محنة الجامعيين التونسيين في بداية الالفية الثالثة هل الجامعيون محظوظون وفخورون بانتسابهم الى الجامعة التونسية؟؟؟؟؟ مراد رقيّة لقد أوحى الي الوصول المنتظم لبعض رموز وأعلام الجامعات الأجنبية وخاصة الأوروبية منها الى تونس، لتسليم دروع وشهادات للقائمين على الأمر عندنا، فيقع الاعتزاز بهذه اللفتات ، واكرام الجامعيين الأجانب، واغداق الهدايا والامتيازات والاقامات الخالصة الأجر عليهم،فتساءلت لماذا يمنح الجامعيون الأجانب هذه المكانة المتميزة،ويقابلون كرسل،مبجلين لحضاراتهم التي تكرّم العلم والعلماء والقائمين على مؤسسات المعرفة والخبرة،بينما لا يمنح الجامعيون التونسيون(في ماعدا الموحى اليهم،والمرضي عنهم من مشايخ الطرق الجامعية،ووسطاء المافيا المعرفية)ولو جزءا بسيطا من ذلك التقدير والتبجيل،فهل السبب أن معرفتهم وجامعاتهم أرقى وأقدر وأسمى من جامعاتنا،أم لانتسابهم الى الدول الكبرى الحاكمة بأمرها داخل وخارج بلدانها؟؟؟
يعايش الجامعيون التونسيون على اختلاف أصنافهم ورتبهم،وخاصة غير المنضوين في الهياكل القائمة الرسمية وشبه الرسمية،،غير المتمتعين بالخطط والمهام والمسؤوليات الادارية والاستشارية،ظروفا قاسية تسوء يوما بعد يوم،تزاوج بين التفقير المادي المبرمج والتهميش المعرفي المقصود، أما التفقير المادي فانه يبرز بوضوح ويسر من خلال المقارنة بين المرتبات والمنح التي يتقاضاها الجامعيون التونسيون والتي هي من أضعف المرتبات بين الجامعيين العرب قبل* الأجانب،وهو ماأدى الى تقهقر مستوى معيشتهم،وحرمانهم من الحد الأدنى المضمون(الذي تكفله لهم القروض الاستهلاكية بأنواعها)ولا يقدر الجامعي التونسي في بداية الألفية الثالثة،وحتى بعد انعقاد قمة مجتمع المعلومات بتونس،من التزود بالمراجع الضرورية،والتنقل لحضور الندوات والملتقيات،واقتناء المستلزمات العصرية كالوسائط المتعددة ،والمتطورةمما ينعكس سلبا على مستوى أدائه المعرفي الذي قارب ان لم نقل أصبح يساوي مستوى التعليم الثانوي.ولا يتمتع أبناء الجامعيين حتى بالمنحة الجامعية لاعتبار مداخيلهم مرتفعة مما يحكم على الكثير من الجامعيين أبنائهم الى شعب قصيرة،أو شعب تتكفل بتكاليف الدراسة والتكوين. ولعل ماأحزنني،وزاد في اقناعي بذل وهوان الجامعي التونسي،وقتامة وضعيته التي فرضت عليه اكراما وتكريما له على تضحياته ووطنيته،أنه صادف منذ أيام أن تحادثت مع موظف يعمل بالصيدلية المركزية للبلاد التونسية،الذي أعلمني في سياق حديثنا،بأن الأعوان العاديين يتقاضون مرتبا مساو لمرتب "مساعد تعليم عالي"،وبأن الأعوان المميزين نسبيا أو رؤساء الدوائر يتقاضون مرتبا مساو لمرتب"أستاذ مساعد"بعد خمسة عشر عاما من مسيرته المهنية،فتبينت بعد ذلك حجم الكارثة وهول المصيبة وبؤس المصير المسلط على الجامعيين التونسيين الذين تحولوا الى"متسولين ذوي مستوى ثقافي رفيع"اذ لم ترتقي وتتساوى مرتباتهم حتى بمرتبات أعوان الصيدلية المركزية للبلاد التونسية؟؟؟؟؟؟؟؟ فحتى اذا اعتبرنا خضوع الجميع لسلم مرتبات الوظيفة العمومية،فكيف يبرر ياترى هذا التفاوت المجحف غير المبرر،بين أعوان مؤسسة دوائية حكومية برغم حساسية دورها في توزيع الأدوية،وبين مؤسسة رائدة محورية مهمتها تخريج الكفاءات والمهارات بأنواعها،فهل من المعقول أن يتساوى مرتب المساعد الجامعي مع مرتب"الغفير"أو "العساس"في الاصطلاح التونسي في الصيدلية المركزية التونسية؟؟؟؟؟
أما التهميش المعرفي فهو ناتج عن محدودية دخل الجامعي التونسي،وعن عدم قدرته على مواكبة الاصدارات،وحضور الندوات،وحرمانه من أدوات العمل الضرورية(في ماعدا * المؤسسات التطبيقية المنفتحة المتعاونة مع المحيط الاقتصادي)فتحولت العديد من معاهد وكليات التعليم العالي الى معاهد كبرى،ينعدم فيها البحث العلمي الذي ظل مركزا في كليات العاصمة بدرجة أساسية،فكيف يبرر هذا التفقير المادي(طبقا لمنظومة انصاف الاعلامية)المسلط سيفا على رقاب الجامعيين التونسيين،برغم أن وزارة الاشراف الماجدة تنفق الأموال الطائلة في البنية التحتية،وتكثر من المعاهد والمؤسسات عملا بنظام لا مركزية التعليم العالي تقريبا للخدمة الجامعية من مختلف الجهات والمناطق،ولا تتردد حتى في تمويل بعض مؤسسات التعليم العالي الخاص ،برغم أنها مؤسسات استثمارية خاصة،لا علاقة لها بالتعليم العالي العام،فهل أن الاستثمارفي البناءات ،والتعليم العالي الخاص،وفي تركيز الجامعة الافتراضية(برغم أن حياة الجامعيين التونسيين كادت في ذاتها أن تصبح افتراضية،وغيرذات مدلول ومضمون؟؟؟)هو أهم من احقاق حقوق الجامعيين ومساواتهم على الأقل بعسسة وأعوان الصيدلية المركزية التونسية؟؟؟
ولعل من غريب الأطوار ومن المضحكات المبكيات أن نلاحظ ،أن بعض الجامعيين التونسيين من الذين تنغلق في وجوههم السبل،ويفشلون في تحقيق فرحة الحياة الموعودة في تونس الألفية الثالثة يهاجرون الىالخارج ،فيلتحقون بامهات المؤسسات البحثية فيحققون النتائج الباهرة،ويتوصلون الى الاختراعات والاكتشافات بانواعها،فيقع استقبالهم وتكريمهم،واعتبارهم من الأبطال الفاتحين،فهل كان هؤلاء يصلون الى ما وصلوا اليه من نتائج،ويتحصلون على هذه الحظوة،وهو يعانون من الفقر المادي،والقهر الاداري،والتهميش المعرفي المفروض؟؟؟؟؟