أجرت صحيفة لقاءا صحافيا مع أسرة ليبية من سكان طرابلس تعيش بحديقة سوق الجمعة منذ أحد عشر عاماً دون سكن ولا مأوى ثابت، عانت الأسرة سلسلة من الأحداث بسبب الفقر الشديد وتوزيع ملفاتها بين الدوائر الحكومية والجمعيات الخيرية. حاولت رصد معاناة هذه الأسرة بهذا الحديث مع "تركية" الأم في هذه العائلة. تقول تركية: نحن من سكان طرابلس عشنا ونشأنا.. تزوجت من ابن عمتي 1995م بظروف حياتية صعبة.. كان يعمل .. أعمال حرة .. وكنا نسكن مع عائلة زوجي في غرفة.. بسبب المشاكل العائلية تركنا المنزل وانتقلنا للعيش في شقة بالإيجار .. كان زوجي يعمل مراسلاً وكاتباً في إحدى الصحف المحلية.. وكانت الصحيفة تعطيه أجره على فترات متقطعة ثم تراكمت الديون علينا ... فاضطررنا إلى إخراج أولادنا من المدارس.
ألم تقدمي ملفاتك لأحد الجهات؟ قدمت ملفاً لمصلحة الأملاك العامة واللجنة الشعبية للإسكان وجميع الجهات تقريباً طرقت بوابها.. وكانت كل جهة تلقي بالمسؤولية على الجهة الأخرى.مصلحة الأملاك تقول هذا الملف من اختصاص الإسكان والإسكان تقول نفس الكلام لا أحد يستجيب.. أنا وأطفالي نعيش على مساعدات أهل الخير فقط؟ هل خاطبت الجمعيات الخيرية؟ ذهبت إلى معظم الجمعيات الخيرية، ولكن دون جدوى،ابنتي التي كان عمرها شهراً هي تدرس في بمرحلة التعليم الأساسي،سنوات كثيرة ضاعت وأنا أتردد على الجمعيات الخيرية، وبعد ذلك أدرجوا اسمي في قائمة المستفيدين من الثروة.وكنا نتلقى من هذه الجمعيات مبالغ مالية في شهر رمضان والعيدين. كمنحة فقط ثم توقفت.
سمعت أن قصتكم ناقشتها وسائل الإعلام؟ نعم ذهبت إلى الصحف والإذاعة ناشدتهم كي يسمع صوتي المسؤولون.. وعندما طرحت قصتنا كانت الاستجابة الأولى من جانب أصحاب الخير.. ولا جهة في الدولة حركت ساكناً ولم تدعمنا أي جهة .. كل الأمانات التي طرقت بابها وبيدي نسخة من الصحيفة يقولون لي.. "ربي يعاونك" هذه الإجابة التي أحصل عليها فقط.
كيف تعيشين الآن وأسرتك وماذا عن زوجك؟ زوجي مصاب بمرض في العضلات ،والضمان الاجتماعي رفض قبول ملفه بسبب عدم اكتمال التحاليل، وليس لنا مال لأجلها تراكمت الديون علينا .. حتى طعام أبنائي أحصل عليه من الجيران ولقد تعاطف معنا أهل الخير، وتم تأجير شقة لنا ولكن منذ يوم 92-4-8002م أي بعد ثلاث شهور من السكان أعتذر منا الرجل وطردنا في الشارع لأن الإيجار انتهى، وافترش وأولادي حديقة سوق الجمعة .. وفي إحدى الليالي التي نعتبرها جيدة يذهب بنا أهل الخير وننام في منزل أحدهم. ماذا يوجد معك من أشياء وأولادك؟ وأين أسرتك؟ ألم تساعدك؟ لا يوجد معي شيء أنا وأطفالي وحقيبة بها ملابسهم ولاشيء آخر انتقل من مكان لآخر. أسرتي الله يكون بعونهم.. ساعدوني ولكن إلى متى؟.. لقد كرهوني من كثرة ما طلبت منهم. أعاني وأطفالي سوء التغذية وسوء النوم وسوء الحياة أكثر من شهر وأنا أتجول في شوارع طرابلس بهم.
ماذا تريدين بالضبط لأسرتك؟ سكناً فقط، سكناً يؤويني وأسرتي.. أطلب من كل المسؤولين، وأتوجه بمشكلتي إلى الضمان والإسكان المرافق إلى كل هؤلاء وغيرهم ، ابنتي كبرت وتخجل من بقائها بالشارع.. لو تشاهدون أخلاقيات الشباب في الأزقة.. أخاف على ابنتي ولا أنام ولا أرتاح ..إلى كل مسؤول أقول له ابنتي في خطر من الأزقة والشوارع. أريد من صوتي أن يرتفع بأعلى مداه في ليبيا، وأريد من الدولة: أن ترعى أطفالي،أنا من مواليد الفاتح 1969م الذين خصتهم الدولة بكل ما يتمنون من سيارات وشقق أنا لا شييء لديّ، لقد ساعدتني عائلات محترمة درجت اسمي في قروض مصرف الادخار، وبعدها قالوا لي أحضري شهادة عقارية من أين آتِ لهم بتلك الشهادة؟ منذ عام 1998م وأنا وعائلتي مشردون بالشوارع، عمر من التشرد، عانيت من القهر سنين، ولا أعرف كيف أعيش إلى الآن؟ وسبق وأن توفي أحد أبنائي بين يدي بالشارع، ولم أستطع أن أفعل له شيئاً.. بناتي يكبرن بالشارع. من يعطني خبزاً أو حليباً مرة لا أعلم إذا كان سيعطيني مرة أخرى أم لا؟ِ من يدخلني منزله لا يسمح لي بالدخول مرة أخرى. ندائي إلى كل مسؤول بأمل إغاثة أسرتي وإنقاذ أطفالي من موت الشارع