أطلقت مجموعة ليبية لم تكشف عن هويتها هذا الأسبوع حملة واسعة على موقع فيسبوك تحمل شعار "لا للجاسوسية" لطرد السفير الأميركي في طرابلس جين كريتز. وتعكس الحملة غضب ليبيا من تسريب وثائق سرية أميركية على موقع ويكيليكس يسلط فيها السفير كريتز الضوء على جوانب شخصية من حياة الزعيم الليبي معمر القذافي. وقد وصفت الحملة كريتز بأنه "جاسوس" و"مدسوس" وتتهمه بالمساعدة في قتل أبرياء غزة على خلفية عمله نائبا للسفير الأميركي بتل أبيب قبل تمثيل خارجية بلاده بليبيا في ديسمبر/كانون الأول 2008.
أحقاد دفينة وجاء على الصفحة الإلكترونية أن السفير أنحى إنحاء غير أخلاقي ويحمل أحقادا "دفينة" تراكمت في عقله وطغت على سلوكياته التي تناقض ما تنص عليه أدبيات العمل الدبلوماسي والعلاقات الخارجية مع الدول. وتشير الصفحة إلى أنه بدأ بتدوين ملاحظات غير ذات جدوى وليس لها علاقة بسير الأمور بين البلدين، كما أنه اعتمد على تحليلاته الشخصية وتعمد "إضافات وإيحاءات وإسقاطات" تخصه، "حاول أن يوظفها أو أن يسمم بها الأجواء التي بدأت تأخذ طابع الصداقة بين ليبيا وبلاده". وتعتقد صفحة تحمل اسم "القذافي يتحدث" أن ما قام به السفير جاء في إطار التجسس، حيث "لم يحترم لا علاقات ولا مبدأ ولا قيما ولا أخلاقا". وكتب المحامي أيمن المسماري في مداخلته على الصفحة أن السفير الأميركي غير مرغوب فيه وفقا للقانون الدبلوماسي، "لذلك إذا لم يغادر الأراضي الليبية" ولم تقم دولته بإجراءات مغادرته ف"على الدولة الليبية القبض عليه وتوقيفه". وتحدث الناشر علي جابر للجزيرة نت عن دوافع انضمامه للصفحة، وقال "قرأنا طلب ليبيا من أميركا مغادرة دبلوماسي قام بعمل لا يتعلق بمهامه الدبلوماسية قبل أيام، وهو ما يؤكد مطالبتنا بأن تكون مهمة السفارات هي تمتين العلاقات وأن تبتعد عن الجوسسة والتدخل في شؤون الدول الداخلية".
فضائح السفراء ودافع رئيس مؤسسة الصحافة سابقا أبو القاسم صميدة عما أسماها "شجاعة الجماهيرية"، التي قال إنها لا تخجل من طرد السفير الأميركي. وبحسب صميدة فإن "لا للجاسوسية" هي "رد فعل شعبي على عدم لياقة السفير الأميركي"، معتبرا في حديث للجزيرة نت أن السفراء "أدوات محبة وتقارب بين الشعوب" وليسوا "أداة نميمة"، مضيفا أن ما كشفه ويكيليكس يعبر عن مأزق في الدبلوماسية الأميركية، وقال "إذا كانت هذه حقيقة دبلوماسيتها فهذا أمر مقزز". ويناصر الكاتب محمد بعيو استبدال السفير الأميركي باعتباره "غير مرغوب فيه" بدل طرده. ويعلل عدم الرغبة في السفير بأنه "لم يقدم النموذج الحقيقي للدبلوماسي المحترم الذي يترفع عن الصغائر". ويقول إن دولا كثيرة ستدفع إلى طلب تغيير سفراء أميركا بها، وإن دولا متعددة سوف تتردد قبل الموافقة على سفراء أميركا الجدد. وطالب الجميع بإعادة النظر في أوضاعهم بعد أن أصبح في العالم ويكيليكس. ولم يتسن للجزيرة نت معرفة ما إذا كانت هذه الحملة عفوية أو "ممنهجة"، رغم أن أغلب الذين أبدوا رضاهم عنها محسوبون على النظام. وفي وقت اعتذرت فيه السفارة عن التعليق، أرسل السفير كريتز نسخة من بيان سابق للجزيرة نت تأسف فيه بشدة للكشف عن أي من تلك المعلومات التي كان من المفروض أن تكون سرية، مؤكدا أنه لا يستطيع الجزم بمدى صحة الوثائق المنشورة. وفي اعتقاده أن أصحاب النوايا الحسنة يدركون أن التقارير الدبلوماسية الداخلية لا تمثل السياسة الخارجية الرسمية للحكومة، "وهذه التقارير في الولاياتالمتحدة هي عنصر من عناصر عديدة تشكل سياساتنا".