أحيا الجزائريون أمس الخميس ذكري احداث الثامن من أيار/مايو 1945 التي وقعت بمدن الشرق الجزائري ويقول الجزائريون انها انتهت بمجازر اقترفها جنود الاحتلال الفرنسي ضد المدنيين الجزائريين وخلفت 45 الف شهيد. واختيرت بلدة خراطة بولاية بجاية (300 كلم شرق العاصمة) لاحياء هذه المناسبة المأساة لان اسمها اقترن بهذه الاحداث الدموية، مثلها مثل مدن سطيفوقالمة التي خرج سكانها متظاهرين احتفالا بانتصار الحلفاء علي النازية في الحرب العالمية الثانية وايضا لمطالبة فرنسا الاستعمارية بمنحهم الاستقلال. وبهذه المناسبة خرجت تنظيمات ما يسمي بالجزائر الاسرة الثورية من مجاهدين وابناء شهداء وابناء مجاهدين، عن صمتها واجمعت علي مطالبة فرنسا بالاعتراف بتلك الجرائم والاعتذار عليها. وذهبت اخري الي المطالبة بتعويضات لأسر ضحايا تلك الاحداث. ووصفت المنظمة الوطنية المجاهدين، التنظيم الاكثر تأثيرا في دواليب السلطة الجزائرية في بيان لها ممارسات فرنسا الاستعمارية في تلك الاحداث بأنها جريمة ضد الانسانية لا يمكن نسيانها ولا اسقاطها بالتقادم . وقالت ان مسؤولية فرنسا الجنائية تبقي قائمة ما دامت الجريمة وانعكاساتها ثابتة باسم الحق الانساني . واعتبرت المنظمة التي تضم في صفوفها المجاهدين الذين حاربوا فرنسا خلال حرب التحرير الجزائرية (1954 1962) تصريحات برنار باجولي السفير الفرنسي بالجزائر مجرد إجراء انتقائي ولا يشمل الاعتراف والإدانة والتكفير عن كافة جرائم الاحتلال في حق شعبنا (..) خاصة وان منفذي تلك الجرائم اعترفوا بجرائمهم وتباهوا بها . وكان السفير الفرنسي بالجزائر اعتبر قبل اسبوع بمدينة قالمة (شرق) ان زمن نكران مجازر الثامن من ايار/مايو 1945 قد ولي في تلميح الي ضرورة التعاطي مع تلك الاحداث بمنطق مغاير للمواقف التي ميزت الموقف الفرنسي الرسمي الي حد الان بخصوص هذه القضية. وطالبت المنظمة السلطات الفرنسية ب الاسراع في الاعتراف بجرائمها وبمسؤوليتها المباشرة والتعويض عنها ماديا ومعنويا . وقال حزب جبهة التحرير الوطني (الاغلبية النيابية) في بيان له امس ان ما حدث في ذلك اليوم المشؤوم جريمة ضد الانسانية لا يمكن تبريرها . وحتي وان استحسنت بعض الاوساط الجزائرية تصريحات السفير الفرنسي واعتبرتها خطوة الي الامام علي طريق اعتراف فرنسا بتلك الجرائم، الا ان وزيرة الداخلية الفرنسية ميشال اليو ماري اعادت وضع النقاط علي الحروف بخصوص الموقف الرسمي الفرنسي من هذه المسألة الشائكة في العلاقات الجزائرية الفرنسية. وقالت اليو ماري خلال زيارتها الي الجزائر بداية الاسبوع الجاري ان تصريحات باجولي تصب في سياق تصريحات سابقة كان ادلي بها الرئيس نيكولا ساركوزي خلال زيارته الي الجزائر في السادس من كانون الاول/ديسمبر من العام الماضي. وقال ساركوزي حينها انه يتعين علي الجانبين الجزائري والفرنسي النظر الي المستقبل. وأعلن بطريقة لبقة رفض بلاده الاعتراف بتلك المجازر والاعتذار عليها، وقال امام طلبة جامعة قسنطينة ان الابناء لا يمكنهم الاعتذار علي ما فعله آباؤهم . ولكن منظمة المجاهدين تساءلت امس عن الموقف الفرنسي وقالت كيف لفرنسا ان ترهن مستقبل انضمام تركيا الي الاتحاد الاوروبي بشرط الاعتراف بجرائم الامبراطورية العثمانية ضد الأرمن وترفض هي نفس هذا المنطق باتجاه الجزائريين .