تونس - شدد سالم بو يحيى -رئيس جامعة الزيتونة التونسية- على أن المؤسسات التعليمية والثقافية في تونس لن تتراجع عن موقفها الرافض للحجاب، عازيا ذلك إلى رغبتها في الحفاظ على الزي الوطني الذي وصفه ب"المتوافق مع الزي الإسلامي". جاء ذلك في تصريحات أدلى بها بو يحيى على هامش ندوة مصرية/تونسية عقدتها وزارة الأوقاف المصرية الأحد 15-6-2006، وتختتم فعالياتها اليوم الإثنين، وكانت بعنوان "الخطاب الديني وتحديات الحداثة في المجتمعات الإسلامية". وقال بو يحيي: "نرفض الحجاب المنفصل عن الزي التونسي، منعا للمظاهر المسيسة، ومنعا للباس النمطي الذي يأتينا من مناطق أخرى خارج منطقتنا". ومضى موضحا وجهة النظر الرسمية: "إن حرية ارتداء اللباس المحتشم مكفولة للجميع، وكذلك العكس، لكن موقفنا من مسألة الحجاب بمفرده ليس سرا لنخفيه، وهذا لا يعني مناهضة الزي الإسلامي كما نسمع في الفضائيات، وإنما نريد عدم التمييز في المظهر، والحفاظ على الزي الوطني". وواصل قائلا إن "الحجاب قضية جدلية ومسيسة، ونرغب في أن تظل الجامعات والمدارس بعيدة عن السياسة؛ لذلك يرفض فيها الزي المسيس، حفاظا على استقرار البلد والمؤسسات". واعتبر أن طرح قضية الحجاب على الساحة التونسية "جاء من جهات خارجية تريد أن تنمط الفكر في المجتمعات الإسلامية عن طريق الزي". من لبسه كان آمنا ولم يفرق رئيس جامعة الزيتونة بين الزي الوطني والإسلامي، قائلا: "نحن في تونس نرى أن اللباس الإسلامي هو اللباس الوطني (الفولار والسفساري) الذي يحجب الرأس ويغطي العورة، ويحقق الاستقامة في السلوك". وردا على سؤال حول استهداف السلطات للفتيات المحجبات، قال بو يحيى: "إن الفتيات اللاتي يرتدين اللباس الوطني المحتشم في مأمن من المضايقات أو منعهن من دخول الجامعة". واعتبرت مصادر حقوقية تونسية تصريحات رئيس الجامعة "مخالفة للواقع"، مضيفة أن السلطات منعت ارتداء "الفولار والسفساري، رغم أنها أزياء تقليدية؛ لأنها تتطابق مع الحجاب تماما". ولفتت هذه المصادر إلى دعوى قضائية رفعها المحامي التونسي عبد الوهاب معطر ضد مدير إحدى المؤسسات التعليمية بسبب منعه قبول فتاة تغطي رأسها بالفولار. وفيما يتعلق بقول بو يحيى إن الحجاب "زي مستورد"، قالت المصادر ذاتها: "إذا كان الخمار مستوردا فهناك أزياء أخرى مستوردة ويسمح للفتيات بارتدائها". وتتزامن تصريحات رئيس جامعة الزيتونة مع موسم امتحانات نهاية العام الدراسي، والذي يشهد حملة واسعة ضد المحجبات، حيث تم منع المئات منهن من أداء الامتحان. وفي تطور جديد هذا العام، نالت الحملة المعتادة عددا من أقارب المحجبات بسبب اعتراضهم على استهدافهن من قبل بعض أعوان الشرطة. ويبرر المسئولون بالإدارات التعليمية هذه الإجراءات ضد المحجبات بمنشور صدر هذا العام يمنع الطالبات من ارتداء الحجاب بمختلف أشكاله، بما فيها "المناديل والمحارم والقبعات" رغم تكرار السلطات قولها إنها لا تمنع إلا "الأشكال المتطرفة" من أغطية الرأس. تونس.. "ليست علمانية" وبالرغم من الحظر الرسمي للحجاب وغيره من مظاهر التدين رفض بو يحيى وصف تونس بالعلمانية، قائلا: "المجتمع التونسي هو مجتمع عربي مسلم، والدولة ترعى الإسلام والعلمانية هي فصل الدين عن الدولة، وهو غير محقق في تونس". واستطرد: "كما أن رئيس الدولة عندنا من مهامه رعاية شئون الدين، ووزير شئون الدين تابع للدولة، والقول بأن تونس تتحول إلى العلمانية قضية مفتعلة ومحاولة للتدخل في شئوننا". غير أن المصادر الحقوقية تقول: "هناك استبعاد تام للدين من الحياة العامة والتشريعات التي يتقاضى على أساسها التونسيون، فهي تشريعات وضعية وإن كان جزء منها مستمدا من التشريع الإسلامي.. فالقضاء التونسي سمح للمرأة بتطليق نفسها، ومنع تعدد الزوجات، وسمح بالتبني". ومنذ عام 1981 يتواصل التضييق على المحجبات، حيث يعتبر القانون رقم 108 -الصادر في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة- الحجاب "زيًّا طائفيًّا"، وليس فريضة دينية؛ ومن ثَمَّ يُحظر ارتداؤه في الجامعات ومعاهد التعليم الثانوية، وهو ما يرفضه قسم كبير من التونسيين.