"أخيرا تنفست الصحافة التونسية نسائم الحرية" التي هبت على تونس إثر ثورة 14 كانون الثاني/ يناير الماضي، هذه الجملة تتداولها الأوساط الإعلامية والسياسية في تونس خلال هذه الأيام بعد وضع الصياغة النهائية لقانون الصحافة الجديد الذي يلغي القانون القديم الذي عانى من سطوته الصحفيون التونسيون الكثير من المتاعب وصلت إلى حد المضايقات والسجن ومنه إصدار الصحف وبث الإذاعات الخاصة. وكشفت مصدر في اللجنة الفرعية للإعلام التابعة للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة أنه تم إعداد الصيغة النهائية لقانون الصحافة بعد مشاورات شاقة ومكثفة مع كل الأطراف المعنية. وأضاف المصدر أن مشروع القانون الذي جاء ليستجيب لتطلعات الصحفيين التونسيين والمجتمع التونسي عامة إلى إعلام حر وديمقراطي سعرض على أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي بهدف تعميق النظر في محتواه وإبداء الرأي. ويعلق الصحافيون التونسيون آملا كبيرة على القانون الجديد ويطالبون بالقطع نهائيا مع مضامين القانون القديم الذي كان سيفا مسلطا على الصحفي مما أنهك المشهد الإعلامي التونسي وأفرغه من أي محتوى جدي ما جعل وسائل الإعلام مجرد وسائل بدعاية بيد نظام ين علي يستخدمها كيف ما شاء. وقال رئيس اللجنة الفرعية للإعلام التابعة للهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة رضا جنيح أنه تم إجراء إصلاحات عميقة على قانون الصحافة القديم الذي تجاوزته الأحداث مضيفا أن الإصلاحات شملت بالخصوص ضمان حقوق الصحفيين عفي ما يتعلق في الحصول على المعلومة وسرية المصادر وإلغاء نظام الترخيص المقنع وإحداث هيئة عليا للإعلام السمعي البصري هذا إضافة إلى حذف العقوبة السالبة للحرية في جريمة ثلب النظام. وكثيرا ما طالب الصحفيون التونسيون بتطوير قانون الصحافة باعتباره يقف حجرة عثرة أمام صحافة حرة وموضوعية تعبر بكل جرأة عن المشاغل الحقيقية للتونسيين، لكن الثورة فسحت المجال أمام الصحفيين التونسيين للتخلص تماما من القانون القديم واستصدار قانون جديد. ووفق تصريحات جنيح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء الحكومية فإن مشروع القانون كان محل تشاور كبير ومعمق مع مختلف الفعاليات السياسية والإعلامية والشخصيات الوطنية وهي الهيئة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال، والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، واتحاد الناشرين، والجمعية التونسية لمديري الصحافة، والنقابة التونسية لمديري مؤسسات الإعلام والاتصال. ويلغي القانون الجديد الإجراء القديم المتمثل في إمكانية تدخل وزير الداخلية لإيقاف إصدار صحيفة، وإقرار مبدأ الإصدار بدون ترخيص مسبق من أي جهة كانت، بما يجعل مجرد التصريح لدى مصالح الوزارة الأولى المكلفة بالإعلام كافيا لإصدار أي دورية. كما نص مشروع القانون على منع كل ما من شأنه أن يعيق حرية تداول المعلومات والأخبار او يعيق تكافؤ الفرص بين مختلف مؤسسات الإعلام أو حق المواطن في إعلام حر وتعددي وشفاف. وأكد جنيح في مشروع القانون يحمي سرية المصادر، ويمنع مساءلة الصحفي من اجل رأي أو الآراء التي يبديها في إطار قواعد المهنة وأخلاقياتها، أو المعلومات التي ينشرها في نطاق أدائه لمهامه. ويتزامن وضع قانون الصحافة الجديد في تونس مع انفجار صحفي وإعلامي لافت بعد أن تم السماح لعشرات الصحف بالصدور والإذاعات الخاصة بالبث ما جعل الصحفيين والإعلاميين يعبرون عن ارتياحهم لتعاطي السلطات مع حرية الإعلام.