دعت الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في تونس إلى وضع ميثاق وطني تمضي عليه كل الأطراف وتلتزم بمبادئه الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية ومكونات المجتمع المدني ليشكل إطاراً لعمل المجلس ولتصوراته حول مستقبل تونس، مع إقرار عدم المساس بثوابت وأسس الجمهورية وعدم التفريط في المكاسب التي تحققت في البلاد منذ دستور عهد الأمان (1857) وذلك درءاً لارتداد البلاد إلى حقب التخلف والرجعية. وخلال مناقشة المرسوم المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي الذي سيضع دستوراً جديداً للبلاد أكد المتدخلون ضرورة أن يعكس المجلس الوطني التأسيسي تطلعات ومطامح الشعب التونسي بمختلف أطيافه الفكرية والسياسية وأن يكون مفتوحاً أمام كل شرائح المجتمع، لا سيما الشباب الذي صنع ثورة 14 يناير ونجح في تخليص البلاد من نظام الظلم والاستبداد. وشدد أعضاء الهيئة على أهمية فتح باب الترشح للانتخابات المزمع إجراؤها في 24 يوليو/تموز المقبل أمام جميع شرائح المجتمع "دون إقصاء أو تهميش" مع النزول بالسن الدنيا للترشح إلى 21 سنة عوضاً عن 23 سنة. كما طالب بعض المتدخلين بعدم إقصاء القضاة من حق الترشح لعضوية المجلس الوطني التأسيسي وإخضاع مراقبة عمليات تمويل الحملات الانتخابية لدائرة المحاسبات وتكريس مبدأ المناصفة في تمثيل المرأة والرجل صلب المجلس، معبرين عن رفضهم اللجوء إلى الإعلام الأجنبي للقيام بالحملات الانتخابية. كما شدد أعضاء الهيئة على ضرورة عدم تمكين رموز النظام السابق وكل من تحمل مسؤولية في هياكل الحزب المنحل "التجمع الدستوري الديمقراطي"، سواء المحلية أو الجهوية أو الوطنية، من حق الترشح للانتخابات المقبلة، تجسيداً للقطع التام مع النظام البائد وتماشياً مع تطلع الشعب التونسي إلى نظام ديمقراطي يكرس حق المواطنة. ودعوا إلى ضمان حياد الإدارة خلال مختلف مراحل العملية الانتخابية على اعتبار أن "الادارة التونسية مازالت مكبلة بعقلية النظام البائد ولم تتعاف تماماً من الأمراض التي كانت تشكو منها". وخلال النقاش حذر ممثلو بعض الأحزاب السياسية من إمكان أن يسهم اختلاف الرؤى بين الحساسيات الفكرية والسياسية التونسية بشأن مواضيع الهوية والدين والحريات والمساواة في تقويض الجهود الرامية لتشكيل مجلس وطني تأسيسي نابع من إرادة المجموعة الوطنية وأن يتم الزج بالبلاد في صراعات جهوية وقبلية تهدد مكاسب البلاد. كما طالبوا بإشراك الخبرات التونسية من أبناء الجيل الثاني للهجرة في المجلس الوطني التأسيسي لا سيما الخبرات المشهود لها بالكفاءة في عدد من الهياكل والمنظمات الدولية والقادرة على إفادة البلاد في هذا الظرف الحساس الذي تمر به. وحذرت أطراف أخرى من "الاعلام المقنع والإعلام المموه" ومن مغبة توظيفهما للتأثير على الناخبين تماماً كالتوجه نحو الإعلام الأجنبي للترويج لأفكار وأطروحات أطراف دون أخرى. وشدد عياض بن عاشور رئيس اللجنة على ضرورة استعادة البلاد لحياتها الطبيعية حتى يتسنى الاستجابة لمطالب الشعب والقيام بالإصلاحات المنتظرة التي "يتصدرها إصلاح العدالة الاجتماعية المرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنظام الجبائي الذي يستوجب بدوره إصلاحاً جذرياً". وأكد بن عاشورأنه إذا ما جرت الانتخابات في الموعد المحدد لها "فإن مدة ستة أشهر أو سنة في أقصى الحالات بإمكانها أن تكون مدة كافية لوضع دستور جديد للبلاد يخلصها من رواسب الماضي ويخطو بها خطوات جادة نحو الأمام".