بيان للهيئة الوطنية للمحامين حول واقعة تعذيب تلميذ بسجن بنزرت    لاليغا الاسبانية.. سيناريوهات تتويج ريال مدريد باللقب على حساب برشلونة    معرض تونس الدولي للكتاب: الناشرون العرب يشيدون بثقافة الجمهور التونسي رغم التحديات الاقتصادية    كأس تونس لكرة اليد : الترجي يُقصي الإفريقي ويتأهل للنهائي    الاتحاد المنستيري يضمن التأهل إلى المرحلة الختامية من بطولة BAL بعد فوزه على نادي مدينة داكار    بورصة تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا من حيث الأداء بنسبة 10.25 بالمائة    الأنور المرزوقي ينقل كلمة بودربالة في اجتماع الاتحاد البرلماني العربي .. تنديد بجرائم الاحتلال ودعوة الى تحرّك عربي موحد    اليوم آخر أجل لخلاص معلوم الجولان    الإسناد اليمني لا يتخلّى عن فلسطين ... صاروخ بالستي يشلّ مطار بن غوريون    الرابطة الثانية (الجولة العاشرة إيابا)    البطولة العربية لألعاب القوى للأكابر والكبريات: 3 ذهبيات جديدة للمشاركة التونسية في اليوم الختامي    مع الشروق : كتبت لهم في المهد شهادة الأبطال !    رئيس اتحاد الناشرين التونسيين.. إقبال محترم على معرض الكتاب    حجز أجهزة إتصال تستعمل للغش في الإمتحانات بحوزة أجنبي حاول إجتياز الحدود البرية خلسة..    بايرن ميونيخ يتوج ببطولة المانيا بعد تعادل ليفركوزن مع فرايبورغ    متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة: أمطار بهذه المناطق..#خبر_عاجل    عاجل/ بعد تداول صور تعرض سجين الى التعذيب: وزارة العدل تكشف وتوضح..    قطع زيارته لترامب.. نقل الرئيس الصربي لمستشفى عسكري    معرض تونس الدولي للكتاب يوضّح بخصوص إلزام الناشرين غير التونسيين بإرجاع الكتب عبر المسالك الديوانية    الملاسين وسيدي حسين.. إيقاف 3 مطلوبين في قضايا حق عام    إحباط هجوم بالمتفجرات على حفل ليدي غاغا'المليوني'    قابس.. حوالي 62 ألف رأس غنم لعيد الأضحى    أهم الأحداث الوطنية في تونس خلال شهر أفريل 2025    الكاف: انطلاق موسم حصاد الأعلاف مطلع الأسبوع القادم وسط توقّعات بتحقيق صابة وفيرة وذات جودة    نهاية عصر البن: قهوة اصطناعية تغزو الأسواق    حجز عملة أجنبية مدلسة بحوزة شخص ببن عروس    الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 2025": فرصة لدعم الشراكة والانفتاح على التكنولوجيات الحديثة والمستدامة    انتفاخ إصبع القدم الكبير...أسباب عديدة وبعضها خطير    هام/ بالأرقام..هذا عدد السيارات التي تم ترويجها في تونس خلال الثلاثي الأول من 2025..    إلى أواخر أفريل 2025: رفع أكثر من 36 ألف مخالفة اقتصادية وحجز 1575 طنا من المواد الغذائية..    الفول الأخضر: لن تتوقّع فوائده    مبادرة تشريعية تتعلق بإحداث صندوق رعاية كبار السن    تونس في معرض "سيال" كندا الدولي للإبتكار الغذائي: المنتوجات المحلية تغزو أمريكا الشمالية    إحباط عمليات تهريب بضاعة مجهولة المصدر قيمتها 120 ألف دينار في غار الماء وطبرقة.    تسجيل ثالث حالة وفاة لحادث عقارب    إذاعة المنستير تنعى الإذاعي الراحل البُخاري بن صالح    زلزالان بقوة 5.4 يضربان هذه المنطقة..#خبر_عاجل    النفيضة: حجز كميات من العلف الفاسد وإصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن    تنبيه/ انقطاع التيار الكهربائي اليوم بهذه الولايات..#خبر_عاجل    برنامج مباريات اليوم والنقل التلفزي    هام/ توفر أكثر من 90 ألف خروف لعيد الاضحى بهذه الولاية..    خطير/كانا يعتزمان تهريبها إلى دولة مجاورة: إيقاف امرأة وابنها بحوزتهما أدوية مدعمة..    الدورة الاولى لصالون المرضى يومي 16 و17 ماي بقصر المؤتمرات بتونس العاصمة    أريانة: القبض على تلميذين يسرقان الأسلاك النحاسية من مؤسسة تربوية    بطولة فرنسا - باريس يخسر من ستراسبورغ مع استمرار احتفالات تتويجه باللقب    سوسة: الإعلامي البخاري بن صالح في ذمة الله    لبلبة تكشف تفاصيل الحالة الصحية للفنان عادل إمام    بعد هجومه العنيف والمفاجئ على حكومتها وكيله لها اتهامات خطيرة.. قطر ترد بقوة على نتنياهو    ترامب ينشر صورة له وهو يرتدي زي البابا ..    كارول سماحة تنعي زوجها بكلمات مؤثرة    هند صبري: ''أخيرا إنتهى شهر أفريل''    قبل عيد الأضحى: وزارة الفلاحة تحذّر من أمراض تهدد الأضاحي وتصدر هذه التوصيات    صُدفة.. اكتشاف أثري خلال أشغال بناء مستشفى بهذه الجهة    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المهاجرون الجزائريون: رحلة نحو المجهول
نشر في الفجر نيوز يوم 07 - 05 - 2008

أميمة احمد الجزائر بي بي سي الفجرنيوز:من أغرب مغامرات المهاجرين الجزائريين (الذين يطلق عليهم محليا "الحراقة ") تلك الرحلة التي قادت أربعة شبان - كانوا يعتقدون أنهم متجهون إلى كندا. كانت مغامرة مثيرة عاشها الشبان الأربعة بظروف قاسية جدا كما قال أحدهم.
زهير (34 سنة ) كان يعمل دهّان منازل في ولاية سكيكدة في الشرق الجزائري، الميناء الذي غادره زهير وكله أمل بغد أفضل خال من الحرمان الذي عاشه في قريته الوادعة.
علم زهير من أصحابه أن معظم بواخر ميناء سكيكدة تتجه نحو الجزر البريطانية، فتسلل إلى حاوية واختبأ فيها، وتزود بالتمر والماء لعبور البحر.
بعد أيام لا يعرف زهير عددها وصلت الباخرة ميناء ليفربول. حاول زهير ركوب إحدى الشاحنات في الميناء فوجدها مغلقة، فاضطر للاختباء داخل إحدى الحافلات السبع ذات الطابقين كانت متوقفة في أحد ممرات العبور، فنام زهير في الطابق الثاني للحافلة نوما عميقا ولساعات طويلة نتيجة الإرهاق.
وعند استيقاظه وجد نفسه عرض البحر ، ولم يكن وحده بل معه ثلاثة شبان اختبأ كل واحد منهم داخل حافلة لوحده.
تفاجأ الشبان بأنهم جزائريون، فاستأنسوا ببعضهم لكن خوفهم أن ينتبه إليهم طاقم الباخرة ويرميهم في البحر كما سمعوا عن حراقة آخرين رموهم في البحر، والقلق الأكبر لا يعرفون أين يتجهون.
تنفس الشبان الأربعة الصعداء عندما رأوا العلم الكندي على الميناء، لاعتقادهم أن كندا تحترم حقوق الإنسان فلا ترجعهم إلى بلدهم، فتسللوا من الميناء، وركبوا سيارة أجرة ليهربوا من وجه شرطة الميناء، فلم ينفع الهرب فألقت الشرطة القبض عليهم في مدينة ترورو البعيدة بنحو 100 كم عن ميناء هاليفاكس حينما حاولوا ركوب القطار.
عاصفة سياسية
لم يدر هؤلاء المهاجرون أن دخولهم ميناء كنديا سيثير عاصفة سياسية داخل مجلس الشيوخ الكندي، ويؤدي إلى حالة طوارئ في هاليفاكس، حيث اعتبرت أوساط سياسية مغامرة الشبان بدخول الأراضي الكندية دليل على هشاشة النظام الأمني الكندي مما مكن هؤلاء المغامرين من اختراقه بسهولة.
وتعالت أصوات لتشديد الأمن على الموانئ والبواخر الكندية.
وسط هذه العاصفة انتهى مصير "الحراقة" الأربع إلى السجن، ومنه تحدثوا للصحافة عن مغامرتهم فرادى من الجزائر إلى ليفربول وجماعيا إلى كندا.
لكن غيرهم انتهت بهم المغامرة غرقا ولفظ البحر جثثهم بعد أيام من إبحارهم على متن زورق صيد لم يصمد أمام أمواج البحر العاتية. فقد عرفت ولاية عنابة في الشرق الجزائري حوادث مماثلة إلى جانب المفقودين عرض البحر.
لجنة للبحث عن المفقودين
شكل الأهالي لجنة للبحث عن أبنائهم المفقودين عرض البحر ترأسها المحامي مصطفى بوشاشي رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان.
وفي حديثه لبي بي سي قال بوشاشي: " يبدو أن ظاهرة المفقودين استفحلت في بعض المناطق البحرية في الجزائر، حيث قام العديد من الشباب برحلة نحو الشمال، والبعض منهم لم يصل أبدا إلى هناك ولم يعودوا إلى أرض الوطن".
ويضيف المحامي بوشاشي: " أن بعض العائلات تظن أن هؤلاء المفقودين ربما لم يغرقوا في البحر وإنما مقبوض عليهم في دول أخرى."
وكان البرفسور كمال بن داود عضو الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان قد أعد دراسة عن ظاهرة "الحراقة" في الجزائر.
وقال بن داود للصحافة: "إن العشرات من الشباب الجزائريين ألقي القبض عليهم عرض البحر، وزج بهم في السجون التونسية والأسبانية، دون أن تخطر حكومتا البلدين عائلاتهم ولا الحكومة الجزائرية بأمرهم."
وردا على سؤال بي بي سي قال المحامي بوشاشي: "بعض العائلات تؤكد أن أبناءها لم يغرقوا في البحر، وإنما يوجدون في معسكرات إما في تونس أو ليبيا، ونحن كرابطة للدفاع عن حقوق الإنسان ليس لدينا أدلة حتى الآن حول الموضوع. لكن سنتحرى عن الموضوع عبر الاتصال برابطات حقوق الإنسان في تلك الدول لتتبنى موضوع الجزائريين المفقودين."
ويبدو كون ظاهرة الحراقة جديدة فلم تستطع الربطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان أن تبلور خطة للبحث عن المفقودين في عرض البحر كما قال رئيس الربطة المحامي بوشاشي.
ظاهرة حديثة
حداثة الظاهرة ليس فقط لدى منظمات حقوق الإنسان، بل هي جديدة على القانون الجزائري، حيث يوجد فراغ قانوني في التعامل مع الشباب المهاجر "الحراقة " كما قالت المحامية الجزائرية فاطمة بن إبراهيم في منتدى خصص لبحث الموضوع.

من معرض الرسام باقي خالفة
وقالت بن ابراهيم: "من الخطأ سجن الشباب المهاجر سرا وفق المادة 543 من القانون البحري، والتي تنص على عقوبة بغرامة مالية لكل من يلجأ إلى ركوب باخرة دون ترخيص، أو فرد من طاقم الباخرة يثبت تورطه في عملية نقل أشخاص دون جواز سفر أو ترخيص.
وأكدت بن ابراهيم أنه "لا تمكن محاكمة الحراقة لوجود فراغ قانوني بشأن ظاهرة الحراقة في القانون الجزائري وحتى في قوانين الدول الأخرى لكونها ظاهرة جديدة."
أسباب
على أهمية السبب الاقتصادي في دفع الشباب للمغامرة بحياتهم لتحسين أوضاعهم الاقتصادية بحلم العبور إلى الضفة الشمالية، يرى الباحث الاجتماعي الدكتور عبد الناصر جابي أن انتشار ظاهرة الحراقة تعود إلى أسباب اجتماعية بالدرجة الأولى، حيث تراجعت سلطة الأب داخل العائلة على خلاف الماضي، حيث كان الأب مهاب الجانب من أبنائه، حتى لا يستقلون عنه في المنزل العائلي حتى لو كان لديهم منزل آخر.
ويشير إلى مسألة تأشيرات الدول الاوروبيةالتي لم تكن مطلوبة من الجزائريين في السبعينات، ومع ذلك كان الشباب الجزائري يسافر ويعود للوطن ليعيش في كنف عائلته، مع أن الظروف المعيشية آنذاك لم تكن أفضل مما هي عليه في الوقت الراهن، لكن الروابط الأسرية كانت أقوى والآن تفككت.
"الحراقة" موضوع فني
المخرج الشاب لحسن تواتي تناول ظاهرة "الحراقة" في فيلم سينمائي. وسألت بي بي سي المخرج الشاب ما إذا كان قد ينقل من خلال فيلمه تجربة شخصية، قال "لم أحرق حتى الآن ولا أستبعد أن أحرق بالمستقبل ولكن ليس بطريقة زوارق الموت، وإنما أحصل على فيزا ولا أعود للوطن."
ويقول تواتي عن فيلمه إنه "صرخة الشباب الجزائري المهمش بدون عمل وليس لديه سكن وعيشته مزرية".
وفي صالة المعارض بالمكتبة الوطنية عرضت لوحات فنان الكاريكاتور باقي خالفة كأنها على أرصفة موانئ الجزائر ، حيث التقط واقع الحراقة.
ويقول الفنان باقي " رسمت ورسم غيري من فناني الكاريكاتور عن الحراقة ، وجمعت لوحاتي لتكون صرخة الحراقة الذين أكلتهم حيتان البحر."
لا إحصاءات رسمية
التقت بي بي سي شابا حاول الهجرة بهذه الطريقة مرتين إلى أسبانيا وإيطاليا ولا يزال مصرا على المحاولة إلى أن يصل الضفة الشمالية.
يقول رحيم: " طالما أوروبا تسد أبوابها في وجوهنا فلن نقف عن الحرقة، وأنا لا أحرق لأسباب اقتصادية، فعندي محل ميكانيك وأملك منزلا، ووضعي المادي جيد لكني أحب اكتشاف العالم، أحب السفر لأرى الناس في الشمال كيف يعيشون وهل حياتهم تختلف عن الصورة الجميلة التي نراها في الفضائيات؟"
ولكن هل يستحق هذا الكشف والتعرف على حياة دول الشمال أن تكون طعاما للسمك؟ يجيب رحيم ضاحكا: "يعطونا فيزا لا نحرق."
لا توجد إحصائية رسمية عن عدد الحراقة الذين نجحوا بالوصول إلى الضفة الشمالية والعمل هناك ولا الذين فشلوا بذلك كما يقول الدكتور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الجزائرية لترقية الصحة وتطوير البحث: "العائلات لا تشير إلى هجرة أبنائها لكونهم استخدموا طرقا غير قانونية ولا الدول الأوربية التي تستقبل هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين تعطي إحصائيات عن هؤلاء الشباب ، وبالتالي يصعب الوصول إلى إحصائيات ولو تقريبية عن عدد الشباب الحراقة، ولكن المؤكد أن عدد الحراقة يسجل ارتفاعا سنة بعد سنة."
اللافت أن بعض الحراقة لديه المستوى الجامعي، بعضهم أطباء ومهندسين عاطلون عن العمل بينهم شابات أيضا أردن المغامرة عرض البحر.
وحسب المفوضية العليا للاجئين أن 177 مهاجرا سريا من الجزائر من أصل 1855مهاجرا من جنسيات مختلفة وصلوا الشواطئ الإيطالية خلال شهر فبراير (شباط ) الماضي، بينهم نساء وأطفال وهو رقم قياسي مع نفس الفترة من العام الماضي حيث لم تتجاوز 345 مهاجرا مما يدل على تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية المتأتية عبر زوارق الصيد أو "زوارق الموت."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.