أنصار قيس سعيد اليوم : ''تونس حرة حرة والعميل على برة''    البنين تعتزم إجلاء 165 من مواطنيها بصفة طوعية من تونس    عاجل_حادث مروحية : حياة الرئيس الايراني ووزير الخارجية في خطر    هام: انخفاض أسعار هذه المنتوجات..    الأهلي المصري يعامل الترجي بالمثل    عاجل/ الرصد الجوي يحذر من حالة الطقس ليوم غد..    الحرس الوطني: هذه آخر المعطيات المتعلقة بالهجرة غير النظامية    القنصل العام للجزائر في زيارة الجناح الجزائري بالصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    العاصمة: وقفة مساندة للرئيس قيس سعيد    الجمعية النسائية ببرقو تصنع الحدث    السيارات الإدارية : ارتفاع في المخالفات و هذه التفاصيل    اليوم : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    نابل: اختتام شهر التراث بقرية القرشين تحت شعار "القرشين تاريخ وهوية" (صور+فيديو)    هيئة الانتخابات تشرع غدا في تحيين السجل الانتخابي    إطلاق نار واشتباكات قرب القصر الرئاسي في كينشاسا    صيف 2024: 50 درجة منتظرة و شبح الحرائق حاضر    علماء يكشفون : العالم مهدد بموجة أعاصير وكوارث طبيعية    نابل: تضرّر ما يقارب 1500 هكتار : «الترستيزا» مرض خفي يهدّد قطاع القوارص    بفضل صادرات زيت الزيتون والتّمور ومنتجات البحر; الميزان التجاري الغذائي يحقّق فائضا    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    يهم مُربّيي الماشية: 30 مليون دينار لتمويل اقتناء الأعلاف    إضراب بالمركب الفلاحي وضيعة رأس العين ومركب الدواجن    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    الأونروا: 800 ألف فروا من رفح يعيشون بالطرقات.. والمناطق الآمنة "ادعاء كاذب"    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    بغداد بونجاح يحسم وجهته المقبلة    الجمعية التونسية "المعالم والمواقع" تختتم تظاهرة شهر التراث الفلسطيني    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة .. «عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    طقس اليوم: أمطار و الحرارة تصل إلى 41 درجة    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    داء الكلب في تونس بالأرقام    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



" الوطن ينادينا "مقاربة حول المطروح وطنيًا : الأستاذ عبد الوهاب معطر
نشر في الحوار نت يوم 08 - 11 - 2010

يتميٌز الوضع الحالي عمومًا بالبلاد بقاعدتين أو بمظهرين أساسيين يتحكٌمان في تطوٌره.
يتمثل المظهر الأول في استفراد الأجهزة بإدارة مصالح البلاد و العباد وفق التوجٌهات التي احتكرت اختيارها اقتصاديًا و اجتماعيًا و سياسيًا. و هذا الاحتكار المتواصل منذ سنوات لم يكن محلٌ إجماع أو توافق لا في السابق و لا في الحاضر و قد باتت سوءاته اليوم بارزة و ملموسة على صعيد الحركة الاجتماعية و الحريات و على صعيد العلاقات مع الخارج حال أنٌ ذلك لم يُُترجَم إلى الآن عمليًا في شكل سخط شعبي جامع إذ لسنا في حالة نهوض شعبي.
بيد أنٌنا من منظور استشرافي لمفردات هذا الوضع و تطورٌه في فإنٌنا نخلص إلى أنٌ السلطة لئن مازال لديها حيٌز من إمكانية التواصل و التحكٌم في الأمد المنظور فإنٌ استمرار الأوضاع على ما هي عليه سيؤدٌي إلى تفاقم السلبيٌات على مختلف الأصعدة. فمن الناحية السياسية هناك خطر حقيقيٌ من انزلاق البيروقراطية البوليسية إلى حكم المافيا و اجتماعيًا هناك إمكانية عدم استقرار و بروز سخط شعبي ستقع مواجهته بزيادة القمع. وهذا هو المظهر الأول.
أمٌا المظهر الثاني فهو وجود انفصام واضح و عدم تواصل بين النٌخبة عمومًا و الجماهير التي إلى حد الآن بقيت غير واعية في عمومها و لا منظٌمة و لا مؤطٌرة و تتموقع خارج الحقل السياسي بمفهومه الضيق. و هذا له أسباب عدٌة التي منها طبعًا الحواجز القمعية التي تحول دون التفاعل بين الشعب و النخبة الوطنية القادرة على التوعية و التأطير بما تُطرح معه قضايا حقوق الإنسان و الحريات العامٌة ...و لكن ثمٌة عنصر آخر يفسٌر أيضًا هذا الإنفصام يتمثل في أنٌه و إلى حد الآن نجحت السلطة في توفير الحد الأدنى المعاشي للناس بل أنٌ تواصل إمكانيات السلطة في هذا المجال حتى في الأمد المنظور هو أمر مُتاح لها سواءً بالتداين العائلي أو بوجود متنفٌسات عديدة سيما لوجود التمويل الخارجي للبلاد و إمكانيات التصرٌف في الثروة الوطنية و المؤسسات العمومية بشكل قد يضمن سدٌ المنافذ إلى حين.
إنٌ هذه المفارقة التي يمكن تلخيصها في قدرة السلطة على إيصال البلاد إلى بوٌابة الكارثة من جهة و غياب أيٌة معوٌقات جديٌة تحول دون ذلك من جهة أخرى تطرح على القوى الوطنية مهمٌة الإنقاذ الوطني.
إنٌ هذه المهمٌة التاريخيٌة تطرح سؤالاً يتمثٌل في هل أنٌ للشعب و للجماهير عمومًا دور حاسم في مجريات الأحداث القادمة أم أنٌ القوة المتحكٌمة في التغيير ليست بالضرورة القوى الشعبية بل هي السلطة التي تبقى قوة فاعلة و كذلك هي القوى الخارجية بالإضافة إلى التطور التلقائي للأحداث: ( مثل موت رأس الكيان السلطوي, , تغيير في المنطقة و غيرها من الأحداث الغير مُتحكٌم فيها.) فضلاً عن الدور المُناط بالنخبة الساخطة.
و أُحيل هنا إلى النقاشات و السجالات الواقعة حول دور الشعب في التغيير و مقارنته مثلاً بدوره بأوروبا الشرقية مؤخرا , ففي مصر ظهرت تنظيرات مفادها أنٌ الشعب المصري ( كما الشعب العربي عمومًا ) ليس له على مدى التاريخ أيٌ تأثير في مسألة إدارة السلطة إذ هناك نوع من العقد الاجتماعي غير المعلن بين ' الرعيٌة ' و' الراعي ' يقوم على مقولة " دعه يتصرٌف - دعنا نمر" و " نترك لك كل شيء على أن تتركنا نأكل و نشرب "' و انتهى الموضوع. و في هذا السياق أيضًا هناك آراء تقول بأنٌ الدور الأساسي و الفاعل هو للنخبة المدنية و أراء أخرى تُحيلنا إلى الدور الحاسم للقوى الخارجية و بالمقابل هناك من يعوٌلون على القوى الشعبية و حالة الثورة و العصيان.
وفي رأينا أنٌ المحدٌدات المتحكٌمة في التغيير هي في الحقيقة عناصر مركٌبة و معقٌدة تلعب فيها النخبة الفاعلة في البلاد و الفئات الشعبية و القوى الخارجية و كذلك تداعيات الأوضاع و التطورات التي تحدث خارج إرادة الأشخاص دورًا تفاعليًا في إحداث التغيير و بالتالي يجب استحضار كل هذه العوامل في أية محاولة لاستشراف أي تغيير بالبلاد. بما يفرض معه مهمٌة خلق التفاعل أو العمل على خلق التفاعل الضروري بين القوى الوطنية كجزء من النخبة و الفئات الشعبية كرافد للتغيير فعوامل التغيير الخمسة ( السلطة, النخبة, الشعب, القوى الخارجية, تداعيات الأحداث ) تمثٌل وحدة مركٌبة يتعيٌن ضبط تصوٌر و إستراتيجية عمل للتفاعل مع كلٌ عنصر منها.
و لئن كان ضبط إستراتيجية ملموسة بالنسبة للقوى الخارجية و أخرى لمواجهة التداعيات المفاجئة للأحداث أمرا مطروحا فإنٌنا في هذا النص نركٌز على الثنائي النخبة الوطنية – الفئات الشعبية في نطاق الوضع المرئي راهنًا إنطلاقًا من التسليم بأنٌ الفعل الشعبي ضروري و لازم لإحداث الإصلاح
بيد أنٌ استجلاء الوضع الحالي في تونس يضعنا في خانة الإقرار بوجود بون شاسع و هوٌة قد تضيق و قد تتٌسع بين مشاغل النخبة و مشاغل الجماهير فالناس هنا هاجسهم الأساسي ذو طابع معاشي بالمفهوم البسيط ( تعليم و صحة و نقل و أجور و تداين و شغل الخ...) و لا يهتمٌون بما هو سياسي إلاٌ بصفة عرضيٌة , و نعني هنا بالسياسي كل ما له علاقة بالشأن العام (مثل مسائل تداول السلطة و الانتخابات و استقلال القضاء و الحريات و توزيع الثروة الخ...) فعموم الشعب ليس لهم القدرة على الربط بين الأوضاع المعاشيٌة التي تردٌوا فيها من جهة و الاختيارات السياسية التي يخضعون لها من جهة أخرى حال أنٌ هذا الربط ضروري و حاسم لأيٌ حراك بما يجب استنباط الطٌرائق المكرٌسة له لتتمكٌن القوى الوطنية من ضمان انخراط الشعب في مطالبها.
فمن المشاغل التي تستنزف طاقة النخبة اليوم و التي ليس لها صدى واضح داخل صفوف الشعب نذكر مثلاً قضايا الحريات و إدارة السلطات العمومية و مسألة التداول على الرئاسة و مسألة البرلمان الممثٌل الشعب و مسألة القضاء المستقل و الخ... لكنٌ هذه المسائل كلٌها ليس لها صدى واضح و تكريس فعلي عند عموم الشعب حاليًا لذلك مثلاً بقيت حركة 18 أكتوبر نخبويٌة و الأحزاب كذلك و هذا سببه غياب الربط بين السياسي و المعاشي فالناس لم يفهموا بعد أنٌ السلطة الرشيدة هي التي تؤدٌي إلى حسن توزيع الثروة و القضاء على الفساد و غيرها من الإصلاحات و هذا هو الإطار العام الذي يجب التمعٌن فيه و العمل على تغييره كشرط أساسي لأيٌ فعل سياسي مُجدي.
و في هذا المضمار فإنٌ إستحضار الوضع في تونس اليوم يحيلنا إلى الوقوف على مختلف القوى الفاعلة أو المؤهٌلة للفعل فيه.
ففيما يخصٌ السلطة و أجهزتها فإنٌ شغلها الرئيسي يمكن حصره في مسألة لاهبة و هي إدارة البلاد فيما بعد 2014. فالهاجس الأساسي لأجهزة السلطة هو مواصلة الحكم و سد المنافذ عن أيٌ تطوٌر يُفرض عليها من خارجها سواءً من الداخل الشعبي المجتمعي أو الخارج الدولي المتردد في مساندتها, و أنٌ السلطة في ذلك حصرت نفسها بين فكٌي كمٌاشة هي التوريث أو التمديد فقط فليس لديها في الأفق أيٌ حلٌ من خارج هذه الكمٌاشة بمعنى أنٌ ما نلحظه اليوم هو أنٌ مسألة التوريث أو التمديد مازالت تشكٌل الآن بنية واحدة لم تنفصل عن بعضها إذ لا وجود داخل السلطة لكتلة للتوريث و أخرى للتمديد و بالتالي ليس هناك صراع حقيقي ملموس بين دُعاة التوريث و دُعاة التمديد بل هناك اتٌفاق على الوحدة بينهما في مواجهة الآخر الداخلي المعارض أو الخارجي المنتقد بدون وضع تصوٌر ثالث غير التمديد أو التوريث مثل بروز قوة من داخل الجهاز حاملة لمشروع آخر.
أمٌا فيما يتعلٌق بتداعيات الأحداث المحتملة فثمٌة صعوبة حقيقية في التنبٌؤ أو في التحكٌم في المفاجآت مثل الموت الفجئي أو العجز للرئيس أو اختلال موازين القوى يعني أنٌنا لا نعرف ما يمكن أن يحدث سيما أنٌ الأجهزة الأخرى مثلاً البوليس و العسكر ليس لدينا أي معلومات واضحة حولها و كذلك القوى الخارجية التي نجهل توجٌهاتها بدقٌة في هذا السياق و بذلك فإنٌ الأمر يطرح بهذا المعنى إشكالات عديدة بما لا يمكن معه الإشتغال على احتمالات محددة ,
أمٌا فيما يتعلٌق بالتجمع الدستوري فإنٌه كان و لا يزال أداة في يد البوليس و في يد أجهزة قرطاج ويذلك فهو شديد التأثر بما يجري داخل قصر قرطاج لهذا فهو يعيش حاليا نوعا من الإرهاصات في علاقة مع مأزق الاختيار النظري بين التوريث أو التمديد أي بين جماعة ليلى الذين يدعون إلى التوريث و جماعة بن علي الذين يرغبون في التمديد الذي يليه التوريث. يجب أن يكون واضحًا أنٌ دعاة التمديد لا يريدون التمديد المفتوح على أفق ديمقراطي بل يريدون التمديد من أجل ضمان ظروف أحسن للتوريث مستقبلاً. و الأمر يتعلٌق إذن بأطراف تدعو إلى التوريث الحال أي الآن أو هنا و هم جماعة ليلى و هناك من يدعو إلى إرجاء التوريث داخل العصابة الحاكمة لإعداد شروطه من هنا لما بعد 2015. و هذا الإختلاف بين الطرفين أتصوٌر أنٌه لن يحتدٌ إلاٌ عند مرض الرئيس مثلاً أو عجزه الفجئي و من ثمٌة فإنٌهم داخل السلطة ليسوا الآن في لحظة الحسم و بالتالي فإنٌ هذا الاختلاف لم ينعكس بشكل ملموس و واضح داخل التجمع الدستوري في شكل صراع بين تيارات أو أجنحة.
هذا فيما يخصٌ التجمع الدستوري أمٌا بالنسبة لأحزاب الموالاة ( الوحدة الشعبية – الخضر – الإشتراكي الديمقراطي – القومي – الليبرالي ) فهي تمثل راهنًا الإحتياطي للسلطة و لأجهزتها لكنٌ ما يجب إفتراضه هو أنٌ تموقعها كذلك قد لا يكون بناءا أو وليد اختيار حر بل نتاج إكراهات الإستبداد و تفاعل هذه الأحزاب سلبًا مع هذه الإكراهات بما أسقطها في الوقائعيٌة بما يجعل إحتمال إمكانية إعادة تموقعها لصالح القضايا الوطنية أمرًا واردًا متى توفٌرت شروطه.
و بجانب أحزاب الموالاة برز مؤخرًا تحالف المساواة و المواطنة ( حركة التجديد – التكتٌل – العود – الإشتراكي الموحٌد – طيف من الشخصيات المستقلٌة ) الذي حصر نفسه في مجرٌد الطموح للمشاركة مع السلطة و طمأنتها و محاولة ترويضها إلاٌ أنٌه يتعيٌن عدم إهمال أنٌ هذا الفصيل يشترك إلى حد مع النخبة الوطنية الراديكالية في المطالب الحقوقية و في الطموح نحو التغيير السياسي لكن يختلف معها في مفردات التغيير و أسلوبه.
أمٌا القوى الراديكالية ( الديمقراطي التقدمي – النهضة – المؤتمر – العمالي الشيوعي – 18 أكتوبر- عديد الشخصيات الوطنية و النقابية ) فهي تمثل في توجٌهاتها العامة الرفض المبدئي للديكتاتورية و الفساد و تطرح الإصلاح الشامل على أنقاض الإستبداد و لذلك فهي كانت و مازالت و ستظلٌ في الأمد المنظور مستهدفة للقمع و المحاصرة لكنٌه لا خيار لها إلاٌ مواصلة حمل راية الإنقاذ الوطني.
و الأهم من كلٌ ذلك هو أنٌ هذه القوى الرافضة / المستهدفة هي راهنًا و حاليًا غير قادرة على التأثير المباشر في مستجدٌات و مسارات الوضع و بذلك فإنٌها لا تدخل اليوم على حالتها ضمن قوى الحسم الآن وهنا إلاٌ بصفة عرضيٌة بما يطرح عليها عاجلاً ترتيب أوضاعها بما يُتيح لها على الأقل الدخول ضمن دائرة الضغط في هذا الإتجاه أو ذاك في مرحلة أولى و بما يُتيح لها في مرحلة ثانية إمتلاك عناصر القوة للتموقع و الفعل من أجل إنقاذ البلاد و إحداث التحول الوطني المنشود.
فهل هناك صيغة عمليٌة لبناء قوة قادرة في الأمد القريب على التأثير و الضغط في مجريات الأحداث في أفق 2014 ؟ بما يكون منطلقًا لتأسيس عناصر القدرة على الحسم في الأحداث في الأمد المتوسط ؟ و ماهي الشرائح المعنيٌة و تلك التي يمكن دفعها للإنخراط في هذا المسار ؟ و على أيٌة أرضية ؟
إنٌ أيٌة مقاربة صائبة لحلٌ هذا الإشكال لابدٌ أن تأخذ بعين الإعتبار إكراهات الواقع المبيٌنة أعلاه و أن تتأسٌس أيضًا على محدٌدات أساسية نذكر منها خاصة :
1 - الإيمان بأنٌ للقوى الشعبيٌة دور في مستقبل البلاد و تكريس تبعات ذلك بإدخال الشرائح الاجتماعية و السياسيٌة المختلفة في ديناميكيٌة الفعل بما يتطلٌب:
- إيجاد صيغ عمل من شأنها تجسيد أو الحدٌ من الدور الإجهاضي للقمع.
- تكتٌل مختلف القوى الاجتماعية و السياسية حول مجموعة محدٌدات / مطالب واضحة
مقبولة من أوسع الجهات و الفئات.
2 – الإقرار بأنٌ الصيغ القديمة و تلك الممارسة حاليًا من طرف القوى السياسية المختلفة ( الرٌافضة و الوسيطة و الموالاة ) فشلت في تشكيل قوٌة مؤثٌرة في الأحداث
3 – الخروج من النظرة الفئويٌة و الحزبية الضيٌقة و إعلاء شعار أنٌ " الوطن ينادينا " مهما كان موقعنا و مصالحنا بما يكفل جلب أوسع الناس للعمل ضمن أرضيٌة عمل واسعة يجدون أنفسهم فيها
أو على الأقل لا يملكون وسائل منطقية لرفضها.
لكن ما السبيل إلى تجسيد مثل هذا الطموح عمليًا حال أنٌ معوقات كبيرة تحول دونه, فلا عقد مؤتمر وطني لوضع هذه الأرضية و ضبط آليات ممارستها هو أمر ممكن , و لا وجود لقوٌة سياسيٌة تطرح مثل هذا المنظور و يمكن الالتفاف حولها. و لذلك فإنٌ المتاح حاليًا هو البدء في إحداث حراك في هذا الاتجاه يقوم على مبادرة وطنيٌة تلتزم بالمحدٌدات المبيٌنة أعلاه و تضمن التفاعل الإيجابي مع الوضع السياسي الرٌاهن و المتطوٌر داخل البلاد بما يجعلها ذات شقٌين متكاملين أولهما ينصبٌ على معالجة مجريات الواقع السياسي الراهن المحكوم بمأزق السلطة بين التوريث و التمديد على النحو المبيٌن أعلاه و ثانيهما يسكنه هاجس توسيع الحقل السياسي و دفع أوسع الشرائح للإنخراط فيه.
فعلى المستوى الأول تقوم المبادرة على البناء على إجتماع جينيف 1 ( جوان 2009 ) و ذلك بدعوة مختلف الأحزاب و التيارات إلى الالتقاء من هنا إلى آخر السنة الجارية ( 2010 ) لبلورة خريطة طريق مشتركة لمواجهة مشروع التوريث أو التمديد و ضبط جملة مطالب / مهام تسعى إلى الترويج لها في الثلاث سنوات القادمة في الأوساط السياسية و الشعبيٌة و خوض المعارك من أجل تحقيقها. و تبقى صيغ التوصٌل إلى ترتيب هذا اللقاء و إعداده محلٌ إتٌفاق بين المعنيين.
أمٌا على المستوى الثاني لهذه المبادرة و بالتوازي مع المنشط الأول فيمكن أن تبدأ بضبط مشروع أرضيٌة جامعة يكون مضمونها بالأساس جملة من المطالب أو المهام التي تضمن انخراط أوسع الفئات و الأشخاص و مساندتهم لها لصعوبة رفضهم لها و يتجسٌد ذلك بالتوافق حول " بيان وطني " MANIFESTE NATONAL يتضمٌُن بالأساس الإصلاحات الضروريٌة للأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية اللازمة لتونس في الأمد المتوسٌط و التي يحدث حولها وفاق أو إجماع بين النخبة الوطنيٌة مهما كان موقعها بما يؤدٌي إلى تعبئة أوسع الجماهير حولها.
و إنٌ مضمون هذا البيان الوطني و محتوياته و عناصره إن كان يتحدٌد بصفة نهائيٌة على إثر التفاعل و النقاش بين المشاركين مستقبلاً فيه فإنٌه مطلوب من المبادرين وضع مشروع مسودٌة له و إحداث آلية تتعهٌد بالترويج له و صقله و إكماله بمختلف الأساليب بما فيها إحداث وحدة تفكير تتعهٌد بذلك. ( يتبع )
صفاقس في 12 سبتمبر 2010
مصدر الخبر : بريد الحوار نت
a href="http://www.facebook.com/sharer.php?u=http://alhiwar.net/ShowNews.php?Tnd=11380&t=" الوطن ينادينا "مقاربة حول المطروح وطنيًا : الأستاذ عبد الوهاب معطر&src=sp" onclick="NewWindow(this.href,'name','600','400','no');return false"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.