رغم الانجازات والمكاسب التي حققتها الحركة الحقوقية بالبلاد فإن العديد من الملفات مازالت عالقة ، ولم يكن الكسب فيها في حجم المطلوب لعدة أسباب منها ما يتصل بإصرار السلطة على سياسة العقاب والتضييق والمحاصرة ومنها ما يتصل بضعف أداء المجتمع المدني وعدم قدرة الفاعلين على مراكمة المكاسب وتحصينها . يتفق الجميع أن فتح صفحة جديدة في اتجاه دولة المواطنة والمؤسسات والقانون يمرّ عبر بوابة غلق ملف المظالم وخاصة ما يندرج منها ضمن أبجديات حقوق المواطنة . وفي هذا السياق تندرج الحملة الوطنية ، التي نريدها شاملة وبمشاركة الجميع للدفاع عن حرية التنقل والحق في جواز السفر . فليس من اللائق ولا من المُستساغ اليوم وبحساب تطور مؤشر الوعي الذي بلغه المجتمع التونسي ، كما بحساب تطور مؤشر التوجه نحو فرض نمط الحكم الرشيد في العالم والإقليم من حولنا ، أن تبقى تونس في مقدمة الدول التي لا تحترم دستورها وقانونها فضلا عن احترام طموحنا الوطني العام في حكم رشيد يحترم عقد المواطنة ودستور البلاد والحقوق العامة والخاصة . واقع الحال بالبلاد يخبرنا في كل يوم بمآسي إنسانية واجتماعية عميقة نتيجة حرمان مواطنين تونسيين من حرية التنقل وجواز السفر فتعددت الشهادات المباشرة بداخل البلاد وخارجها عن عمق هذه المظلمة وشمولها لكل الشرائح العمرية والاجتماعية ، وتونس هي البلد الوحيد في العالم التي ترفض منح أطفالها الرُضّع جوازات سفر نكاية في أباءهم . ينص الدستور التونسي في الفصل العاشر على التالي: "لكل مواطن حرية التنقل داخل البلاد وخارجها واختيار مقر إقامته في حدود القانون " ، وحق دعمته ضمانات في المعاهدات الدولية التي صادقت عليها بلادنا منها العهد الدولي الخاص للحقوق المدنية والسياسية في فصله الثاني عشر . هذا ما يقوله الدستور وما التزمت به الدولة تجاه المجتمع الدولي ، أما السلطة فإنها لم تحترم دستور البلاد ولا التزاماتها الدولية ، وإلاّ ما معنى أن يُحرم مواطنون تونسيون لمجرد انهم نشطاء في الحياة العامة أو سجناء رأي سابقين من حرية التنقل داخل البلاد و السفر خارجها أو العودة الآمنة لها . إن حرية التنقل والحق في جواز السفر يندرج ضمن الأدنى من حقوق المواطنة ، وقد حان الوقت لعمل منهجي ومُنظّم على العديد من الواجهات لغلق هذا الملف نهائيا ، ونقدّر أن للجسم الحقوقي الوطني بمختلف فاعليه القدرة الذاتية على طي هذه الصفحة السوداء في ملف الحريات بالبلاد . ونحن في مبادرة الحملة الوطنية من أجل حرية التنقل والحق في جواز السفر ، نتوجه بناء لكل الفاعلين في الساحة الوطنية للتعاون والعمل المشترك وتوظيف كل الارصدة في عمل وطني جامع مصمم على غلق هذا الملف ونزعه نهائيا من الأيادي العابثة به داخل أجهزة السلطة وإدارتها . معا من أجل استعادة حرية التنقل والحق في جواز السفر .