أخبار الحكومة    "أكسيوس": ترامب يعرض على القادة العرب والمسلمين رؤية واشنطن لإنهاء حرب غزة    لامين يامال أفضل لاعب شاب في العالم    زياد غرسة يضيء سهرة افتتاح مهرجان المالوف الدولي بقسنطينة    عاجل/ فتح تحقيق في حادث هبوط طائرة "nouvelair" في مطار نيس الفرنسي    اولمبيك سيدي بوزيد.. المدرب جمال بالهادي يعلن انسحابه    المقاومة لترامب.. وقف اطلاق النار لشهرين مقابل نصف الرهائن    إنتبه لها.. 10 علامات مُبكّرة للزهايمر    يا توانسة ردّوا بالكم: مواد غذائية فاسدة محجوزة في برشا ولايات!    عاجل/ أمطار غزيرة ورعدية تتجّه نحو تونس الكبرى وهذه الولايات..    عاجل/ بيان إسرائيلي بشأن أسطول الصمود    عاجل/ بلاغ هام من الحماية المدنيّة بخصوص التقلّبات الجوية    كريم دلهوم مدربا جديدا لاتحاد بن قردان    مشاركة تونسية مكثفة في مهرجان بوسان الدولي للفن البيئي    عاجل/ لم يتم التعرّف على هويته بسبب آثار العنف: العثور على جثّة رجل بهذه الجهة    الحلبة: فوائد كبيرة.. لكن هذه الأضرار لا تتوقعها!    75 مدينة إيطالية تشهد مظاهرات حاشدة وإضرابا عاما ضد الحرب على غزة    QNB الشريك الداعم للبادل في تونس    نهاية العلاقة التعاقدية بين الرجاء المغربي ولسعد جردة    صيام ربيع الثاني: برشا أجر في 3 أيّام برك...أعرفهم    عاجل: الاتحاد المنستيري يعلن عن تركيبة جديدة للهيئة المديرة    منظمة إرشاد المستهلك : ''غلاء اللّحوم والإنترنت يوجّع في جيوب التوانسة''    دور الثقافة والفضاءات الثقافية تفتح أبوابها لاستقبال الراغبين في المشاركة في مختلف أنشطتها    العثور على جثة طفل تتدلى من شجرة زيتون بالقيروان    المطر في تونس: وين كانت أكثر الكميّات حسب المدن؟    خطير/صيحة فزع: أكثر من 50% من المؤسسات الصغرى والمتوسطة مهددة بالافلاس والاندثار..    الحماية المدنية: 408 تدخلات بينها 102 لإطفاء الحرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    جراية التقاعد المبكر للمرأة: شروط، وثائق، وكمية المبلغ... كل شيء لازم تعرفو    كيفاش تعرف السمك ''ميّت'' قبل ما تشريه؟    المفتي هشام بن محمود يعلن الرزنامة الدينية للشهر الجديد    تونس على موعد مع حدث فلكي غريب بدخول الخريف... الشمس تعانق خط الاستواء..شنيا الحكاية؟!    بداية مبشرة مع أول أيام الخريف: أمطار وصواعق في هذه الدول العربية    عاجل : مباريات قوية مؤجلة من الجولة السابعة في الرابطة الأولى هذا الأربعاء!    تحذير طبي جديد يخص حبوب شائعة الاستعمال بين النساء...شنيا؟    علامات خفية لأمراض الكلى...رد بالك منها و ثبت فيها ؟    انطلاق حملات نظافة كبرى في دور الثقافة والمكتبات العمومية والجهوية    تنبيه/ احتجاجات وغلق لهذه الطريق..#خبر_عاجل    تواصل ارتفاع أسعار السيارات الشعبية في تونس.. وهذه أحدث الأسعار حسب الماركات..    5 سنوات سجناً لشيخ حاول اغتصاب طفل بحديقة الباساج    أحكام بين 10 و20 سنة سجنا في قضية تهريب مخدرات أطيح بأفرادها عبر "درون"    الدورة الاولى لصالون الابتكارات الفلاحية والتكنولوجيات المائية من 22 الى 25 اكتوبر المقبل بمعرض قابس الدولي    قفصة: تسجيل رجّة أرضية بقوّة 3،2 في الساعات الأولى من صباح الإثنين    محاولة تهريب أكثر من 500 كغ من المخدرات: الاحتفاظ بموظفة في شركة خاصة وموظف في الديوانة    أول تعليق من أمريكا بشأن اعتراف "حلفائها" بدولة فلسطين    عاجل/ آخر مستجدّات فقدان مهاجرين تونسيّين في عرض البحر منذ أسبوع..    البطولة الفرنسية : موناكو يتفوق على ميتز 5-2    عاجل/بالفيديو: رصد طائرات مسيّرة تحلّق فوق سفن أسطول الصمود..وهذه التفاصيل..    طقس الاثنين: خلايا رعدية وأمطار غزيرة محليا مع تساقط البرد... التفاصيل    عاجل: التيارات الباردة تدخل من طبرقة وعين دراهم.. بداية الاضطرابات الجوية    السينما التونسية تتألّق في مهرجان بغداد السينمائي... التتويج    أول لقاء علني بعد الخلاف.. تأبين الناشط اليميني كيرك يجمع ترامب وماسك    من برلين إلى لندن: الطيران الأوروبي في قبضة هجوم سيبراني    لأول مرة في تاريخها ...التلفزة التونسية تسعى إلى إنتاج 3 مسلسلات رمضانية    حافلةُ الصينِ العظيمةُ    الصينيون يبتكرون غراء عظميا لمعالجة الكسور    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    استراحة «الويكاند»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقف المنافق وموته المحتم : عزيز العرباوي
نشر في الفجر نيوز يوم 03 - 11 - 2008

هناك مجموعة من الطابوهات والخطوط الحمراء، بعضها يواجه الكاتب بمشكلات جمة قد تعرض مصيره الثقافي إلى الزوال والاضمحلال، وبعضها الآخر يقضي على حياته وبقائه في الوجود . والكاتب في بلدنا يصطدم بهذه الطابوهات كلما أراد معالجة موقف أو قضية تهم البلد، أو أولاده من منطلق وطنيته وثقافته، التي تملي عليه الخوض في غمار هذه المواقف، ولهذا فإننا نعتقد أنه ليس هناك مجال لكتابنا الحاليين الذين يحاولون أن يقدموا دراسات وتقويمات وانتقادات، وذلك عن طريق دراسة المواضيع الأكثر جاذبية ونقاشا في الواقع، أعني أن الكاتب الذي يكتب الآن، ويناقش هذه الموضوعات والقضايا داخل الإعلام وعلى صفحات الجرائد والكتب لا يرقى إلى ما نطمح إليه جميعا، وإلى ما يطمح إليه المعذبون في الأرض .

عندما نحاول أن نتسائل : من هو الكاتب ؟ وماذا يكتب لنا ؟ فسوف نجيب أنفسنا ببساطة أن هذا الكاتب - الإنسان - يتسم بقدر من الضعف والغموض والنفاق الثقافي إذا أمكن لي التعبير، فتنشأ المشكلة الكبرى، مشكلة الجهل بالواقع من ناحية، بسبب ما أصاب الكاتب من فشل وتراجع من خلال المواقف، غير أن المشكلة الحقيقية تعود، من الناحية الثانية، إلى نوع من التواطؤ والتوافق السلبي موجود من قبل في صميم الكاتب ذاته، وطبعا نقصد بعض الكتاب وليس جميعهم، وإلا فإننا نحكم على أنفسنا بالبلادة، فأنصار هذا الاتجاه ينكرون أنه من الممكن مواجهة الواقع وفق الخقيقة الصافية، في مواقف وآراء دقيقة واضحة، بهدف - حسب رأيهم - استمرار وجود محدود للكتاب داخل الساحة الملغومة عن آخرها .

ومع ذلك يظل من الصواب والحكمة أن نقول إنه يوجد بعض الكتاب والمثقفين في بلادنا العربية يجمعون على المواجهة واتخاذ الحرية وصفا في ممارسة الكتابة، رغم وجود مجموعة من تضارب الآراء حول طريقة الممارسة هذه . وخير مثال على ذلك، الموقف الذي أبداه الكاتب الكبير والأديب "أحمد بوزفور " قبل سنوات عند رفضه لجائزة اتحاد كتاب المغرب ، التي فازت بها مجموعته القصصية " ققنس " . هذا الموقف الرافض الذي وضع الأديب في خانة الرافضين للوضع الحالي، سياسيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، إنه أسلوب في التفلسف الآرائي قد يؤدي بمن يستخدمه إلى مواجهة المشاكل والإقصاء والتهميش، لكنه يضعه - في نظر الأحرار - بطلا وقدوة .
فما هي إذن، السمات العامة التي يتميز بها الكاتب المعاق في واقعنا الثقافي ؟ وما هي الدوافع التي تدفعه لممارسة الفعل الكتابي بهذه الشوفينية والهلامية ؟ هل لقصر ذات اليد التي يحس بها أم للعجز الفكري الذي يحمله بين طياته ؟ وما هي التعجيزات التي تجعله يتجاهل قضايا أكثر خطورة عليه وعلى البشرية جمعاء ؟ أعجزه عن مواجهتها أم لوجود الطابوهات والخطوط الحمراء أمامه وفي طريقه ؟ .

فما يحاول الكاتب التعبير عنه، وأقصد الكاتب العاجز إنتاجيا وقيميا، هو مجرد قشور فكرية لا تسمن ولا تغني من جهل . ولذا فإن هذا النوع من الكتابة يبدو في بعض الأحيان، مضادا في الحين للطموح الفكري خارج مجال الكتابة وسلطة القلم، بمعنى ليس كل ما يقال بالألسن يجد طريقه إلى الورق والنشر . فالكاتب المعاق يقول بانفعال عاطفي كمن يندمج في الواقع الفعلي المندمل، ولكنه يكتب ببرود وعجز كمن يندمج في مشروع متخلف لا يعبر عن انفعالات الناس وميولاتهم . وعلى الرغم من أن بعض الكتاب يظهرون احتراما للكاتب الناقد القوي في مواقفه، فلا يزال من الصواب والحكمة أن يندمجوا في هذا الاتجاه بدورهم على أساس البناء ونشدان التغيير، وبذلك يتجنبون النفاق الفكري الواضح وضوح الشمس في كتاباتهم اليومية .

سوف تتطلب من هذه المقارنة أن نقف عند أمثلة بتفصيل أكثر، وببساطة فالواقع الثقافي لدينا مليء بهذه النفاقات مما يجعلنا لا نتوغل في التمثيل أكثر، لقد سبق أن ذكرنا مثالا عن الكتاب الجادين الناقدين بكل حرية ومصداقية، ولكي لا نغضب مثقفينا المعاقين من عدم ذكرهم فإننا سنستغني - حرصا منا - عن ذكر الأسماء، ونذكر بالأفعال فقط تجنبا لأي إحراج . ونأخذ مثالا بالكاتب المتحزب الذي يساير العاصفة غالبا، فتراه في الرخاء السياسي يتخذ موقفا نبيلا يتماشى ورغبات العامة، وتراه في العواصف السياسية، إن على المستوى المحلي أو الوطني أو الدولي، يسايرها كذلك ويتخذ مواقف أقل وقعا وحزما، فيضيف نفسه في صف المثقفين المعتدلين ذوي الحكمة والتعقل، وكل هذا طبعا لا يمكنه أن يمر على العاقلين مرور الكرام .

رغم أننا ذهبنا إلى هذا التصنيف من طرف واحد، فإنه قد يكون صحيحا مع ذلك عند الكثير من الكتاب الموجودين داخل ساحتنا الثقافية، وأن هذا التصنيف ينحو نحو تركيز الانتباه على بعض المغالطات التي تغزو كتابنا ومثقفينا، حتى نجد أن هذه المغالطات تتكرر عند معظم المثقفين السياسيين دون المستقلين منهم .

الحرية، المسؤولية، الشفافية، والمصداقية، واتخاذ القرار المناسب، وهي مواضيع تشكل عظمة المثقف ومرآته الشخصية، لأن ما يميز المثقف عن الناس الآخرين هو ممارسته للنقد بكل حرية ومسؤولية، وقدرته على قراءة الواقع بكل استقلالية ، فمن خلال اتخاذ القرار المناسب والمصداقية يكون المثقف قد حقق شخصيته، وحقق للناس طموحاتهم بسلطة القلم، التي صارت أقوى مما كانت عليه في الماضي ....

عزيز العرباوي
كاتب من المغرب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.