جائزة رمضان ......العتق من النّار رضا الرجيبي في القريب الماضي كنّا ننتظر شهر رمضان بشوق وتلهّف حتّى أقبل علينا بأيامه الفاضلة ولياليه المباركة ومعه مفاتيح الرحمة والغفران، وهاهي أيّامه تطوى ولياليه تقضى ويا لفوز الفائزين وفرحتهم بجائزة الرحمان،جائزة تنتظر كلّ من اقتفى أثر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وسار على هديه في هذه العشر الأواخر التّي كان صلّى الله عليه وسلّم إذا أقبلت شمّر لها وشدّ مئزره فصام نهارها وأحيا ليلها فعن عائشة رضي الله عنها قالت"كان رسولالله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل , وأيقظ أهله , وجدَّ وشدَّالمئزر"رواه البخاري،وعنها رضي الله عنها قالت"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد فيالعشر الآخر ما لا يجتهد في غيره"رواه مسلم وعن أبي هريرة قال"كان رسول الله صلى الله عليه وسلميعتكف في كل رمضان عشرة أيام , فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين" هذا هو هدي الحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلّم وهذا سَمْتُهُ في هذه الأيّام المباركات وجدّه في اغتنام الخير والاغتراف من الثواب والزيادة في التّعبّد أكثر من المعتاد وذلك معنى "التّشمير"، ومعنى "أحيا الليل" أي استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها وهو الّذي غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر كما ورد عن عائشة رضي الله عنها، ورغم ذلك كان يقوم حتّى تتورّم قدماه الطّاهرتين ويقول"أفلا أكون عبدا شكورا" وفضائل هذه الأيام لم تنته ففيها ليلة خير من ألف شهر، فيها نزل أفضل ما أوحى الله على خير الخلق صلّى الله عليه وسلّم وفيها يفرق كل أمر حكيم قال الله تعالى: "حم. و الكتاب المبين. إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين. فيها يفرق كل أمر حكيم. أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين. رحمة من ربك إنه هو السميعالعليم" سورة الدخان ,قال ابن عبّاس رضي الله عنه"فيها يفرق كل أمر حكيم" أي تقدر في تلك الليلة مقادير الخلائق على مدى العام،فيكتب فيها الأحياء والأموات والناجون والهالكون والسعداء والأشقياء والعزيزوالذليل والجدب والقحط وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة". وفي معنى القدر أقوال منها أنّ معناه الرفعة والتعظيم أي أنها ليلة ذات قدر، لهذه الخصائص التي اختصت بها، أو أن الذي يحييها يصير ذاقدر،وللخليل بن أحمد في معنى القدر قول جميل"إنما سميت ليلة القدر، لأن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة، من "القدر"وهو التضييق، قال تعالى: "وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه" سورة الفجر أي ضيق عليه رزقه". فهي ليلة مباركة، أنزل فيها القرآن وتتنزل فيها الملائكة حتّى تضيق بهم الأرض ويفرق فيها كلّ أمر حكيم وهي خير من ألف شهر وهي سلام... ما أعظم هذه الليلة وما أكثر فضائلها، فيا لحظ من ربحت فيها تجارته مع الله وكان من العتقاء من النّار، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم"من قام ليلة القدر إيماناًواحتساباً غفر له ما تقدم من ذنب" متفق عليه. لقد اقترب موعد الفراق مع شهر رمضان ولعلّنا لا نلقاه بعد عامنا هذا فنعض الأنامل ندما ونذرف الدموع حسرة على تفريطنا ولا ينفع ندم ولا تفيد حسرة. و العاقل من قانص فرص الخير واغتنمها وفاز بها، فهيّا بنا نشمّر كما شمّر النّبي صلّى الله عليه وسلّم ونجد ونجتهد في الصلاة حاضرة ونرابط في المساجد ونطلق العنان لأصواتنا بالتلاوات ونذرف الدموع على ذنوبنا ونبسط أيادينا بالصّدقات والعطايا فلو فعلنا لنكونن من الفائزين،فلَلَّهُ أرأف بنا من أمّهاتنا اللاّئي ولدننا. قال أحد الصّالحين"اللهم إنك تعلم أنّ امّي هي أرحم النّاس بي وأنا أعلم أنّك أرحم بي من أمّي وأمّي لا ترضى لي الهلاك والعذاب أفترضاه لي أنت وأنت أرحم الرّاحمين"