تتواتر على مدى أسبوع بإسبانيا أنباء قوية عن وجود السجين الهارب، بارون المخدرات محمد الطيب الوزاني، المعروف باسم "النيني"، في شبه الجزيرة الإيبيرية، وأنه يتنقل بين عدة مناطق إسبانية، ويمارس حياته بصفة اعتيادية، بل ذهبت مصادر إسبانية إلى أنه حصل على سجل عدلي نظيف، مما مكنه، وهو الحامل أيضا للجنسية الإسبانية، من تجديد بطاقته الوطنية لدى السلطات المختصة بمدينة مالقة.
وقالت اليومية الإلكترونية "20 مينوتوس" (20 دقيقة)، التي كتبت مقالا بعنوان "كيف خرج أكبر مرويجي المخدرات من المغرب؟"، إن مصادرها أكدت لها أن "النيني" كان يتمتع داخل السجن بكل شروط حياة الرفاهية، كما أنه كان يدبر أعماله وأمواله من داخل السجن، حيث توفرت له كل الشروط الضرورية. كما أبرزت أن هناك إشاعات تصف زنزانته ب"الجناح الملكي" لفندق من خمسة نجوم، إذ أنها كانت تتوفر على حمام خاص، ودرج يوصلها إلى السطح، وتجهيزات إلكترونية، من تلفاز بشاشة مسطحة (بلازما) من الحجم الكبير، وهوائي، وثلاث ثلاجات كبيرة، وحاسوب موصول بشبكة الإنترنيت، وجهاز "دي.في.دي". وطرحت اليومية الإسبانية الكثير من الأسئلة حول هروب "النيني" من السجن، الذي قالت إن ثروته تقدر بأكثر من 30 مليون أورو، من قبيل "هل كان فرارا؟ هل اشترى حريته بالمال؟ كيف تمكن من الإفلات من مراقبة الحراس؟". وأفادت أن "النيني" دخل "إمبراطورية الجريمة في أحياء سبتةالمحتلة منذ سن المراهقة، إذ تعرض لملاحقة الحرس المدني باستعمال المروحيات فوق مياه المضيق، بعد فرار سابق من السجن ولم يتجاوز عمره آنذاك 20 سنة. كما أنه عرف بتسلطه ومشاداته العنيفة مع قوات الأمن في إسبانيا والمغرب. وذكر المصدر أن فرار "النيني" من السجن كشف عن الوضعية المتميزة، التي كان يحظى بها، مشيرا إلى أنه كان يقدم الهدايا الثمينة، التي تشمل سيارات ودراجات نارية، لكل من يسهل عليه عملية تدبير شؤونه والتصرف بكل حرية داخل السجن، بل هناك حديث عن خروجه من حين لآخر لحضور حفلات ليلية خاصة بالرباط والدارالبيضاء والمحمدية. ولم تستبعد اليومية أن تكون جهات مغربية وإسبانية نسقت جهودها لتدبير عملية فرار "النيني"، وتمكينه من التسلل خارج المغرب، ودخول إسبانيا، حيث تمكن من الحصول على سجل عدلي نظيف وخال من أي سوابق إجرامية، ما سهل عليه تجديد بطاقته الوطنية لدى السلطات المختصة بمالقة. وأضافت أن المغرب طالب إسبانيا بتضييق الخناق ضد مروجي المخدرات، خاصة في منطقة "لاكوستا ديل صول"، التي تتواتر أنباء قوية تفيد أن "النيني" استقر بها، بعد فراره من سجن القنيطرة، وأنه يلقى فيها كل أنواع الدعم، فيما تتحدث أنباء أخرى عن وجوده في ماربيا، بمنطقة طاراكونا، التي يمتلك فيها عدة عقارات، من محلات تجارية وشقق وفيلات. وذكرت اليومية، نقلا عن ريكاردو ألفاريث أوسوريو، محامي "النيني"، أن هذا الأخير جرت تبرئته من 15 تهمة، وبالتالي له كامل الحرية في الاستقرار حيث يشاء، وأنه ليس من حق المغرب ولا إسبانيا متابعته، أو المطالبة بإخضاعه لأي نوع من المحاكمة. ونفت مصادر أمنية مغربية ما روجت له وسائل إعلام إسبانية، من كون النيني تمتع بسراح بشرط أن لا تطأ قدماه التراب المغربي طيلة عشر سنوات، فيما ذكرت مصادر أخرى أن الإدارة العامة للأمن الوطني المغربي، علمت بفراره عبر مكالمة من مجهول، مفادها أنه خرج من السجن قبل عشرة أيام على الحادث، ما استدعى هذه الإدارة إلى تكليف وفد رسمي، برئاسة المفتش العام للأمن، للتأكد من صحة المعلومات، التي تضمنتها المكالمة المجهولة بأن "النيني" فر فعلا من سجن القنيطرة. وذكرت المصادر نفسها أن "النيني" فر مستغلا غياب مدير السجن في مكة لأداء مناسك الحج، وأنه استفاد من مساعدة رفاق له اختلقوا الأعذار الكاذبة للتستر عليه لدى حراس السجن، مثل القول إنه نائم أو في خلوة للاستراحة ولا يجب إزعاجه. وأوضحت يومية "إلموندو" الإسبانية، أن شرطة سبتةالمحتلة تعتبر "النيني" من بين 11 شخصا ضمن أخطر عصابة مختصة في تهريب المخدرات والعنف والقتل، الذين جرى اعتقالهم سنة 2000، في أول أكبر عملية ضد مافيا التهريب، والإجرام، والعنف، وامتلاك الأسلحة النارية دون ترخيص. أما صحيفة "إلبيريوديكو دي كاطالونيا"، فذكرت أن "النيني"، الذي تحول إلى أكبر زعيم عصابة تهريب المخدرات، قبل أن يتجاوز سن الثالثة والعشرين، سبق أن فر في 2002 من سجن بمدريد، حيث كان معتقلا منذ سنة 1999، بتهمة الاعتداء على عنصر من الحرس المدني، وراج خبر أنه اختبأ بالمغرب، وكان يتنقل بين تطوان، وكابو نيكرو، والمركب السياحي في مارينا سمير. كما كان محكوما عليه بأربع سنوات سجنا إضافية، بتهمة قتل شاب برشاش وسط مدينة سبتة. وأشارت إلى أنه، بعد فراره، استولى على سوق المخدرات في إسبانيا، حتى شاع أنه "ليس هناك منزل لم يتذوق فيه أحد من "شوكولاتة" (مخدرات) "النيني"، مضيفة أنه منذ بلوغ أبدى، منذ بلوغه 15 سنة، رغبته الكبيرة في ولوج عالم التهريب والجريمة، إذ كان يناديه زعماء مافيا المخدرات ب"طفل المخدرات المعجزة"، وما إن بلغ 20 سنة حتى أصبح من كبار المروجين المكلفين بنقل آلاف الكيلوغرامات من الحشيش من سبتة إلى إسبانيا، بواسطة دراجة نارية مائية. وتمكن من جمع ثروة بقيمة 12 مليون أورو، وفتح عدة مخادع للهاتف، ومحلات لبيع الهواتف النقالة، وأخرى للأثاث المنزلي الفاخر بهدف تبييض أمواله. كما ذكرت أنه كان مهووسا بإثارة إعجاب الناس به، عبر التنقل في سيارات فاخرة، وارتداء أغلى الملابس، ما كان يثير غضب رفاقه من زعماء مافيا المخدرات، الذين كانوا ينتقدون خرقه للاتفاق المبرم بينهم والقاضي بعدم لفت أنظار الحرس المدني. كما أفادت أنه كان متعجرفا وأنانيا، لحد الاعتقاد أنه شخص مستثنى ومحصن، وشتم رجال الأمن عند طلب الاطلاع على هويته، وحدث أن سب قاضيا خلال إحدى المحاكمات. لكن أخطر ما أشارت إليه هو كونه لا يتوانى في إخراج مسدسه أو رشاشه لإطلاق الرصاص على رجلي كل من تجرأ على انتقاده. وذكرت مصادر أمنية إسبانية أن الشرطة الإسبانية حذرت في تقارير وجهتها إلى الحكومة المركزية من إمكانية تورط "النيني" في تمويل شبكات إرهابية، إذ تحدثت عن وجود علاقة بين عصابات مختصة في تهريب المخدرات في سبتة ومليلية، يشتبه في مساعدتها لخلايا تابعة لتنظيم القاعدة. كما أن مندوبية الحكومة في سبتة راسلت وزارة الداخلية الإسبانية منددة بالتصاعد الخطير لعصابات تهريب المخدرات وعلاقتها بالإرهاب. وأفادت مصادر من أجهزة الاستخبارات الإسبانية أن هناك تواصلا بين مافيا تهريب المخدرات والجماعات الجهادية. وشرحت أن خوصي غارسيا لوسادا، عميد الشرطة القضائية، قال "الإرهاب العالمي يتغذى من الجريمة المنظمة والانحراف الجماعي". وأضاف أن الأموال التي يحصدها مروجو المخدرات لا يستبعد أن يكون جزء مهم منها يستعمل لتمويل الإرهاب. كما أفاد أن ذلك تأكد عند تفكيك خلية عماد الدين بركات، الملقب ب"أبو داداه" سنة 2001، حين أكد شاهد أردني كان محميا من طرف العدالة الإسبانية، أن أبو داداه متورط في ترويج المخدرات. وأبرزت مصادر عدة أن أسامة دارا، المتهم من طرف القاضي بالتسار غارثون بعلاقته بخلايا تابعة لتنظيم القاعدة، في إطار "عملية داتيل"، كان على اتصال مستمر مع "النيني"، بفترة قليلة قبل هروبه من سجن القنيطرة.