على خلفية كتاب داخل «عقل جهادي بريطاني»:سوف تستمع محكمة ذات مستوى رفيع في بريطانيا، الأسبوع الحالي، إلى قضية تتعلق بحرية الصحافة، حيث تحاول الشرطة استخدام قوانين مكافحة الإرهاب لإجبار أحد الصحافيين على تسليم مذكرات ووثائق تتعلق بمصادر المعلومات التي يحصل عليها. ويقول الصحافيون البريطانيون إن مثل هذا الاستخدام النادر للقوانين بهذه الطريقة يعرض مستقبل الصحافة الاستقصائية للخطر في بريطانيا. وتفيد الشرطة بأنها تلتزم بكل القوانين أثناء التحقيق مع رجل تورط في أنشطة دينية وإرهابية. وتتركز القضية على حسن بت، 28 عاماً، وهو ناشط إسلامي مشهور في بريطانيا، كان قد أعلن إدانته للعنف، وهو يقول الآن إنه يعمل على مقاومة تطرف الشباب المسلم في بريطانيا. وعلى الرغم من أن هذه الخطوة من جانبه قد لاقت استحسان كبار المسؤولين البريطانيين، بما في ذلك تقديم عرض لتمويل أنشطته من جانب المسؤولين في مكافحة الإرهاب، فإن الشرطة في مانشستر ألقت القبض عليه خلال الشهر الجاري بموجب قانون مكافحة الإرهاب. وكجزء من التحقيقات، فإن الشرطة طلبت كل المذكرات وقوائم الاتصال وغير ذلك من الوثائق السرية من شيف مالك، 27 عاما، وهو صحافي كان يساعد بت في كتابة سيرته الذاتية: «ترك «القاعدة»: داخل عقل جهادي بريطاني». وبحثت الشرطة عن مواد مشابهة من مؤسسات إخبارية أخرى أجرت مقابلات شخصية مع بت، بما في ذلك «بي بي سي» و«صنداي تايمز» ومجلة «بروسبكت» و«سي بي اس نيوز» التي بثت جزءاً عنه في برنامج «60 دقيقة» خلال شهر مارس (آذار) 2007. وكل هذه الجهات تقف أمام الشرطة في المحاكم حالياً. وتقول ليندا ماسون، وهي نائب الرئيس الأول في «سي بي إس نيوز» في مقابلة هاتفية: «باستثناء وجود حالات طارئة، فلا يمكن إجبارُ الصحافيين على تسليم الوثائق الخاصة بهم. وليس هناك شيء طارئ من هذا القبيل في هذه القضية. وفي الواقع، يبدو الأمر وكأنهم يحاولون اصطيادنا». وعندما رفض مالك تسليم الوثائق الخاصة به، طلبت الشرطة أمرا قضائيا يلزمه بذلك. واستأنف مالك هذا الأمر أمام المحكمة العليا التي ستستمع إلى القضية. وفي مقابلة معه، قال مالك إن أوامر الشرطة غير معقولة، لأن بت قال إنه يرغب في إخبار الشرطة بكل علاقاته الدينية السابقة مع المتطرفين وهي المعلومات نفسها التي أخبر بها مالك. وامتنعت شرطة مانشستر عن التعليق بأي تفاصيل حول اعتقال بت. ولعدة سنوات، كان بت من أشهر الإسلاميين المتحدثين في بريطانيا، واعترف بتجنيد الشباب البريطاني للتدرب في معسكرات «القاعدة» في باكستان. ولكن بعد أحداث 7 يوليو (تموز) 2005، والتفجيرات التي وقعت في لندن، حيث قام أربعة انتحاريين بقتل 52 من ركاب القطارات والحافلات، أعلن بت إدانته للعنف، وأصبح معارضا قويا لاستخدام العنف لأغراض سياسية أو دينية. وأفاد مالك بأن اعتقال بت يعني أن الشرطة متشككة في تحول موقف بت، وأنها تستمر في التحقيق معه. كما أفاد بأنه يرفض طلب الشرطة لأن التعاون مع الشرطة يعني أن المصادر التي اعتمد عليها في الحصول على وثائقه (بمن في ذلك المتشددون الإسلاميون) لن يثقوا به مجددا. وفي هذا يقول: «إذا لم يستطيعوا التحدث إلى الصحافيين مرة أخرى، فإننا لن نستطيع الحصول على أية معلومات من جانبهم». وأفاد مارك ستيفنز، وهو محامٍ بريطاني يمثل «سي بي اس» في هذه المسألة، بأن القضية المرفوعة ضد مالك وغيره، من أهم القضايا خلال هذا العام. وحسبه، فإن المحاكم البريطانية كانت متعاطفة بصورة عامة مع تبريرات الصحافيين بعدم الإفصاح عن وثائقهم ومصادرهم السرية. وأرجع ذلك في جزءٍ كبيرٍ منه إلى فترة العقود الثلاثة التي تميزت بالعنف الطائفي في آيرلندا الشمالية. وأفاد بأنه أثناء هذه الفترة، كان الرأي العام والجمهور يثق بالمراسلين الصحافيين، مما أسهم في إظهار الحقيقة للجمهور. وقال ستيفنز إن هذه القضية هي الأولى في نوعها التي تحاول فيها الشرطة استخدام قانون مكافحة الإرهاب الذي تم اعتماده عام 2000 لإجبار المراسلين الصحافيين على تقديم وثائقهم السرية. ويقول جوناثون ديمبلي، وهو كاتب ومذيع بريطاني مشهور ورئيس مجلس إدارة مؤسسة مؤشر الرقابة، وهي مؤسسة تضم مجموعة من المؤيديين لحرية التعبير: «ربما أكون ساذجاً، لكنني لم أتوقع استخدام هذا القانون بهذه الطريقة».