزاء إحالتهم على التقاعد حيث وضعت الجهة الوصية ملفا كاملا في إطار قانون الوةظيف العمومي لإدماج المدة الزمنية التي قضاها المجندون في الخدمة الوطنية في ملف التقاعد و هو مشروع ما يزال قيد الدراسة على طاولة المجلس الشعبي الوطني من أجل المصادقة عليه..