مراد رقية تقدّم النخبة الجامعية نفسها للرأي العام على أنها حاملة مشعل القيم التحررية والسامية نهوضا بالمجتمع ووصولا به الى برّ الأمان حرّية وكرامة وممارسة ديمقراطية أصيلة عبر هياكل المجتمع المدني معبّرة عن ذلك في أكثر من مناسبة،ومن أعلى أكثر من منبر نقابي وسياسي،ومجتمعي أو صحفي ملتزمة بقضايا التحرر والكرامة والغاء العبودية العصرية بكل أنواعها المعلنة أو المغلّفة؟؟؟ وقد أتاحت لنا فرصة انعقاد انتخابات مجالس الأقسام في مرحلة أولى،ولاحقا انتخابات المجلس العلمي الوصول الى نتيجة دامغة وصاعقة لكل ذي ضمير حيّ أبيّ رافض للاستكانو والخنوع والرضى بالدون،مطالبة بالالتزام بالوصول الى المجتمع الفاضل المكرّم للحرية والكرامة والديمقراطية،نتيجة مفادها بأن معظم المنتسبين للسلك التدريسي الجامعي منضوين في الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي وغير منضوين أصبحوا مسلوبي الارادة،مصنّعي المواقف،معلّبي الضمائر لصالح مراكز القوى الجامعية المنتسبة للصنف"أ"محاضرين وأساتذة التي يهمّها تأبيد مصالحها وضمان سطوتها وفرادة امتيازاتها؟؟؟ فيجد المدرّسون المنضوون ضمن الصنف"ب" مساعدين وأساتذة مساعدين أنفسهم محجوزين أو مسخّرين بمواقفهم المعلنة أو الخفية في جلباب مدرسي الصنف"أ" الحاملين لدرجة أستاذ محاضر أو أستاذ تعليم عالي الذين بحكم تقدمهم في الدرجة ورغبتهم في احتكار النفوذ والوجاهة والامتيازات بالأصالة أو بالنيابة يجنّدون الزملاء من الصنف"ب"ويملون عليهم مواقفهم المرغوبة غصبا عنهم مساومين اياهم على ترقياتهم بالاثبات أي الترسيم أو الارتقاء من خلال ملفات التأهيل ممارسين ضدهم "الابتزازالديمقراطي"علنا أثناء اللقاءات الدورية تناولا للمج واحتساء لأكواب الشاي والقهوة في مشربة الكلّية،أو في جلسات خاصة بعيدة عن الأنظار،أو كذلك عن طريق الشحن الهاتفي مما جعل البعض من الزملاء الذين وعدوا بالانتساب الى قوائم مستقلة أو "محسوبة كذلك" يغلقون هواتفهم النقّالة حرصا على الشفافية التي أصبحت عملة غير مرغوب فيها لدى الجامعيين قبل غيرهم،ولعدم الوقوع تحت طائلة الاغراءات المضادة من القوائم الأخرى المتنافسة؟؟؟ وقد اقترنت هذه النتخابات في مرحلة انتخاب مديري الأقسام باعتماد القدح والقدح المضاد،والتشكيك في الذمة العلمية،وباستعراض النقاط السوداء والهفوات بأنواعها ،وحتى بكتابة البيانات المغرقة في التطاول على المقامات والذمم،كل ذلك حرصا على الشفافية والديمقراطية الجامعيتين بين أفراد هذا السلك الحريص أكثر من غيره على اقامة دولة القانون ...لا بل دولة الضحك المبرمج على الذقون باعتماد الابتزاز الديمقرطي المصرّح به على رأس الملأ حينا،والمسكوت عنه اخفاء للعورات حينا آخر؟؟؟وقد تبيّن في أكثر من حالة بأن الزملاء الذين رشّحوا أنفسهم لرئاسة للمرّة الثانية أو الأولى برغم اعلان بعضهم أولا عدم الرغبة في ذلك اكتفاء بمدة واحدة قد قذفوا قذفا للواجهة لا من تلقاء أنفسهم ولكن عن طريق بعض المرجعيات النافذة المتنفذة أي مراكز القوى الراغبة في تأكيد سطوتها وشفطها للامتيازات والفرص والامكانيات كل ذلك وهم يعلنون بأن هذه الخطط ادارة أقسام وعضوية ورئاسة مجالس لا تمثل رهانات حقيقية طالما أن الوزارة خاصة بعد القانون التوجيهي قد أفرغت هذه الخطط المذكورة من أي سلطة فعلية سوى تكريس فوقية الادارة وطغيانها ومراقبتها اللصيقة تدريسا واحتسابا للساعات الاضافية،والحصول على شبكة علاقات توظف لاحقا في تسهيل التأهيل المشحون ديمقراطيا بعد تأكيد الولاء وتقبيل أيادي وجباه مراكز القوى الجامعية؟؟؟ ونستعد هذه الأيام لانتخابات المجلس العلمي التي تنتظم يوم23 جوان2008 والتي تتصارع فيها قائمتان اثنتان،قائمة مدعومة من النقابة الأساسية للكلية وتضم بعض الوجوه"النيرة"ذات الأمجاد النقابية،وبعض الوجوه"العائدة" المعلنة عن خلاص أكيد ومنتظر من التهميش بوضع نقطة نهاية للصلف الاداري والتفرد بالرأي مع دعم ذلك ببرنامج طلائعي شامل للمتاح وغير المتاح على السواءان كتب لها الوصول الى المجلس بسلامة الله وجهد الزملاء المحجور على أصواتهم، وقائمة مكرّسة للأمر الواقع السابق برغم اطلاقها لشعارات الشفافية والتشاركية وتكريس العمل الجماعي في اطار مزيد تثمين العمل البحثي داخل وخارج الكلّية؟؟؟الا أنها تفتقد الى المصداقية لاحتكار بعض أعضائها السلطة والنفوذ داخل الكلية لمدد تتراوح بين أحد عشر سنة وتسع سنوات توزعت بين العمادة المساعدة والعمادة وعضوية المجلس،وتأبيد العضوية لمرشحين اثنين؟؟؟ ولعل من مظاهر الشفافية وتأكيد الرغبة في خدمة الصالح العام(بغير ارادته ورغبته)أن ثلاثة من أعضاء هذه القائمة تقدموا بطلب تفرّغ لسنة جامعية كاملة حتى يكونون في قطيعة مع الكلية ومع الزملاء المنتخبين لهم تسمح لهم بخدمتها عن بعد؟؟؟وقد صاحبت حملة الترشح للمجلس العلمي التي يفترض فيها تأكيد مؤشرات انتخاب مديري الأقسام التي تخدم نتائجها المحققة بالابتزاز الديمقرطي مصالح القائمة المكرّسة للأمر الواقع السابق لاحتكار خطط اداريةلسنوات طويلة مديدة منتجة لخبرة لا يستفيد منها سوى المنتجون لها،صاحبت هذه الحملة تظاهرات متنافسة لاطلاق التهم والشائعات والطعن في مصداقية الولاءات حتى داخل القوائم من خلال موازنة أحد المترشحين بين مساندة أحد أعضاء القائمة المكرسة للأمر الواقع ،ثم انضمامه ترشحا للقائمة المدعومة من النقابة مما يحيلنا الى أفلام ومسلسلات الجوسسة؟؟؟ لقد كشفت هذه الحملة عن بؤس هذه الممارسات الجامعية في مستوى "القياديين"من الصنف "أ"و "الرعيّة" من الصنف"ب" اذ أمعن القياديون الممارسون للابتزاز والمساومة احتقارا لذكاء وكرامة زملاؤهم المدعووين للتصويت بالشحن الالكتروني بنظام"اللايت"و"البطاقة"على السواء ضمانا لترقياتهم في المدى القصير والمتوسط على حساب نخوتهم وآدميتهم المعلنة وغير الممارسة؟؟؟وقبول المدرسين من صنف"ب" أن يكونوا مجرّد رعايا أو زوجات ملحقات ب"بيت الطاعة الديمقراطي"خدمة لمصالح مراكز قوى معلنة وغير معلنة أثبتت التجربة حرصها على مصالحها الضيقة أكثرمن حرصها على مصالح رعيتها المدينة لها بالولاء،المسلوبة الارادة،المعلّبة الموافق،المجمدة الضمائر،وهي فن سن متراوحة بين الثلاثين والستين،فما يا ترى يكون الانعتاق من هذا الاستعباد الأخرق؟؟؟ فما أسعدنا بهذا النعيم المستند الى الابتزاز الديمقراطي لخدمة رهانات "غير قائمة" من وجهة نظر الممارسين لصراع الديوك تكريسا لشبكات مذلّة مغتصبة للارادة والكرامة،وبناء لعلاقات الفرز المصلحي تجازي بائع الكرامة بأجود الأثمان ،وتعاقب المحايد والمتحرر الرافض للقبول ب"الابتزاز الديمقراطي" القادر وحده اليوم على خدمة المجموعة انطلاقا من برنامج لم تتوفر فرص تحقيقه في آجال تراوحت بين أحد عشر سنة وتسع سنوات،فهل نحن في دنيا الأحلام المزعجة،أو في يقظة مرعبة ياسادة؟؟؟ المصدر بريد الفجرنيوز