الفجرنيوز:فى محاولة اخيرة للحد من مظاهر الغلو الديني التي تسيطر علي كافة مؤسسات المجتمع المصري، أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى رقم 224 لسنة 2008 بمنع البسملة وكتابة الآيات القرآنية في الأوراق الحكومية، ورأت أن هذا السلوك يمثل إهانة . وطالبت دار الإفتاء فى فتواها الهيئات والمؤسسات الحكومية بضرورة الحد من كتابة أسماء الله الحسنى والآيات القرانية في الطلبات الحكومية. وهذه الفتوى ربما تثير جدلا فى مصر خلال الايام القادمة الا ان الهدف الظاهر منها هو السيطرة على مظاهر الغلو الديني الذى ساد اوساطا كثيرة فلا يمكن لأي عين أن تخطئ مظاهر التدين الشكلي الذي يسود الهئيات والمؤسسات الحكومية والتي تأخذ أشكالاً متعددة بدايةً من ارتداء البعض للجلباب والإفراط في الصلاة أثناء العمل وتشغيل شرائط شيوخ التطرف وكتابة البسملة في الأوراق الرسمية بالمخالفة للقانون وتعطيل العمل بأسم الدين. هذا التغلغل السطحي داخل كافة فئات المجتمع انعكس في سلوك هذه الفئات بحيث أصبح لا فرق لديها بين مسجد ومكان للعمل، وبين منطقة شعبية أو مطار يعد واجه مصر وأول ما تقع عليه عيون الزائرين. وما يؤكد ذلك هو ما كتبه "صفوت عبد الحليم" مدير تحرير "وطني" في عموده حول قصة أبنه الدكتور "أكمل" وهو استشاري في الأورام وأستاذ في جامعة أورهوس بالدانمرك. جاء إلى وطنه مصر هو وابنته في زيارة, وأثناء الرحلة اضطرت شركة الطيران الأوربية أن توقف رحلتها لأسباب فنية وحجزت له مكانين مع ابنته على شركة مصر للطيران من مطار فرانكفورت، وبعد وصوله إلى مطار القاهرة اكتشف ضياع حقيبة ابنته بسبب استبدال الطائرات, فأبلغ عن فقد الحقيبة صباح اليوم التالي اتصلت به موظفة في مصر للطيران وأبلغته بالعثور على الحقيبة التي ستصل إلى مطار القاهرة في الثامنة مساء نفس اليوم... فسأل عن مواعيد العمل للذهاب إلى المطار واستلام الحقيبة, فقيل له إن العمل مستمر لمدة24ساعة فيما عدا ساعتين من الثانية إلى الرابعة ظهراً كتغيير ورديات العمل. ذهب الدكتور "أكمل" إلى المطار وعند دخوله مخزن الحقائب الواسع وجده خالياً من كل الموظفين فيما عدا المسئول عن المكان .. يجلس على مكتب ضخم يقرأ في المصحف الكريم الضخم الذي يحتل سطح المكتب قال المسئول بعد أن رفع رأسه من القراءة خير؟, قال الطبيب بخشوع عاوز شنطة بنتي المفقودة، قال المسئول المواعيد في القسم ده متوقفة من الساعة التاسعة إلى العاشرة إلا ربع.. فكل الموظفين في هذا الموعد يأخذون درساًً دينياً في هذه الحجرة!! تثير هذه القصة تساؤلاً عن دور المسئولين الذين سمحوا بوجود هذه الدروس داخل المطار، ومن شخص ليس بعالم دين، وبالتالي ماذا يمكن أن يقدم هذا الرجل من دروس؟ ممارسة الشعائر الدينية وخاصة الصلاة فرض توصي به جميع الأديان التي تحث أبنائها أن يتقربوا إلى الله بالصلاة والصوم، وتعمل الصلاة على تهذيب النفس وتقويم الخلق، لكن للأسف تحولت الصلاة في ظل التدين الشكلي السائد إلى عادة يلتزم بها الإنسان في مواعيدها دون الإلتزام بباقي القيم المجتمعية والتي تشكل الضمير الإنساني. وقد أدت هذه النظرة الخاطئة في تقييم الإنسان طبقاً لتدينه المظهري إلى إنتشار ظاهرة مقلقة وعنصرية داخل كل المؤسسات الحكومية بلا إستثناء وهي ظاهرة معطلة للعمل ولوقت الجمهور ومصالحهم، ينظم العمل داخل المؤسسات الحكومية قوانين ولوائح خاصة تحدد مواعيداً للحضور وأخرى للانصراف وبالطبع ليس من بينها أي وقت حر يملك الموظف حرية التصرف فيه أو وقت مخصص للصلاة لكن اعتاد الموظفون تعطيل العمل والتوقف عن تقديم الخدمات للجمهور بحجة أن الموظفين بيصلوا . وكانت هذه الظاهرة تقتصر في البداية على قيام بعض الموظفين بالصلاة في مكان واحد مخصص لهم بالمبنى الحكومي بالتبادل بينهم وبين بعضهم البعض على أن يلتزم الموظفين ببقاء بعض منهم لتقديم الخدمة للموطن خاصة في المصالح المرتبطة بتقديم خدمات مباشرة للجمهور، وتضخمت الظاهرة مع نمو الهوس الديني وأصبح كل الموظفين يصلون معاً في نفس الوقت، ويعطلون العمل كله وأصبحوا لا يلتزمون بالمصلية الموجودة بالمبنى ككل حيث تتم الصلاة في مصلية في كل دور تكون بجوار السلم وتمنع النزول والخروج، وبالتالي يصبح العمل متوفقاً وممنوع دخول أو خروج المواطنين إلى هذه المؤسسات في وقت الصلاة، ويحبس المواطن أما أسفل المبنى في إنتظار إنتهاء الموظفين من الصلاة للصعود والحصول على الخدمة وأما داخل المكاتب انتظاراً للخروج!! ولا يقتصر الأمر على ذلك بل أن بعض الموظفات يطولن من الصلاة بحيث تستغرق أكثر من ساعة كاملة وفي ظل مباركة من رؤسائهن في العمل، كما أن بعض الموظفين يخرجون من الصلاة وهم في مظهر لا يليق بموظفي الدولة حيث لا يهتمون بتغيير "القباب" و"الشبشب" من أرجلهم .