الاتجاه العربي والإسلامي ودوره في تحرير الجزائر الكتاب:الاتجاه العربي والإسلامي ودوره في تحرير الجزائر المؤلف:د. نبيل أحمد بلاس
استجاب أهل المغرب العربي للإسلام في وقت مبكر منذ القرن الأول الهجري وانتشرت اللغة العربية انتشارًا سريعًا وقام أهل المغرب بمجهودات كبيرة في مجال نشر الإسلام واللغة العربية. وقد اكتسبت الجزائر- وهي إحدى دول المغرب العربي- المقومات السياسية لبناء مراكز الثقافة العربية الإسلامية والتي أخذت تنتشر ويعلو شأنها سريعًا في شتى أرجاء الجزائر. وفي العصر الحديث حاول الاستعمار الفرنسي في الجزائر مسح الثقافة العربية الإسلامية التي كانت لا تزال حية بين علماء الدين الإسلامي. فحينما أرادت جمعية علماء المسلمين الجزائريين إحياء الثقافة الإسلامية والعربية في الثلاثينات من القرن الميلادي الماضي جوبهت بمعارضة شديدة من قبل الاستعمار الفرنسي تحت ستار الإدماج والمشاركة، ومن ثم جاء كتاب الدكتور نبيل أحمد بلاس "الاتجاه العربي والإسلامي ودوره في تحرير الجزائر" والذي نشر في القاهرة مؤخرًا ليؤكد الدور العربي والإسلامي في الحفاظ على هوية ذلك الجزء الغالي من أمتنا الإسلامية... وقد جاء الكتاب في خمسة أبواب وسبعة عشر فصلاً، تناول الباب الأول في فصوله الأربعة الاتجاه العربي والإسلامي ودوره في الاحتفاظ بالشخصية الجزائرية، حيث قوبل الغزو الفرنسي للجزائر بمقاومة شرسة سياسيًا وعسكريًا وقد تقدم المقاومة العسكرية الأمير عبد القادر منطلقًا من مبدأ الجهاد عن الأرض والشرف وكذلك الحاج أحمد باي قسنطينة وكذلك سجلت الواحات وبلاد القبائل بطولات خارقة في مقاومة الغزاة الفرنسيين الزاحفين عليها وظهرت بطولات نسائية إسلامية قادت المقاومة والجهاد ضد المستعمر الفرنسي مثل لالا فاطمة زعيمة قبيلة البلتين. ورغم انتصار الغازي الفرنسي واستسلام الكثير من بلدان الجزائر إلا أن المقاومة لم تهدأ، فقد قامت في أوائل سنة 1871 م ثورة كبرى عكست روح الجهاد والرفض الجزائري للاحتلال الفرنسي وبعد الاحتلال الفرنسي للجزائر قاموا باستغلال الأراضي والفلاح الجزائري.. ومن خلال تعامل الاحتلال الفرنسي الاستيطاني مع الجزائريين أدرك حقيقة الشخصية الجزائرية تاريخيًا وثقافيًا وحضاريًا، لذلك حشد كل طاقاته وحارب عروبة الجزائر وسمى الجزائريين بالمسلمين رافضًا أن يسميهم بالعرب نسبة إلى الأمة العربية التي تشكل الجزائر جزءًا منها. وكان الاستعمار يرمى من وراء ذلك إلى إنكار عروبة الجزائر ومحاولة فضلها عن أشقائها في الأمة العربية والعمل على محو مقومات الشخصية الجزائرية من ناحية أخرى؛ كي يتمكن من دمجها في الكيان الفرنسي باعتبار الجزائر جزءًا من فرنسا حسب النظم والقوانين التي استنها الاستعمار الفرنسي في محاولاته لمسخ الشخصية الجزائرية وتراثها الحضاري إلا أن كل محاولاته قد باءت بالفشل أمام الكفاح الجزائري لتثبيت الشخصية العربية الإسلامية للجزائر. أما في الباب الثاني، وقد جاءني في فصلين، تحدث فيه المؤلف عن جمعية العلماء، نشأتها وجهودها التعليمية وعلاقة العلماء ببقية القوى الوطنية والإسلامية وموقفهم من الاستعمار، فإزاء السياسة الاستعمارية التي تدخلت في كل شؤون الجزائر اضطرت جمعية العلماء أن تخرج عن برنامجها الديني وأن تخوض في المسائل السياسية مما أصاب السلطات الاستعمارية بالذعر، خاصة حين انتشر نفوذها نتيجة نشاط دعاتها في المدارس والمساجد، فكان أن أصدرت سلطات الاحتلال منشورًا أطلق عليه "منشور دي ميشيل" سنة 1932 الذي نعت العلماء بأنهم الوهابيون الخارجون على الدين كما طالب بعدم الصلاة خلفهم ولكن جاءت نتيجة المنشور عكسية مما أدى إلى زيادة نفوذ العلماء. كما خصص المؤلف الباب الثالث بفصوله الثلاثة للحديث عن الشيخ عبد الحميد بن باديس فتناول شخصيته واتجاهاتها ومجهوداته التعليمية والسياسية ويعرف أن ابن باديس هو القائل شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب كما تناول الباب الرابع بفصليه مجهودات الشيخ البشير الإبراهيمي داخل الجزائر وعلاقاته ببقية القوى الإسلامية خارج الجزائر، أما الباب الخامس فقد جاء في ثلاثة فصول تناول فيها المؤلف الاتجاه العربي الإسلامي داخل جبهة التحرير الجزائرية الوطنية فتحدث عن نشأة جبهة التحرير الوطنية الجزائرية مبينًا الأحداث التي مهدت لظهور الجبهة وبرنامج الجبهة وتشكيلاتها ثم تحدث عن الأساس العربي والإسلامي داخل الجبهة مبينًا مظاهر هذا الأساس والجهاد الإسلامي للجبهة.. أما الباب السادس وهو الأخير، فجاء في ثلاثة فصول أيضًا تحدث فيه المؤلف عن انتصار الاتجاه العربي الإسلامي في الجزائر مبينًا علاقات الجزائر مع الدول العربية وموقف الجامعة العربية من الثورة الجزائرية والمعونات العربية للجزائر ونشأة الحكومة الجزائرية المؤقتة والمفاوضات ثم الاستقلال.. والكتاب في مجمله يؤكد على أن الفكرة العربية الإسلامية ليست بالجديدة على الجزائر فهي موجودة منذ أن وطئ الإسلام أرض الجزائر وتبلورت فيما بعد خلال الحملات الأوروبية على الجزائر في مطلع القرن السادس عشر الميلادي والتي عدت صراعًا بين القوى الإسلامية ممثلة في الجزائر والقوى المسيحية ممثلة في الدول الأوروبية التي واصلت حملاتها التي هاجمت الشواطئ الجزائرية وانتهت هذه الحملات التي تصدى لها المسلمون ببسالة إلى ارتباط الجزائر بدولة الخلافة عام 1519 م وفشلت كل محاولات الاستعمار الفرنسي في القضاء على عروبة وإسلام الجزائر ومن ثم اتجه الاستعمار إلى التفاوض مع الجزائريين. وأعلن استقلال الجزائر في 18 مارس 1962 وبقيت الجزائر، وستظل إن شاء الله، عربية إسلامية أبد الدهر ....