بقلم عامر عياد كم تبدو السنة ممتدة في بدايات الطفولة .. و كم تتقلص آمالنا كلما تراكمت السنون.. عادة عند نهايات العام.. و بدايات العام نتوقف.. على العتبة الأخيرة نقف عادة نلتفت إلى ما كان..آو نتأسف على ما لم يكن.. تلك الأشياء تتعلق بأحلامنا و رغاباتنا و آمالنا و هفواتنا.. و هناك أشياء نحاول جاهدين أن نبقى اكبر قدر من نكهتها في الذاكرة المتسربة نحو التناسي و النسيان .. تلك انجازاتنا ننمو بها في أعين أنفسنا إن لم يكن في أعين الآخرين. ثم نلف أعناقنا و أرواحنا و عواطفنا .. نتطلع إلى العام القادم .. هناك دائما تلك الأشياء الأخرى..تفاؤلات و تطلعات تشدنا للتطلع نحو القادم.. هذا العام الجديد المتسلل إلينا بهدوء تختفي ملامح وجهه وراء المزيد من الأحلام و الرغبات و التخوفات.. نعرف انه سيحمل إلينا مزيدا من الوضوح و الانجازات والكينونة أيضا في أعيننا و أعين الآخرين.. الأهم إننا نستطيع بواقعية واعية أن نختار اتجاها واحدا للنظر، أما الماضي فقط أو القادم فقط. أن تجمدنا في الماضي الذي كان يفقدنا الصلة باشرا قات الغد و ما يحمل من وعود.. وان انفصلنا إلى المستقبل الغامض فقط دون أن تقف أقدامنا على ارض ثابتة من انجازات الأمس تظل بلا وجهة حقيقية تباركها اضاءات الأمس و اليوم. هي تلك الوقفة التي تدعونا إلى التأمل و الاختيار المتزن. الأمس عادة محمّل بالعاطفية الطفولية تدعونا إلى استقرار المعروف و المعتاد حتى لو لم يكن الأكثر إثارة و إرضاء. و الغد يومئ من بعد بكل مغريات المجهول و نضفي عليه من تشوقاننا هالة لها جمال الأمثل و الأكمل و الأكثر إغراء وشدّا.. ..على وقع أحداث سليمان المفجعة ودعنا العام الماضي .. وعلى وقع اغتيال بنازير بوتو نودع هذه السنة.. تتشابه الأحداث..و يكون الإرهاب هو خاتمة أحداث سنة و نخاف أن يكون طابع بدايتها.. الإرهاب هذا الغول الذي لا يعرف دينا أو وطنا أصبح قدرنا الذي نعيش على وقعه في غياب معالجة ثقافية ..و اقتصار هذه المعالجة على مواجهته فقط امنيا و استخبارتيا.. لنا أن نسال أنفسنا هل نحن محصنون فعلا ضد هذه الآفة؟ هل إن الانغلاق السياسي و محاصرة عمل الجمعيات و الأحزاب يساعد على محاصرة الظاهرة؟ هل إن خنق الحريات و تدجين الإعلام و تمييعه و ارتفاع معدلات البطالة يعتبر ضمانة لمواجهة الإرهاب آم عامل من العوامل المساعدة على تفريخه و إنتاجه؟ إن المواجهة الأمنية رغم ضرورتها تبقى قاصرة و حدها على حمايتنا .. عاجزة إلا عن مزيد توليده و احتضانه. إن الضرورة و الحكمة تقتضي معالجة أخرى أكثر جذرية ..ترسيخ ثقافة الحوار و التسامح..و إعطاء جرعة جدية للانفتاح السياسي و الإعلامي لئلا يكون السلاح هو لغة التخاطب و الإرهاب هو التعبيرة و اللغة. نقف ونعرف أنها وقفة لن تطول..سرعان ما ينبلج الصباح و يأخذنا الاختيار الأخير إلى المنعطف نحو الغد.. حاملين معنا رائحة الحرية و الأمل و عبق الإرادة الصادقة في التجاوز و جعل تونس لكل أبناءها المخلصين و أغان لفصول الفرح و لمّ الشمل و صورا من أزمنة التقاطع. سرعان ما ينبلج الصباح و يعلو صوت المنادي انه يوم جديد يبتدئ به بقية العمر فلتكن خطوة نحو الأجمل و الأنقى و الأمثل.. .. ليكن بدء العمل كأن النهاية ستكون غدا و ليمن بدء السعادة كأن الحياة ستكون أبدا. عند هذا القرار الواعد ندرك الحقيقة الأشمل ..إن كل يوم ولحظة هي بدء جديد و إمكانية للخطو بمسار واعد بالفرح.. وكل عام وتونس بأبنائها بكل خير.