بنظرة خاطفة على التقارير السنوية لمنظمة "مراسلون بلا حدود" حول حرية الإعلام والصحافة في العالم سيجد المرء أن الدول العربية تقبع في قاع الجدول. ولن يصاب المرء بدهشة في حال ما نظر إلى الزعامات العربية : فالرئيس المصري حسني مبارك واصل التحكم في الإعلام الذي منحته إياه الدولة المركزية القوية. بينما يستخدم الرئيس الليبي معمر القذافي الإعلام لزيادة أسهمه الجماهيرية بل وحتى العاهل المغربي الشاب ذو التفكير التقدمي محمد السادس سمح بسجن مدون مؤخرا بزعم أنه نشر مقالا يحمل إهانة للملك. لكن مثل هذه المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي الالكتروني مثل فيس بوك هي التي تفتح ثغرات في دروعهم الاوتوقراطية. ففي مصر هناك قيود على التجمعات وهو ما يجعل التظاهرات والتجمعات السياسية شبه مستحيلة. لكن ليس هناك من حدود على الفيس بوك، حيث يوجد هناك أكثر من نصف مليون مصري مشتركين فيه.
إقبال سوري على الفيس بوك ففي أبريل الماضي استخدمت مجموعة من الشباب موقع الفيس بوك لحشد 70 ألف شخص للتظاهر ضد الغلاء حيث شكل الناشط السياسي المصري أحمد ماهر مجموعة على الفيس بوك تحمل أسم "حركة 6 أبريل" نجحت في تنظيم إضراب ضد ارتفاع الأسعار. " أول مرة اعتقلت فيها كان قبل الإضراب مباشرة. حيث ألقي القبض علي وتعرضت للتعذيب لمدة يومين. حيث كانوا يعذبونني للحصول على كلمة السر الخاصة بي على موقع الفيس بوك وأسماء المشاركين الآخرين في المجموعة. لكنني لم أدلي بالمعلومات. ويعتزم ماهر مواصلة استخدام الفيس بوك مرة أخرى لتنظيم المزيد من التظاهرات. وتدرس الحكومة المصرية حجب موقع الفيس بوك. ويعد الحظر والحجب من الأمور الشائعة في الشرق الأوسط. فقد حجبت سوريا الفيس بوك. كما حجبت تونس الموقع ذاته لعدة أسابيع ثم عادت ورفعت الحجب. وعلى الرغم من هذا يتزايد عدد السوريين الذي ينضمون للفيس بوك بصورة درامية حيث يلجأ مستخدمي الانترنت ذوي الخبرة في مجال الشبكات إلى وصلات الكترونية بديلة للوصول إلى الموقع. وتقول الكسندرا ساندليس من منظمة مينسات المعنية بمراقبة الإعلام في الشرق الأوسط. أن الانترنت يمثل عامل يسهم في تسريع عجلة التغيير السياسي في الشرق الأوسط لكنها تحذر قائلة
" لا تزال هناك حاجة لوسطاء ينقلون الحركة من الانترنت إلى الشوارع. يمكنك أن تتظاهر دفاعا عن قضيتك وأنت جالس على أريكتك المريحة لكن على المرء ألا يسقط في فخ " النشاط السياسي من على الأريكة" فنحن نجلس على الأرائك ونتابع المدونة تلو المدونة وننضم لمجموعة على الفيس بوك تلو المجموعة. لكن كما منا سيخرجون في النهاية إلى الشوارع؟"
التدوين في الرياض قامت السلطات في المملكة العربية السعودية بحجب 400 ألف موقع الكتروني، لكن مدونة أحمد العمران التي تحمل أم " سعودي جينز" ليست واحدة منهم. حيث لا يزال الطالب البالغ من العمر 24 عاما والمقيم في العاصمة السعودية الرياض قادرا على الكتابة عن حرية الصحافة والتغيير الاجتماعي وهناك من يتابعونه في المملكة وفي أوروبا والولايات المتحدة وهو ما يؤدي على "مناقشات حية" على حد قوله ويعتقد العمران أن التدوين بالإنجليزية وليس بالعربية يسمح له بتجاوز الرادار وهو الملاذ الأمن الذي لم يتاح لصديقه المدون فؤاد الفرهان. فقد ألقي القبض عليه في العام الماضي وسجن لمدة 4أشهر بدون توجيه أي تهم. ويعترف العمران أن صديقه المفاجئ يثير توتره لكنه يقول أن الأمر يستحق العناء " اعتقد أن الأمور التي أتناولها والقضايا التي أحارب من أجلها تستحق ذلك النوع من المخاطرة لأننا نحب هذا البلاد ونرغب في أن يتغير." ربما تتعرض مواقع الانترنت إلى الحجب لكنها تتمتع بميزة انه يمكن الوصول إليها عبر شبكات ووصلات بديلة خارج حدود الدولة حيث يمكن التحكم في السيرفر المحلي. تقرير: جونثان خروبرن 26-09-2008