عاد بشكل مفاجئ الحديث عن عهدة ثالثة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بما يستدعي اجراء استفتاء لتعديل الدستور الحالي الذي ينص علي عهدتين لا ثالث لهما من عشر سنوات.وفاجا الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم الجميع بإحياء الفكرة بعد ضجة الصيف الماضي عندما تعالت أصوات رافضة للفكرة من منطلق رفض صياغة دستور في كل مرة علي مقاس كل رئيس جديد. وكانت حركة مجتمع السلم التي يقودها ابو جرة سلطاني ثالث اكبر الأحزاب المساندة للرئيس بوتفليقة فضلت التريث قبل الحسم في موقفها (غير ان أغلب التوقعات تفيد انها ستؤيد المطلب، كما جرت العادة في كل مرة). وأكد عضوها القيادي عبد الرزاق مقري ان الرئيس لم يعلن عن رغبة في هذا الشان فكيف لحزب سياسي ان يطالبه في ذلك؟ تلميحا الي حزب الافلان الذي يشغل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رئاسته الشرفية. وهو الموقف ذاته الذي دافع عنه رئيس التجمع الوطني الديمقراطي ورئيس الحكومة السابق احمد اويحيي الذي شدد القول ان حزبه لن يصدر موقفا قبل اعلان بوتفليقة عن رغبته الاستمرار في حكم الجزائر لخمس سنوات اضافية. وقال متتبعون ان جبهة التحرير الوطني تكون بفضل السرعة التي بادرت بها في هذا الشان وتعبيدها الطريق للرئيس بوتفليقة نحو عهدة ثالثة، قد سحبت البساط من تحت شريكيها في الائتلاف الرئاسي وهو ما جعل احمد اويحيي يؤكد ان الامر لا يخص حزبا بعينه ما دام الامر يتعلق بتعديل الدستور. وكان عبد العزيز بلخادم الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني اول الداعين لهذا المسعي الاسبوع الماضي، وكان ذلك بمثابة اشارة للجمعيات التي تعيش علي حواف السلطة لحذو حذو حزب الاغلبية، وسارعت هي الاخري في توجيه دعوات متلاحقة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في بيانات مساندة وتأييد بمبرر إتمام المسيرة والانطلاقة التي بدأها قبل ثماني سنوات. وفي مقابل تسونامي التاييد لهذا المسعي لم تتاخر لجنة المواطنة من اجل الدفاع علي الجمهورية التي يتراسها عبد الحق برارحي وزير التعليم العالي الاسبق في عهد الرئيس الشادلي بن جديد، في انتقاد ما أسمته ب هرولة حزب جبهة التحرير الوطني والاتحاد العام للعمال الجزائريين والاتحاد الوطني للشبيبة مبررة موقفها بالفشل والضعف الذي اثبته النظام والسلطة الحالية . واشارت الي ان الوضع العام مهدد بانفجار عام في ظل انتشار الفقر والبطالة رغم الثروات التي تتوفر عليها البلاد. وهو موقفا لرفض الذي ابداه موسي تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية الذي قال انه لا يحق للرئيس بوتفليقة الترشح لعهدة ثالثة. وفي رد واضح علي هذا الرفض كتبت صحيفة البلاد الموالية لحركة مجتمع السلم ان بلخادم لجأ الي هذه الدعوة رغم امتعاض شريكيه في التحالف من النزعة التوظيفية التي اظهرها في تبنيه لهذا المطلب. واكدت ان هذا الاخير اختار التوقيت المناسب لذلك في اشارة الي تزامن الاعلان مع الزيارة الساخنة التي قام بها الرئيس الفرنسي الي الجزائر. وكتب سليمان حميش المحلل بصحيفة الخبر الصادرة بالعربية ان بلخادم لم يكن ليجهر بهذه الجرأة علي هذا الطلب ودون انتظار اجتماع المجلس الوطني للحزب (اعلي هيئة في الحزب) وما كان له ان يفعل ذلك لو لم يتلق اشارات في هذا الشان من جهات نافذة في السلطة تلميحا الي الجيش والمخابرات الجزائرية. وتفتح دعوة الترشح لعهدة ثالثة الباب واسعا امام تعديل الدستور الساري العمل به منذ سنة 1996 خلال عهدة الرئيس السابق اليمين زروال، والذي ينص علي عهدتين رئاسيتين من خمس سنوات للواحدة غير قابلة للتجديد. ولم يكن تأكيد عدة دوائر خلال الايام الماضية عن خروج الرئيس بوتفليقة من فترة النقاهة التي فرضها عليه اطباؤه واستعادته لعافيته بعد الوعكة الصحية التي ألمت به نهاية سنة 2005 الا اشارة علي قدرته خوض العهدة الثالثة. وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة انتقد في العديد من المرات النظام السياسي في الجزائر وقال انه ليس نظاما رئاسيا ولا برلمانيا في اشارة الي ضرورة تغيير الدستور وتحديد صلاحيات كل السلطات فيه.