وذكّر فإنّ الذّكرى تنفع المؤمنين الجمعة 22 شعبان 1430 هجري الموافق ل 14 أوت 2009م بسم الله الرّحمن الرحيم
والصّلاة والسّلام على أفضل الخلق محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. "أخوّتنا قبل كل شيء"
يقول الله جلّ جلاله: {فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا}آل عمران103 شجعتني تعليقاتكم واقتراحاتكم ومكالمتكم ) أسأل الله أن لا تغرّني ) على العودة إليكم فجزاكم الله عن الإسلام كل خير وبارك فيكم. أما بعد فأقول وبالله التوفيق: عندما نصعد إلى مكان عال وننظر إلى الأسفل نرى الناس كلهم سواء لا نعرف كريمهم من بخيلهم وحليمهم من أحمقهم وجميلهم من قبيحهم ... بالضبط كالماء الذي بينه وبين الماء الآخر برزخ ، فلا يعرف العذب من المالح إلا بالمذاق ولا نعرف الرجال إلا بالصحبة والمعاشرة، فمحبتنا مذاقها عذب فرات وأخوتنا واجبة { إنما المؤمنون إخوة} الحجرات10. ليس المؤمنون إلاّ إخوة، جمعتم رابطة الإيمان فلا ينبغي أن تكون بينهم عداوة ولا شحناء ولا تباغض ولا تقاتل\"يقول النبي الكريم { المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا } وشبّك صلى الله عليه وسلم بين أصابعه - حديث صحيح. ويقول سيدنا علي رضي الله عنه: إن أخاك الحقّ من كان معك... ومن يضر نفسه لينفعك ومن إذا ريب الزمان صدّعك... شتت فيه شمله ليجمعك أيها الأحباب، أيها الإخوة، أيتها الأخوات الفضليات: إن المؤمن يعرف أخاه المؤمن من أول نظرة وأعتقد أن كل واحد منّا قد مرّت به حادثة من الحوادث أو صورة في سلمه أو سجنه أو غربته أو هجرته :{ولو أن مؤمنا دخل إلى مجلس فيه مائة منافق ومؤمن واحد لجاء حتى يجلس إليه، ولو أن منافقا دخل الى مجلس فيه مائة مؤمن ومنافق واحد لجاء حتى يجلس إليه } أخرجه البيهقي مرفوعا وموقوفا عن ابن مسعود. أيها الإخوان أيتها الأخوات اسمعوا جيّدا، كل الروابط والوشائج والعلاقات والقرابات تنقطع إلاّ ما كان لله : { الأخلاّء يومئذ بعضهم لبعض عدوّ إلا المتّقين } الزخرف 67 . قال سيدنا علي رضي الله عنه \" { خليلان مؤمنان وخليلان كافران ... فتوفي أحد المؤمنين وبشر بالجنة, فذكر خليله فقال: اللهم إنّ فلاناً خليلي كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر، وينبئني أني ملاقيك، اللهم فلا تضله بعدي حتى تريه مثلما أريتني، وترضى عنه كما رضيت عني، فيقال له اذهب فلو تعلم ماله عندي لضحكت كثيراً وبكيت قليلاً قال: ثم يموت الآخر فتجتمع أرواحهما فيقال: ليثنِ أحدكما على صاحبه فيقول كل واحد منهما لصاحبه: نعم الأخ ونعم الصاحب ونعم الخليل. وإذا مات أحد الكافرين وبشر بالنار ذكر خليله فيقول: اللهم إن خليلي فلاناً كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك. ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير، يخبرني أني غير ملاقيك. اللهم فلا تهده بعدي حتى تريه مثل ما أريتني وتسخط عليه كما سخطت علي. قال: فيموت الكافر الآخر فيجمع بين أرواحهما فيقال: ليثنِ كل واحد منكما على صاحبه فيقول كل واحد منهما لصاحبه: بئس الأخ وبئس الصاحب وبئس الخليل } رواه ابن أبي حاتم - تفسير إبن كثير. صوّروا يا إخوتي الأفاضل ويا أخواتي الكريمات حتّى في القتل والدّية يذكّرنا ربّنا عزّ وجلّ بالأخوّة { فمن عفي له من أخيه شيء } البقرة178 . يقول سماحة الأستاذ العلاّمة محمد الطاهر بن عاشور: هو وليّ المقتول، وإنّ المراد بأخيه هو القاتل وُصِفَ بأنّه أخ تذكيرا بأخوّة الإسلام وترقيقا لنفس وليّ المقتول لأنه إذا اعتُبرَ القاتل أخًا له، كان من المروءة ألاّ يرضى بالقَوَدِ منه لأنه كمن رضي بقتل أخيه. فقد قال بعض العرب: قتل أخوه إبنًا له عمْدا فقدّم إليه ليقتادَ منه فألقى السيف وقال: أقول للنفس تأساءً وتعزيةً ** إحدى يديّ أصابتني ولم تُرِدِ كلاهما خَلَفٌ من فقد صاحبه ** هذا أخي حين أدعوه وذا ولدي اللهمّ إنّا نسألك إيمانا لا يرتدّ ونعيما لا ينفذ وقرّة عين لا تنقطع ومرافقة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم في أعلى جنان الخلد، واجعلنا إخوانا متحابين فيك. ونختم بما رواه الطبراني عن أبي هريرة:{إن المؤمنين إذا التقيا فتصافحا وتساءلا أنزل الله بينهما مائة رحمة تسعة وتسعون لأبشّهما وأطلقهما وأبرهما وأحسنهما مسائلة لأخيه } وما رواه ابن حبان والحاكم: قال النبي الكريم{ ما تحابّا إثنان في الله إلا كان أحبهما إلى الله أشدّهما حبّا لصاحبه } والحمد لله دائما وأبدا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم عبد الستار بن مختار ونيس (أصيل شنني قابس) كتب في مدينة بون / بألمانيا