مراد رقية الفجرنيوز:يحلّ علينا شهر رمضان الكريم هذه السنة في خاتمة فصل الصيف وهو فصل اقترنت فيه مناسبات النجاح في مختلف الامتحانات والمناسبات العائلية والمستلزمة معا للانفاق لارتباطها بتقديم الهدايا العينية والنقدية،ويحلّ في بداية فصل الخريف وتحديدا أول سبتمبر الذي سيشهد حلول ثلاث مناسبات استراتيجية هي شهر الصوم في بدايته،وموسم العودة المدرسية في منتصفه،وعيد الفطر المبارك في نهايته وهو ما جعل المواطنين التونسيين خاصة محدودي الدخل منهم وحتى متوسطيه يشعرون برعب حقيقي لتميز بلادنا"بلد الفرح الدائم"بارتفاع مبالغ فيه لتكاليف الحياة وبمحدودية مذلّة ومهينة للمداخيل التي تآكلت بامتياز لتظافر عاملي التضخم المالي وانهيار أو"انتحار" الدينار التونسي.وحتى المفاوضات الاجتماعية التي تعقد مرّة كل ثلاث سنوات باشراف متميز لشاهد زور يدفع الشغالون تكاليف رفاهيته هو انحاد كرزاي التونسي فهي لا تقدّم الا "الفتات" مقارنة بارتفاع الأسعار والخدمات فلم يفرج عن نتاائجها التي يخشى ان أطلقت أن يصاب المواطن التونسي خاصة المنتسب لشريحتي العملة والموظفين وهم الغالبية بالذهول وحتى بالجنون؟؟؟ وتتظافر جهود ثلاثة أطراف في الاجهاز على المواطن والمستهلك المسكين خلال الشهر الفضيل هي السلطة القائمة وقطاع رأس المال والقطاع السمعي البصري محولة اياه الى حيوان تسوقي مسلوب الارادة،مفرغ الجيب،مدمن على التلفاز بامتياز *السلطة القائمة،هي التي يفترض فيها رعاية المجتمع والأخذ بيده في الأيام العادية وخاصة في الظروف العصيبة الكارثية ومنها الثالوث المجتمع استثنائيا خلال شهر سبتمبر،فهي لا تسعى البتة الى الترفيع في المداخيل تماشيا أو حتى اقترابا من جنون الأسعار ومقابل الخدمات المختلفة ،ولكنها يا لحسن حظنا تكتفي بالاعلان عن المخزون الاستراتيجي من الحليب والبيض ،وتطمئنه على توفر اللحوم والدواجن والغلال كما لو كانت المشكلة في التزود وليس في انخرام الميزانية العائلية،أو كذلك في اقامة موائد الافطار أو موائد الرحمان للمحتاجين وأبناء السبيل مع تحميل تكاليفها لبعض الشركات والمؤسسات التي تجد فيها سبيلا للتخلص من بعض الفوائض الغذائية،وفي الحصول على رضى السلطة عبر تلميع صورتها في الشهر الكريم؟؟؟ *قطاع راس المال،ان المواطن بالنسبة اليه هو مجرد"حيوان استهلاكي"يكون الشهر الكريم فرصة ذهبية للسطو على ميزانيته المحدودة من خلال تنشيط حواسه واسالة لعابه من خلال قذفه بمئات وآلاف الومضات الاشهارية الراقصة المنشطة للكبار والصغار،الومضات المتلاحقة والمرتبطة جميعها بالمنتجات الغذائية ومكملاتها كالحليب ومشتقاته والحلاوة الطحينية ومشتقات الحبوب والزيوت وحتى الفوط الصحية.ويتفاوت ذكاء هؤلاء الباعة في الترويج اذ يقتصر بعضهم على مجرد الدعوة للاستهلاك فقط ،بينما يربط البعض الآخر ترويجه ببعض الفواصل الهزليةأو ببعض النصائح الطبية المرتبطة بالحفاظ على الصحة والرشاقة أو الأخلاق الفاضلة؟؟؟ *القطاع السمعي البصري،يصاب هذا القطاع في الشهر الكريم وككل سنة بجنون حقيقي من خلال اصراره في حيّز زمني قياسي على تمرير كل الانتاجات الجديدة الدينية والدرامية والهزلية سواء منها المسلسلات أو الاستعراضات أو برامج الألعاب أو ألعاب الحظ "المليونية"التي تهين المتسابق بلباقة وتحوله الى لاهث وراء السراب فيغتي ويرقص ويبكي ويدمن على الرسائل القصيرة والطويلة معا وصولا الى الربح والثراء الذي لم تكفله له حياته بالوسائل المشروعة.وقد يصاب المتلقي بلوثة حقيقية اذا ماحاول عبثا متابعة أكثر من عمل وعبر أكثر من قناة تلفزية عامة أو اخبارية أو دينية؟؟؟ النتيجة في كل هذا أن الصائم التونسي ولعله العربي عموما أصبح يعيش كابوسا حقيقيا يمتد على مدى شهر كامل يتظافر فيه افراغ الجيب بالانفاق على مستلزمات شهر الصيام حتى في حدها الأدنى،ومستلزمات العودة المدرسية،وملابس وحلويات عيد الفطر المبارك،الكل يسعى الى نهبه وسلبه برضاه وغصبا عنه والضحك على ذقنه وغشّه ان لزم الأمر بماله الخاص مستفيدا من وجوده أمام التلفاز لتمرير كم هائل من الوصايا والنصائح والرسائل التي من الأكيد أنه غير قادر على مواكبتها أو التجاوب معها،لكن المهم هو تحصيل المؤسسات لتكاليف انتاجها عبر الاشهار التهريجي،وعبر ابتزاز المستهلكين بالضغط عليهم عبر أفراد عائلاتهم خاصة منهم الأطفال والمراهقين.ولا ننسى بطبيعة الحال لجوء عديد الهيئات التي تدعي لنفسها حماية المواطن وحماية طاقته الشرائية مثل "مؤسسة الدفاع عن المستهلك" والتي هي في الأساس محسوبة على السلطة القائمة التي تدعو لترشيد الاستهلاك وتجنب التبذير،لكن أين هو التبذير ياسادة؟؟؟كفاكم ضحكا على الذقون والشوارب ولعب دور شاهد الزور،فاتلمبذرون هم أولي الأمر وحدهم لا غير،وأما المواطنون فأصبحوا يعيشون بالكفاف وبالفتات،فهنيئا لنا بحلول شهر رمضان المعظم الذي يراد له أن يكون شهر السطو على مقدرات المواطن المحدودة والحجز على عقله وارادته ولعل من أبرز شعاراتنا التونسية في المجال الاشهاري"العيشة مقرونة"و"الشامية نحبوها"و"جبن الحومة"......والبقية تأتي؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟