يُجبر العديد من أطفال المغرب على العمل لمساعدة أولياء أمورهم من الناحية المالية. ونظرا لأخطار الظاهرة، شرعت الحكومة المغربية في اتخاذ تدابير لتحسين تعليمهم ومكافحة الفقر ومن ثمّ القضاء على هذه المعضلة. احتفل المغرب كباقي دول العالم يوم 12 يونيو باليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال. وبهذه المناسبة، ذكّر وزير التشغيل والتكوين المهني المغربي جمال أغماني بالتزام بلده المتواصل لاستئصال الظاهرة وبناء ما أسماه "مغرب جدير بأطفاله". وكانت منظمة العمل الدولية قد أطلقت الحدث السنوي عام 2002 لإثارة انتباه العالم للأزمة. وبدعم من برنامج مكافحة عمل الأطفال التابع للمنظمة، أعد المغرب عبر مديرية العمل التابعة لوزارة التشغيل والشؤون الاجتماعية والتضامن، دراسة شاملة حول القضية قبل أربع سنوات تحدد آليات التدخل تراوحت بين التشريعات القانونية والبرامج الاجتماعية. وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش عن الدراسة التي تم إعدادها عام 2004 إن "خبراء عمل الأطفال في المغرب يُنسبون الظاهرة لتفاقم الفقر ورداءة التعليم وقلة إتاحة التعليم خاصة للبنات والتفسخ الاجتماعي وانتشار مقبولية عمل الأطفال في المجتمع باعتبارها عوامل رئيسية في شيوع عمل الأطفال". وذكرت الهيئة أن "المغرب به واحدة من أعلى نسب عمل الأطفال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا". وساعدت نتائج الدراسة المغرب في إعداد خطة لمساعدة "الأطفال الخفيين". وبالرغم من أن المغرب صدّق أصلا على معاهدتين مع منظمة العمل الدولية عام 2001 فإنه أقر مدونة الشغل الجديدة التي دخلت حيز النفاذ اعتبارا من يونيو 2004. والقانون الجديد يحظر توظيف الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما، كما يحرّم العمل المحفوف بالمخاطر لجميع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما وينص على جزاءات قانونية ضد أرباب العمل المتورطين في توظيف الاطفال أقل من 15 سنة. واعتبر الخبير المغربي عن منظمة العمل الدولية في مكتبها بالمغرب أحمد لقصيور أن قانون الشغل يبقى غير كاف ما لم يتم وضع استراتيجية شمولية لمعالجة العوامل الاجتماعية والاقتصادية للحد من الظاهرة.. وفي تصريح لمغاربية قال لقصيور "بالإضافة إلى تنامي الفقر في البوادي، تبقى النفقات العمومية المرصودة للحد من تشغيل الأطفال جد ضعيفة وعلى رأسها الاهتمام بالتمدرس حيث مازال هناك حوالي 15 مليون طفل لا يلج المدرسة، منهم 600 ألف طفل يتراوح سنهم ما بين 7 و14 سنة، 16 في المائة منهم يشتغلون أي يساهمون في دخل العائلة" من جهة أخرى، أفادت دراسة قدمها مشروع "أدرس" التابع لمنظمة دولية مختصة العام الماضي، حول تشغيل الأطفال بالمغرب، أن 380 ألف طفل تقل أعمارهم عن 15 سنة، غادروا المدرسة سنة 2006، ويلج عدد منهم سوق الشغل بصفة مبكرة "ما يهدد مستقبل مئات الآلاف من الأطفال بحرمانهم من التمدرس، وتعريضهم لشتى أنواع الأخطار على صحتهم، وعلى كيانهم الجسماني والنفساني". وتشتمل استراتيجية المغرب الشاملة للحد من عمل الأطفال على ترقية النظام التعليمي وتحسين ظروف العيش وكذا محاربة الأمية للكبار حتى يدرك الأباء الحاجة لتعليم أبنائهم بدل تعريضهم للعمل في سن مبكرة. وهكذا ذكر تقرير مشترك صادر عن منظمة العمل الدولية والبنك الدولي عام 2005 أن مستوى التعليم لدى أولياء الأمور في المغرب والاستفادة من الماء الشروب والكهرباء؛ هي عوامل ذات أثر بالغ على عمل الأطفال في المناطق الريفية. وقال سعيد حيدة عضو "جمعية الهدف" في تصريح لمغاربية إن الوعي بالظاهرة لم يحل دون انتشارها كما أن الزجر القانوني لم يكن له أدنى تأثير" لهذا نعمل من جهتنا على تنظيم حملات تحسيسية للآباء قصد إقناعهم بضرورة البحث عن سبل أخرى لمستقبل أطفالهم عوض تشغيلهم". لكن فاطمة أم نزهة التي تجعلها تخدم في البيوت لها رأي مختلف، إذ ترى أنه لا مانع لديها من أن تشتغل ابنتها البالغة من العمر 14 سنة. قالت موضحة "لأنه لولا هذا العمل لما استطعنا أن نجد ما نسد به رمقنا أنا وإخوتها الثلاث ووالدها المقعد".