القاهرة - تشهد مصر اليوم الإثنين وغدا الثلاثاء موجة من الوقفات الاحتجاجية، تتنوع دوافعها ما بين السياسي والاقتصادي والمهني ، وهو ما أحبط توقعات مراقبين بأن يشهد شهر رمضان "هدنة احتجاجية" في مصر ليتفرغ المصريون للصوم والعبادة، لكن يبدو أن الاحتجاجات في مصر "لا تصوم". الشرارة الأولى للاحتجاجات تنطلق ظهر اليوم مع الوقفة التي دعا إليها كل من حزب العمل المجمد وحركة شباب 6 أبريل، (الذين دعوا لإضراب عام في أبريل الماضي احتجاجا على الأوضاع السياسية) على سلالم مبنى مجلس الدولة بالقاهرة للتضامن مع "الحملة الشعبية لوقف تصدير الغاز لإسرائيل". الوقفة تتزامن أيضا مع انعقاد الجلسة الثانية لمحكمة القضاء الإداري لنظر الدعوى المقامة من السفير السابق إبراهيم يسري ضد كل من رئيس الوزراء ووزيري المالية والبترول لإنهاء الاتفاق الخاص بتصدير الغاز المصري لإسرائيل، حيث تقول الدعوى: إن الغاز يتم تصديره لإسرائيل بأسعار بخسة، تقل حتى عن سعر التكلفة. العودة للتسعيرة وفي ذات مبنى مجلس الدولة تنظر دائرة أخرى لمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار أحمد الشاذلي الدعوى المقامة من حركة "مواطنون ضد الغلاء"، والتي تطالب فيها الحكومة بفرض "التسعيرة الجبرية" على بعض السلع للحد من الارتفاعات غير المبررة في أسعارها. ويقول محمود العسقلاني المتحدث باسم الحركة في تصريحات لشبكة "إسلام أون لاين.نت": إن الدعوى المقامة ضد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء تطالب بتطبيق المادة العاشرة من القانون رقم 3 لسنة 2005 الخاص بحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والتي تجيز لمجلس الوزراء تحديد سعر منتج أو أكثر". عدم تفعيل هذه المادة رأى فيه العسقلاني مؤشرا "على انحياز الحكومة لرجال الأعمال ضد المواطنين الذين هم أولى برعايتها". وتابع مضيفا: "اللجوء للقضاء كان أمرا حتميا في ظل حالة الانفلات داخل السوق من قبل الشركات الحكومية والخاصة على حد سواء، ففي الوقت الذي تشهد فيه الأسعار العالمية انخفاضا كبيرا، فإن مصر تشهد موجة من رفع الأسعار". "وقفات طبية" بذات المبنى المكون من خمسة طوابق، تعقد الجلسة الرابعة للنظر في الدعوى المقامة من حركة "أطباء بلا حقوق" ضد رئيس الوزراء ووزير الصحة للمطالبة بحق الأطباء في تنظيم الوقفات الاحتجاجية السلمية. ويتزامن مع عقد الجلسة وقفة صامتة ينظمها الأطباء أمام مبنى مجلس الدولة، حيث أشارت الدكتورة منى صلاح إحدى منسقي الحركة في تصريحات لشبكة "إسلام أون لاين.نت" إلى "أن القضية تعد بمثابة جرس إنذار فقط للمطالبة بحقنا الدستوري في تنظيم تظاهرات سلمية للمطالبة بتحسين أجورنا". قائمة القضايا المنظورة اليوم أمام القضاء الإداري تشمل كذلك الدعوى التي تطالب بوقف العمل بقانون الطوارئ، حيث دعا عدد من القوى السياسية لتنظيم وقفة احتجاجية اليوم للمطالبة بإنهاء حالة الطوارئ التي تعيشها البلاد منذ نحو 28 عاما. خارج القاهرة الاحتجاجات الرمضانية لم تقتصر على القاهرة، حيث تشهد مدينة المحلة الصناعية، شمال القاهرة، اليوم وقفة احتجاجية ينظمها شباب "حركة 6 أبريل" أمام مبنى محكمة جنايات طنطا، حيث تعقد الجلسة الثانية من محاكمة 49 من معتقلي أحداث 6 و 7 أبريل في المحلة الكبرى، والذين وجهت إليهم النيابة تهم مقاومة السلطات وإتلاف وسرقة ممتلكات عامة وخاصة، وتعريض السلم العام للخطر، والتحريض على قلب نظام الحكم، وذلك خلال يوم الإضراب العام الذي دعت له قيادات عمالية وناشطون إلكترونيون يوم 6 إبريل. وفي ذات التوقيت تقيم الحركة وقفة أخرى أمام مكتب النائب العام بالقاهرة للمطالبة بالإفراج عن المدون محمد رفعت الطالب بكلية الإعلام وصاحب مدونة "مطبات" السياسية المعارضة، والذي قامت أجهزة الأمن باعتقاله برغم صدور قرار من نيابة أمن الدولة العليا بالإفراج عنه على ذمة قضية الدعوة لإضراب "23 يوليو". نكهة شعبية وفي سياق الاحتجاجات، لكن هذه المرة بطابع شعبي، ينظم عدد من أهالي منطقة "الدويقة" الشعبية بالقاهرة وقفة احتجاجية ظهر اليوم أمام مبنى المحافظة تجديدا لمطالبتهم بمنحهم وحدات سكنية بديلة عن منازلهم التي قامت المحافظة بهدمها قبل شهرين في إطار مشروع تقول الحكومة إنه يهدف لتطوير المنطقة. ويقول الأهالي: إن المحافظة ووزارة الإسكان تماطلان في منحهم شققا بديلة عن مساكنهم التي تم هدمها. كما أنه من المقرر أن ينظم أهالي جزيرة قرصاية، بمحافظة الجيزة، وقفة احتجاجية غدا الثلاثاء أمام مجلس الدولة، حيث سيتم نظر الدعوى التي أقامها أهالي الجزيرة لإثبات ملكيتهم لأراضي الجزيرة، والتي يقولون إن الدولة تخطط لطردهم منها وتسليمها إلى رجال الأعمال لإقامة مشاريع سياحية عليها. ويقول محمد عبلة أحد سكان الجزيرة في تصريحات لشبكة "إسلام أون لاين.نت": "الأهالي سينظمون وقفة احتجاجية أمام مبنى مجلس الدولة غدا (الثلاثاء)، خاصة أن جلسة الغد ستكون للنطق بالحكم". تصعيد متوقع هذه الموجة من الاحتجاجات خالفت توقعات مراقبين بأن يمر شهر رمضان هذا العام بهدوء، خاصة أن الصيام هذا العام يتزامن مع موجة الحر الشديد التي تعاني منها البلاد، إلا أن حرارة الغلاء وتفاقم مشاعر الغضب لدى بعض الفئات، لأسباب سياسية أو مطلبية، كانت أشد ضغطا وتأثيرا من حرارة الجو وتعب الصيام، حسبما رأى بعض المتابعين. وتوقع هؤلاء أن تتصاعد وتيرة الاحتجاجات في الأيام الأخيرة من رمضان، في ظل تهديد آلاف المدرسين بتنظيم إضراب شامل عن العمل في 20 سبتمبر المقبل، موعد بدء العام الدراسي الجديد، إذا لم تقم وزارة التربية والتعليم بإلغاء "اختبارات الكادر". ويقول بعض المدرسين: إن قيام الوزارة بربط حصولهم على المميزات المقررة لهم في المرحلة الثانية من "كادر المعلمين" بالخضوع لاختبار تعقده الوزارة يعد مخالفة للوعد الذي قطعه الرئيس مبارك في برنامجه الانتخابي، كما وصفوا أسئلة هذه الاختبارات ب "التعجيزية والمعقدة". ويبلغ عدد المدرسين في مصر نحو مليون وربع المليون مدرس، يتبعون وزارة التربية والتعليم، والتي تتولى إدارة العملية التعليمية للمرحلة ما قبل الجامعية، ويشكو معظمهم من تدني رواتبهم وظروفهم المعيشية.